اتخذت شرطة إسرائيل منذ بداية الحرب سياسة عنيفة لتقليص حرية التعبير وحق الاحتجاج. وفرقت الشرطة ورديات احتجاج هادئة أمام منزل الوزير نير بركات في القدس، واعتقلت زعماء الجمهور العربي بعد أن أعربوا عن نيتهم التظاهر ضد الحرب، ورفضت إصدار أذون من التظاهر في تل أبيب من أجل وقف النار، واعتقلت متظاهرين في احتجاج هادئ في حيفا، وفرقت بالهراوات حفنة من المتظاهرين الهادئين الذين احتجوا ضد اعتقال المعلم مئير بروخين على "بوستات” نشرها في "فيسبوك”، واعتقلت متظاهرين احتجوا قرب منزل رئيس الوزراء وغيرها. وادعت الشرطة والنيابة العامة بأن القيود تنبع من خوف على سلامة الجمهور والحاجة إلى فرز أفراد الشرطة لمهام أخرى بسبب الحرب. منذ شهرين والشرطة تمنع الفلسطينيين أيضاً من الصلاة في جبل البيت (الأقصى) للأسباب ذاتها.
يتبين بأن الشرطة قررت في الأيام الأخيرة إصدار إذن لمسيرة استفزازية لليمين المتطرف في البلدة القديمة في القدس، تدعو إلى "طرد الأوقاف من جبل البيت”. ونظمت المظاهرة بضع منظمات للهيكل واليمين المتطرف، واحدة متماثلة معروفة كمنظمة كهانية. وإذا لم يكن هذا واضحاً، فإن العنصر المركزي في إعلان المسيرة هو القبضة الصفراء لحركة "كاخ”.
المسيرة، التي يفترض إجراؤها هذا المساء ستمر في مسار مسيرة الأعلام الاستفزازية – التي تتميز في كل سنة بالعنف والهتافات العنصرية والسوقية – وفي طريق باب العامود والحي الإسلامي. في الأيام الأخيرة بدأت دعوات في الشبكات الاجتماعية الفلسطينية للوصول لسد طريق السائرين "دفاعاً عن الحرم”.
إن القوة الشرطية اللازمة لحماية هذه المسيرة أكبر بلا قياس على القوة اللازمة لحماية الاحتياجات الهادئة في تل أبيب وحيفا، وخطرها على الجمهور أكبر بلا قياس من مهرجان صغير في حي "بيت هكيرم” في القدس. لكن شرطة إسرائيل تحت الوزير بن غفير والمفتش العام للشرطة كوبي شبتاي، تحولت منذ زمن بعيد إلى جسم خانع ومتحيز نسي دوره كدرع القانون والديمقراطية. ونشر أمس بأن قرار الشرطة الفضائحي لدفن يوفال كاستلمان بدون تشريح يضعف الملف ضد الجندي افيعاد فريجه، الذي أطلق النار عليه في وقت العملية في القدس في الأسبوع الماضي.
لا نتوقع من بن غفير التفكر في كل ما يتعلق بالأمن ولا من نتنياهو أيضاً، الذي عينه في المنصب. لكن يجلس في "كابينت الحرب” رجلان هما بيني غانتس وغادي آيزنكوت، وينبغي أن نتوقع منهما أن يفهما معنى هذا الاستفزاز. عليهما أن يدعوا لإلغاء رخصة المسيرة من أجل سلامة الجمهور والأمن.