حينما رأيته أول مرة في عمان، أعترف بأني شعرت بالدهشة وهو يهبط درج «الكلحة»، بزيه النابليوني وقلنسوته المستطيلة، والسترة الحمراء الضيقة، والايشارب الذي يلتف حول عنقه، وجزمته المستطيلة الملتمعة، وتلك العصا التي يضعها تحت إبطه كمايستروا، يريد أن ينظم معزوفة الحركة البشرية في وسط البلد.
وقد كان يبدو لي يومها في مشيته الحازمة، وملامحه الجدية، كرجل خرج من عباءة التاريخ للتو، وقد عزز دهشتي هذه هو أنه من الممكن أن ترى مثل هذا المشهد على خشبة المسرح أو ضمن بعض المشاهد السينمائية، لكن ان ترى رجلاً من لحم ودم وقد تقمص شخصية نابليون وزيه، بهذه الأناقة يسير امامك، أو الى جانبك فهذا ما كان يعزز الدهشة عندي.
وحينما سألت عنه صعاليك وسط البلد، قالوا لي انه يواظب على مثل هذا المظهر منذ سنوات طويلة ويسير في شوارع وسط البلد بمثل هذا الشموخ الذي لا يحتمل الختل أو الممازحة او حتى الاستهتار. والبعض قال لي انه يجيد أكثر من لغة وهو قارىء مواظب على امهات الكتب، وقد كان يتحاشى الحوار مع المارة من حوله، أو محادثتهم، فيختار هو الشخص الذي يريد أن يحاوره، وقد كان منظره يُثير السياح الذين كانوا يندهشون من اطلالته بزيه النابليوني، واحياناً كانوا يتقربون منه، فيضطر لمحادثتهم.
انه نابليون عمان إذن الذي كان يسير بشموخ في وسط عمان، ليبدو وكأنه السيد الذي يدير معزوفة مدينة كاملة، بتلك الملابس النظيفة، وقامته المنتصبة بشموخ عجيب، ولعل طريقته هذه في اختيار هذا النوع من الجنون، تؤكد انه اختيار الجنون الاروستقراطي الذي لا يحتمل الاستهتار او المخاتلة.
والغريب ان حوانيت وسط عمان واصحابها، والذين أدمنوا التجول في وسط البلد، وكل الازدحامات العمانية، كانت تؤكد بقبولها لهذ النوع من الجنون، ان عمان مدينة تقبل التنوع حتى في أغرب أشكاله، فتمنح من يقيم فيها الأمان، حتى لو كان الأمان الذي يخص مجانينها.
وقبل أيام اختفى نابليون عمان فجأة من شوارع وسط البلد، ليتم الاعلان عن وفاته بالجلطة القلبية.
والحال ان وسط عمان كعادته سوف يستمر بالاكتظاظ، وجنون التزاحم، بانتظار شخصيات جديدة ستخرج عن الطوع الاجتماعي بذاك التهادن الجميل بين التعقل والخروج عن هذا التعقل!!
وقد كان يبدو لي يومها في مشيته الحازمة، وملامحه الجدية، كرجل خرج من عباءة التاريخ للتو، وقد عزز دهشتي هذه هو أنه من الممكن أن ترى مثل هذا المشهد على خشبة المسرح أو ضمن بعض المشاهد السينمائية، لكن ان ترى رجلاً من لحم ودم وقد تقمص شخصية نابليون وزيه، بهذه الأناقة يسير امامك، أو الى جانبك فهذا ما كان يعزز الدهشة عندي.
وحينما سألت عنه صعاليك وسط البلد، قالوا لي انه يواظب على مثل هذا المظهر منذ سنوات طويلة ويسير في شوارع وسط البلد بمثل هذا الشموخ الذي لا يحتمل الختل أو الممازحة او حتى الاستهتار. والبعض قال لي انه يجيد أكثر من لغة وهو قارىء مواظب على امهات الكتب، وقد كان يتحاشى الحوار مع المارة من حوله، أو محادثتهم، فيختار هو الشخص الذي يريد أن يحاوره، وقد كان منظره يُثير السياح الذين كانوا يندهشون من اطلالته بزيه النابليوني، واحياناً كانوا يتقربون منه، فيضطر لمحادثتهم.
انه نابليون عمان إذن الذي كان يسير بشموخ في وسط عمان، ليبدو وكأنه السيد الذي يدير معزوفة مدينة كاملة، بتلك الملابس النظيفة، وقامته المنتصبة بشموخ عجيب، ولعل طريقته هذه في اختيار هذا النوع من الجنون، تؤكد انه اختيار الجنون الاروستقراطي الذي لا يحتمل الاستهتار او المخاتلة.
والغريب ان حوانيت وسط عمان واصحابها، والذين أدمنوا التجول في وسط البلد، وكل الازدحامات العمانية، كانت تؤكد بقبولها لهذ النوع من الجنون، ان عمان مدينة تقبل التنوع حتى في أغرب أشكاله، فتمنح من يقيم فيها الأمان، حتى لو كان الأمان الذي يخص مجانينها.
وقبل أيام اختفى نابليون عمان فجأة من شوارع وسط البلد، ليتم الاعلان عن وفاته بالجلطة القلبية.
والحال ان وسط عمان كعادته سوف يستمر بالاكتظاظ، وجنون التزاحم، بانتظار شخصيات جديدة ستخرج عن الطوع الاجتماعي بذاك التهادن الجميل بين التعقل والخروج عن هذا التعقل!!