يعد القرار التاريخي الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في القضية التي رفعتها جمهورية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة وخرق التزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها يعد انتصارا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وتحولا تجاه تحقيق العدالة الدولية للشعب الفلسطيني.
صحيح أن قرارات المحكمة لم تدع إسرائيل لوقف إطلاق النار لكنها دعتها إلى إقرار تدابير إجرائية فورية من شأنها أن توقف ارتكاب إسرائيل لجرائم قتل الفلسطينيين وإلحاق الاذى الجسدي أو المعنوي بهم وإخضاعهم لظروف
معيشية تستهدف التدمير المادي لهم وتوفير الاحتياجات الانسانية، اي أنها دعت إلى وقف القتل ووقف تدمير كل مقومات الحياة في غزة ووقف اي توجه لدى اسرائيل نحو الابادة الجماعية.
قرارارت محكمة العدل الدولية قرارات مصيرية تذكر العالم أن لا يوجد دولة فوق القانون، وأن العدل يسري على الجميع، ومن المفروض أن تضع هذه القرارات حدا لعقود من الاحتلال، والتطهير العرقي، والاضطهاد، والفصل العنصري الذي تمارسه إسرائيل.
كما عبرت في الوقت نفسه عن فشل إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، في تقديم أي دليل مقنع للمحكمة بأنها لا تنتهك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، بل قدمت للقضاة أكاذيب وروايات مسيسة ومفضوحة رفضتها المحكمة الدولية.
وما من شك في أن التطبيق الفوري للتدابير المؤقتة التي تضمنها قرارات المحكمة تستهدف توفير الحماية للفلسطينيين من خلال
توقف إسرائيل عن ارتكاب جرائم قتل الفلسطينيين وإلحاق الأذى الجسدي أو المعنوي بهم، أو إخضاعهم لظروف معيشية تستهدف التدمير المادي لهم، بالإضافة إلى
مطالبة المحكمة إسرائيل بضمان توفير الاحتياجات الإنسانية والإغاثية الملحة في قطاع غزة بشكل فوري وضرورة احترام وتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية باعتبارها الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة والزام إسرائيل بالتنفيذ الفوري لكافة التدابير التي وردت في قرارارتها، والتي تمثل بداية المسار لانفاذ قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني بشأن توفير الحماية للشعب الفلسطيني، ووضع حد للاعتداءات على المدنيين وصولا إلى إنهاء الازمة.
بقي أن نشير إلى أن قرار الأمين العام للامم المتحدة انطونيوغوتريس إحالة اخطار بالتدابيرالمؤقتة التي فرضتها محكمة العدل الدولية على إسرائيل إلى مجلس الأمن الدولي فورا يشكل خطوة ايجابية متقدمة آخرى تجسد الاحترام الدولي لقرارات محكمة العدل الدولية والالتزام بتنفيذها لتحقيق العدالة الدولية وتعد نموذجا يحتذى به في المستقبل، ويبقى الأمل معقودا على مجلس الأمن الدولي لالزام إسرائيل بوقف إطلاق النار ووقف القتل والتدمير والتهجير القسري والسماح بإدخال المساعدات الانسانية والاغاثيةبشكل دائم وكاف للقطاع تنفيذا لقرار المحكمة الدولية.
Tareefjo@yahoo.com