يحقق مؤشر نيكي 225 الياباني منذ بداية العام الجاري 2024 أداءً إيجابياً، وقد بلغ مطلع الأسبوع مستوى قياسياً جديداً غير مسبوق منذ نحو 34 عاماً، وتحديداً منذ فبراير 1990، بوصوله عند 36571.80 نقطة، قبل أن يُنهي تعاملات الأسبوع على تراجع.
وبينما شهدت السوق عمليات تصحيح وجني أرباح تالية، لتخسر 0.59 بالمئة عند 35751.07 نقطة، ويقطع المؤشر سلسلة مكاسب استمرت أسبوعين بخسارة 0.59 بالمئة، إلا أن التقديرات تشير إلى مواصلة المؤشر الزخم في ضوء عديد من العوامل الدافعة، ولا سيما خلال الربع الأول من العام
الثلاثاء، أبقى بنك اليابان على سياسته النقدية فائقة التيسير دون تغيير، وقام بتعديل توقعاته الاقتصادية بينما لم يقدم أي تلميحات واضحة بشأن توقيت النهاية المحتملة لسعر الفائدة السلبي
وفي الاجتماع الذي استمر يومين، أبقى بنك اليابان على سعر الفائدة الرئيسية عند -0.1 بالمئة، كما أبقى على عوائد السندات الحكومية لأجل 10 سنوات عند حوالي 0 بالمئة. كما ترك دون تغيير معايير التحكم في منحنى عائد العشر سنوات عند 1.0 بالمئة
وخفض البنك توقعات التضخم للسنة المالية من أبريل 2024 إلى مارس 2025 إلى 2.4 بالمئة، من 2.8 بالمئة في تقرير توقعاته الفصلي السابق. مما يعني أن معدلات التضخم ستظل أعلى من مستهدف المركزي عند 2 بالمئة لبعض الوقت، كما هو الحال منذ أبريل 2022
نيكي يقود المكاسب العالمية
من جانبه، قال كبير استراتيجي الأسواق في BDSwiss MENA مازن سلهب، إن مؤشر نيكي 225 الياباني يقود المكاسب العالمية في الأسهم.. ويمكن القول إن الارتفاع الحالي مرتبط بثلاثة عوامل رئيسية:
تراجع الين الياباني الذي خسر -5 بالمئة تقريباً منذ بداية العام فقط وأكثر من -13بالمئة في عام كامل مقابل الدولار الأميركي. الين الضعيف مهم جداً للصادرات اليابانية وهي تشكل عصب الاقتصاد الياباني إضافةً الى أن الين الضعيف مع الفائدة المتدنية (لاتزال دون الصفر في اليابان -0.10 بالمئة) تدعم عمليات تمويل شراء الأسهم المقومة بالين الياباني في طوكيو. ولا ننسى أكثر من 25 مليون زائر لليابان في 2023 مع انفاق تجاوز 5 تريليون ين (36$ مليار تقريباً)
إن تقييم الكثير من الشركات اليابانية بمعايير مكررات الربحية والعائد على السهم كان أفضل بكثير من مثيلاتها الأميركية التي وصلت إلى مستويات مرتفعة جداً قد تشكل فقاعة. فمثلاً وصل معدل سعر سهم شركات مؤشر نيكي 225 في 2023 بالنسبة الى الربح على كل سهم الى 16.40 ( كان عند 25.9 في 2020 )، بينما هذه النسبة وصلت الى 24.59 تقريباً في مؤشر S&P مما يجعل الأسهم اليابانية أكثر جاذبية من ناحية التقييمات وأفق النمو
رغم عدم وجود أرقام محددة، إلا أن عدم الاستقرار في أداء مؤشر الأسهم الصينية والسياسات الحكومية الصينية دفعت بالكثيرين الى استهداف الأسهم اليابانية التي تعطي عائداً أفضل واستقراراً سياسياً مستمر مع أنماط استهلاكية معروفة وأخطار جيوسياسية ضعيفة. فمثلاً، مؤشر شانغهاي خسر -16 بالمئة في عام كامل، ومتراجع -5 بالمئة في شهر، مؤشر شانغهاي للشركات الخمسين الكبرى كذلك خسر -22 بالمئة في عام في الوقت الذي حقق فيه مؤشر نيكي 225 مكاسب وصلت 35بالمئة في عام كامل
وأضاف: "قد لا يكون مؤشر نيكي 225 قد وصل إلى أعلى مستوياته التاريخية بعد (كان عند 39 ألف نقطة في ديسمبر 1989) لكن زخم الارتفاع الحالي وسرعة دوران رأس المال مع بقاء الفائدة سلبية في اليابان واستقرار الأسهم الأميركية يدفعنا للاعتقاد بأن الوصول إلى هذه المستويات التاريخية سيكون مسألة وقت فقط (ارتفاع 7 بالمئة تقريباً في الربع الأول) قبل أن تبدأ الفائدة بالارتفاع مجدداً أو تتغير معنويات أسواق الأسهم العالمية في النصف الثاني من 2024
