هذه الحرب لا نهاية لها، مؤلمة ومهينة أكثر من الحروب الأخرى رغم أن ألم الفقدان متشابه فيها جميعها. قد تقود الحرب إلى انتصار يجلب الهدوء، أما هذه الحرب فلا. حرب واحدة هي ما انتصرنا فيها وحققنا الاستقلال، وفي الحرب الثانية أدخلنا الانتصار إلى الوحل، وذلك السبت في تشرين الأول، وغرقنا فيه.
كان في هذه الحرب الكثير من المعاناة. وللعودة إلى روتين وقف إطلاق النار الذي سيستمر أسبوعاً أو شهراً أو سنة أو سنتين، لن يتم فتح أي صفحة جديدة عندما تنتهي، أو أي نافذة أمل. من يرغب في بناء حياة في مكان لا أمل فيه؟ سكان الغلاف؟ شباب يبنون مستقبلهم؟ السياسيون أيضاً اصيبوا باليأس وتوقفوا عن الوعد بمستقبل أفضل.
لم تكن في حرب ما فجوة بهذا القدر بين القادة والمُقادين، بين الضحايا والمُضحين. لم نكن في حرب ما عاجزين بهذا القدر، ليس أمام حماس بل أمام حكومتنا. نريد، ولكننا لا نستطيع إسقاطها. لأننا قيدنا أنفسنا طواعية بسبب حبنا لقوانين الديمقراطية. هذه القوانين لا تشمل إمكانية القول له ببساطة: إرحل.
ما تبقى لنا هو التنهد والمنشورات المريرة. تسعة أشهر من المظاهرات لم تسقطه. أعضاء الكنيست يمكنهم ذلك ولكن من يثق بهم. هم غير متاحين لإنقاذ الدولة. ربما يثقون بمليشيات بن غفير المسلحة كي تنقذ سلطتهم وأموالهم وكرامتهم.
السلطة والأموال والكرامة يعرفونها. "مصلحة الدولة” و”حب الوطن” غريبة عليهم. هي لا تعنيهم، ولا حتى قاعدتهم التي انتخبتهم وتلقت الضربات، ولا حتى المخطوفين. إذا كان الانتصار عندها هو عودة المخطوفين، فإنه بالنسبة لهم ذكرى مزعجة للإهمال. ليسوا وطنيين.
كان الوطنيون أعضاء "مباي” الذين استخفوا بهم، واستخفوا بلغة الإيديش التي كانوا يتحدثون بها. عشية حرب الأيام الستة أزاحوا رئيس الحكومة ليفي أشكول من وزارة الدفاع، الذي حسب رأيهم لم يؤد عمله جيداً. وقد فعلوا ذلك لأن مصلحة الدولة كانت أمام ناظريهم وليس مصلحة الشخص الذي عينهم. مقال هيئة التحرير في "هآرتس” قال: "السيد اشكول غير مؤهل ليكون رئيس حكومة ووزير دفاع في الوضع الحالي”.
السيد نتنياهو غير مؤهل ليكون هكذا في الوضع الحالي.
نسمح للشخص الأقل كفاءة بأن يكون رئيس الحكومة ويحكمنا. من أجل من نحن نحارب؟ من أجل الوطن أم من أجل الشخص الذي سيطر علينا؟ هل يمكن الفصل بينهما؟ هل سيجرنا من يستيقظ كل صباح ويسأل على أي جنب استيقظت زوجته في القدس وابنه الذي عاد من ميامي؟
في الوضع الحالي، أديرت الدولة من فوق رأس الحكومة، ثمة متطوعون يديرونها. ميري ريغف لا تستقبل المخطوفين (لا أحد يحتج على ذلك). يبقون لنتنياهو المؤتمرات الصحافية. لا يوجد أي مؤتمر يغطي على فشله، لكن الفشل لا يخيفه. عندما لا يستطيع استئناف الحرب سيعلن الانتصار، وسنعود برعايته إلى التفكير الخطير والمعروف، الذي نهايته الثكل والفشل.
عندما نجهل المرض لا نبحث عن دواء له.
المجموعة المهزومة لدينا ترفض الخروج من الملعب وتطلب اللعب حتى الفوز. هي لا تبحث عن الانتصار، بل عن صورة انتصار. وإنقاذ غزة سيوفر لها ذلك. ما الذي تريدونه؟ لم ندمر حماس، لكننا سوينا غزة بالأرض، وها نحن الآن مستعدون للجنة تحقيق تعمل لنكون قادرين على فعله.