ففيما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي، سجل الاقتصاد الأردني نموًا بنسبة 2.8% خلال الربع الأول من عام 2023 بأسعار السوق الثابتة مقارنة بالربع الاول من عام 2022.
أما معدل البطالة، فقد شهد انخفاضًا ملحوظًا في الأربعة أشهر الأولى من عام 2023، حيث بلغت نسبة البطالة 21.9%، بانخفاض قدره 0.9% عن الربع الأول من عام 2022 وبنسبة انخفاض 1.0% عن الربع الرابع من عام 2022. هذا الانخفاض المتواصل في معدلات البطالة يحتاج لتفسير وخاصة أن معدلات النمو في الناتج المحلي الاجمالي لم تسجل قفزات ملحوظة كبيرة وانما عادت لمستوياتها قبل جائحة كورونا أو أعلى بقليل. والامر العجيب الأخر أن معدلات البطالة تتراجع باستمرار برغم رفع أسعار الفائدة لتخفيض معدلات التضخم والتي كان من المتوقع أن يكون لها تأثير سلبي على معدلات نمو الناتج والبطالة. وهذا ما يشير اليه كبار الاقتصاديين في دراساتهم. فعلى سبيل المثال، أشار الاقتصادي الأميركي بول ساميلسون في مقدمة كتابه الاقتصاد الى أن قلق أصحاب القرار من موضوع التضخم يجعلهم يلجئون لاتخاذ خطوات مؤلمة مثل تقليص الناتج وزيادة معدلات البطالة بهدف منع التضخم أو على الاقل إبطاء معدلاته. واذا كانت هناك فترة زمنية فاصلة لتأثيرات رفع أسعار الفائدة فاننا نأمل أن لا تحدث في الاشهر القادمة.
وفيما يخص الاستثمار الأجنبي المباشر، سجلت البيانات تدفقًا للداخل بقيمة 807.3 مليون دينار خلال عام 2022، مقارنة بتدفق بقيمة 441.5 مليون دينار خلال عام 2021، محققة ارتفاعًا بنسبة 82.9%. وسجل حجم الاستثمار الاجنبي رقما وصل الى 566 مليون دينار في النصف الاول من عام 2023.
أما على صعيد التجارة الخارجية، سجلت الصادرات الكلية ارتفاعًا بنسبة 2.3% خلال الثلث الأول من عام 2023 مقارنة بنفس الفترة من عام 2022، وارتفعت الصادرات الوطنية بنسبة 4.0%، فيما انخفضت قيمة المعاد تصديره بنسبة 17.2%، وانخفضت المستوردات بنسبة 0.3%. وبفعل هذه التطورات، انخفض عجز الميزان التجاري بنسبة 2.7% خلال الثلث الأول من عام 2023.
وفي سياق الدين العام والمالية، ارتفع إجمالي الدين العام بنسبة 1.4% بنهاية آذار/مارس من عام 2023 مقارنة بنهاية عام 2022. فقد وصلت نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الاجمالي الى 114%، وهذه النسبة المرتفعة للمديونية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي ومعدلات نموها تشكل تحديًا هامًا يجب التصدي له بجدية.
ويظهر ارتفاع نسبة المديونية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي كمؤشر على القلق، حيث يؤثر على استدامة الاقتصاد والاستقرار المالي للبلاد. وللتخفيف من أعباء هذه المشكلة، ينبغي أن تتخذ الحكومة والجهات المعنية إجراءات فعالة مثل تعزيز الجهود لتحسين الإيرادات العامة من خلال تعزيز بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات. هذا سيساعد في تنويع مصادر الإيرادات وتقليل الاعتماد على الديون لتمويل المشروعات والبرامج. ومن الضروري تقليل معدلات النمو للمديونية من خلال تنفيذ سياسات اقتصادية تهدف إلى تحقيق نمو مستدام ومتوازن. يجب أن يتم التركيز على تعزيز القطاعات الإنتاجية ودعم الصادرات لتحقيق توازن في المداخيل والنفقات.
كما تحتاج الحكومة إلى تقديم خطط وبرامج لإعادة هيكلة الدين وإدارته بفاعلية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تحسين جدوى المشروعات التي تموَّلها الديون وضمان أن الاقتراض يستخدم لأغراض تنموية تخدم مصلحة الاقتصاد والمجتمع.
من الملفت أيضًا أن الاقتصاد الأردني قد أستمر باظهار مؤشرات إيجابية فيما يتعلق بالمتانة المالية للبنوك، حيث شهدت نسب ارتفاع في التغطية ونسب كفاية رأس المال. وتعكس هذه المؤشرات التزام القطاع المصرفي بالمعايير المالية الدولية وقدرة البنوك على التكيف مع الصدمات والهزات التي تصيب الاقتصاد الحقيقي.
يتضح أن مؤشرات الاقتصاد الكلي في الأردن تعكس تطورات إيجابية في مجمل الأداء الاقتصادي. تحقيق النمو في الناتج المحلي الإجمالي، وتحسن معدلات البطالة، وزيادة التدفقات الاستثمارية، كلها مؤشرات تشكل علامات إيجابية توحي بتعافي اقتصادي مستدام، مما يشجع على استمرار الجهود الرامية إلى تعزيز الاستقرار والنمو في البلاد.