اخبار البلد_ قدم مدير عام دائرة ضريبة الدخل والمبيعات طلبا لأحالته الى التقاعد قبل أن ينهي أسبوعا واحدا في المنصب بل لم يباشر عمله قط , وكان قد نقل الى هذه الوظيفه من منصبه السابق أمينا عام لوزارة المالية .
كان طلب مدير عام الضريبة الجديد عز الدين كناكرية مفاجئا لموظفي الدائرة وكثيرون من داخلها وخارجها تساءلوا عن السبب وخاصة في زمن يتمسك فيه الناس بالمناصب مهما تعرضوا للنقد أو لتسلط المسؤولين الاعلى ومزاجيتهم .
وقصة السيد كناكرية تستحق الرواية رغم أنها ليست الاولى من نوعها في الادارة الاردنية من حيث قرار النقل من الوزارة الى الدائرة ولكنها من النوادر من حيث رفض القبول بعدم أحترام أداب وأخلاقيات الوظيفة العمومية وأحترام القائمين عليها .
السيد كناكرية كان في منصب أمين عام وزارة المالية ومشهود له بالكفاءة والمعرفة , تغير السيد الوزير وجاء محافظ البنك المركزي السابق وزيرا للمالية , وبطبيعة الحال فان أي وزير يدخل وزارة لأول مرة سيعتمد على الامين العام لمعرفة كافة المفاصل والتفاصيل , وهذا ما كان في وزارة المالية .
كانت العلاقة بين الوزير والامين العام علاقة تعاون جيد وحسب الاصول رغم أن الوزير أراد أن يأتي ببعض من كانوا معه أيام البنك المركزي الى العمل في الوزارة , وحين شعر الامين العام بذلك عرض على الوزير أن ينتقل الى وزارة أو موقع أخر ليتاح له أختيار أمين عام يناسبه فرفض وأصر على الحاجة الى السيد كناكرية .
قبل أسبوع تقريبا كان الامين العام مع الوزير في العمل الى نهاية الدوام الرسمي , وفي المساء يفاجأ الامين العام بالهواتف تنهال عليه للأستفسار عن قرار مجلس الوزراء نقله مديرا لدائرة ضريبة الدخل والمبيعات , وهي وظيفة أقل مستوى من وظيفة الامين العام بالاضافة الى تفاصيل أخرى لا أرغب بذكرها الان , وحين أتصل بالوزير مستفسرا أكد له الخبر ولعله عاتب معاليه أن لم يخبره وقد كان برفقته قبل ثلاث ساعات ؟؟!!
هذا ما يحدث ومتوقع الحدوث لكل موظف كبير في الصف الاول عندما يأتي الى الوزارة وزير جديد يريد أن يحضر معه رجاله, يأتون الى الوزارات، وبعد أن يعرفوا كل التفاصيل والخطط يطيحون بمن أطلعهم وأجهد نفسه في الشرح ساعيا الى أنجاح مهمة الوزير الجديد متيمنا الخير في عهده .
من هنا فلا عجب ان سمعنا ورأينا حالات يعمد فيها كبار الموظفين الى أفشال الوزير الجديد أو عدم أطلاعه على كل شيء !! ولا عجب ان سمعنا أن الموظف المخلص النشيط البعيد عن النفاق ومسح الجوخ يخرج مهانا من الوظيفة , ويطاح به ويقلل من شأنه ولا يتكرمون حتى بأخباره مسبقا , ويتركون هذه المهمة لوسائل الاعلام تاركين الموظف المحترم عرضة للتندر أن أطيح به وهو غافل عما يدور خلفه , ودون حد أدنى من أحترام علاقات العمل والزمالة !!
قصة أمين عام وزارة المالية صورة مريرة للطريقة التي يتم التعامل بها مع الموظفين, وهي واحدة من اسباب النخر والفشل في الادارة الحكومية وتسببت بانهيار الانتماء للوظيفة العامة والبحث عن انتماء الى الواسطة أو العشيرة على حساب العمل العام والمرفق العام .. ومع ذلك يتحدثون عن التطوير !!
فأي تطوير يتناسى أعراف الاسرة الاردنية الواحدة؟؟
المحامي محمد الصبيحي