ورغم قرار بنك اليابان الأخير بالإبقاء على السياسة النقدية الحالية، فمن غير المرجح أن يغيّر ذلك الاعتقاد السائد بين الخبراء الاقتصاديين بأن بنك اليابان سيرفع أسعار الفائدة في مرحلة ما خلال هذا العام
تشير الاستطلاعات التي أجريت بين الاقتصاديين أن شهر أبريل هو الموعد الأكثر ترجيحاً لإنهاء سياسة أسعار الفائدة السلبية في اليابان، حيث سيوفر ذلك للبنك المركزي الوقت لتقييم نتائج مفاوضات الأجور السنوية. ويُنظر إلى الزيادات الأعلى على أنها عنصر أساسي لتأمين دورة إيجابية من ارتفاع الأسعار والأجور وهذا المفهوم يُعرف باسم "دوامة الأجور والأسعار" (wage-price spiral)، والتي تساهم في النمو الاقتصادي
وأدى جني الأرباح قبل عطلة نهاية الأسبوع إلى تفاقم الانخفاضات، إذ لا تزال بعض المؤشرات الفنية تشير إلى أن الارتفاع الذي أوصل نيكي إلى أعلى مستوى في 34 عاما عند 36984.51 نقطة يوم الثلاثاء كان سريعا للغاية
وارتفع المؤشر الرئيسي بنحو 3.2 بالمئة فوق متوسطه المتحرك لمدة 25 يوما منذ بداية العام الجاري 2024
مستويات الـ 35 ألف نقطة
وإلى ذلك، علق محلل أول أسواق المال في مجموعة إكويتي، أحمد عزام، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، بقوله إن مؤشر نيكي تجاوز مستويات الـ 35 ألف نقطة للمرة الأولى منذ العام 1990 لعدة أسباب:
اتباع المركزي الياباني السياسة النقدية التسهيلة، في نفس الوقت الذي ترفع فيه البنوك الكبرى أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم
البيانات الاقتصادية هي الأخرى مثلث دور الرياح المواتية لأسواق الأسهم؛ فبيانات الأجور الضعيفة وضعف إنفاق الأسر من العوامل التي أعطت الأسواق شعوراً بالارتياح بأن أسواق الأسهم اليابانية ستكون مستفيدة بشكل كبير من سياسة المركزي الياباني التسهيلية لفترة زمينة أطول
البيانات الاقتصادية الأخيرة داعمة هي الأخرى للاتجاه الصعودي في سوق الأسهم اليابانية في الربع الأول من 2024 بسبب تباطؤ أرقام التضخم إلى مستويات 2.6 بالمئة على أساس سنوي، وقد تعطي الأسواق مؤشراً على أن استمرار السياسة النقدية التسهيلية لفترة أكبر من المتوقع
الخطوات التي اتخذتها بورصة طوكيو لتوجيه الشركات لتوضيح إذا ما كانت تتداول بقيم أقل من الدفترية، وهذا يعطي الفرص للشركات لاستخدام رأس مالها بكفاءة أكبر، وبذلك تدعم بورصة طوكيو حوكمة الشركات لدفعها إلى الاستثمار بشكل أكبر، وهذا قد يعطي فرصة لزيادة ربحية الشركات لفترة زمينة أطول من 2024 حتى 2026 وهذا هو الوقت الذي ستطشب فيه بورصة طوكيو الشركات ضعيفة الاستثمار في رأس مالها
قيمة الين المنخفضة هي الأخرى سبب رئيسي لدفع الأموال الخارجية إلى الاستثمار في أسواق الأسهم اليابانية، حيث شهدت الفترة الماضية زيادة التدفقات من صناديق الاستثمار الأجنبية فقد ارتفعت صافي التدفقات في صناديق الأسهم اليابانية ارتفع إلى 22 مليار ين في ديسمبر 2023 وهذا ما يقارب 4 أضعاف ما كان عليه في الشهر السابق، وهذا دليل على تغير نظرة المستثمرين في أسواق الأسهم اليابانية أخيراً
وتوقع عزام أن يشهد الربع الأول استمرار الأسهم اليابانية في الاتجاه الصعودي مالم يكن هناك أي مفاجأت من المركزي الياباني في نهاية مارس 2024