تتجه البنوك الأميركية إلى تسجيل ارتفاع حاد في "الديون المعدومة"، وهو ما يُشكل "قنبلة موقوتة" أو تهديداً كبيراً في أفضل الأحوال لأرباحها خلال الفترة المقبلة، وربما خلال الفترة القليلة الماضية أيضاً.
و"الديون المعدومة" هي القروض التي يتعثر أصحابها لمدد طويلة أو يطلب أصحابها من المحكمة الحماية من الدائنين أو يُعلنون الإفلاس، وهو ما يعني أنها مبالغ مستحقة للبنك من المدينيين الذين يصبح من المستحيل أن يوفوا بها، فيضطر البنك إلى اعتبارها "ديوناً معدومة"، ومن ثم يقوم بشطبها وترحيلها إلى قائمة الخسائر لديه.
وقال تقرير نشرته شبكة "CNBC" الأميركية، واطلعت عليه "العربية.نت"، إن تراكم "الديون المعدومة" يُهدد بإضعاف التفاؤل المتزايد لدى المستثمرين بشأن آفاق أكبر البنوك الأميركية.
والمقرضون الأربعة الأكبر في الولايات المتحدة هم: جي بي مورغان تشيس، وبنك أوف أميركا، وويلز فارجو، وسيتي غروب، وفقاً لإجماع محللي وكالة "بلومبيرغ".
ويقدر المحللون أن تكون أرباح البنوك الأربعة الكبار المشار إليها قد تقلصت في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023، متأثرة بتلك القروض غير المدفوعة، بالإضافة إلى التأثير المستمر لارتفاع أسعار الفائدة، مما أدى إلى رفع تكلفة الودائع.
وقالت شبكة "سي إن بي سي" إنه من المرجح أن تتحمل مجموعة "سيتي غروب" المصرفية والتي تمر بأكبر عملية إعادة تنظيم منذ سنوات، تكاليف تغطية عمليات تسريح العمال والنفقات الأخرى ذات الصلة. فيما قالت شركة (Wells Fargo) المصرفية الشهر الماضي إنها خصصت مليار دولار لتغطية تكاليف نهاية الخدمة في الربع الرابع.
وبشكل عام، من المتوقع أن تنخفض أرباح البنوك الستة الكبرى، بما في ذلك "غولدمان ساكس" و"مورغان ستانلي"، بمتوسط 13% في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وقال جيسون جولدبيرج، المحلل في بنك باركليز: "تحظى التوقعات للعام الجديد بالكثير من الاهتمام في مكالمات أرباح الربع الرابع"، وأضاف: "أتوقع أن تشير البنوك إلى أن الانخفاض الأخير في صافي دخل الفوائد سيصل إلى أدنى مستوياته هذا العام".
وعلى الرغم من الانخفاض المتوقع في الأرباح، فقد قام المستثمرون بشراء أسهم البنوك، التي ارتفعت بنسبة 20% منذ نهاية أكتوبر الماضي.
ويقول المحللون إن ما أشعل هذا الارتفاع في أسعار أسهم البنوك هو إشارة مجلس الاحتياطي الفيدرالي في أواخر العام الماضي إلى أنه من المحتمل أن يكون قد انتهى من رفع أسعار الفائدة، حيث كانت أسعار الفائدة المرتفعة قد ضربت البنوك في عام 2023، مما أدى إلى رفع تكاليف الودائع وخفض قيمة محافظ سنداتها.
وقال مات أندرسون، محلل الصناعة المصرفية في مجموعة تريب لأبحاث العقارات التجارية: "البنوك تعتمد بشكل كبير على أسعار الفائدة، ولدى المستثمرين قراءة متفائلة للاقتصاد في عام 2024".
ولكن حتى مع تراجع ضغوط أسعار الفائدة، فإن القفزة في القروض غير المدفوعة يمكن أن تستمر في خفض أرباح البنوك، بحسب ما يؤكد تقرير "سي إن بي سي".
ولا يزال المستوى الحالي للقروض المتعثرة أقل من الذروة التي سجلها خلال فترة وباء "كورونا" والبالغة 30 مليار دولار.
وفي الآونة الأخيرة، ارتفعت حالات التأخر في السداد على القروض الاستهلاكية، وخاصة بطاقات الائتمان وديون السيارات، وهو ما أثار قلق بعض المحللين، خاصة وأن ما تدخره البنوك لاحتياطيات خسائر القروض الآن أقل بكثير مما خصصته عندما كانت القروض المعدومة ترتفع في بداية فترة وباء كورونا.