عقدت في منتدى عبد الحميد شومان الثقافي، مساء أمس الاثنين، محاضرة بعنوان "التمدن والمدن الأولى في الأردن"، تحدث فيها رئيس جامعة اليرموك السابق، الدكتور زيدان كفافي، وأدارت الحوار مع الجمهورالأديبة والمؤرخة الدكتورة هند أبو الشعر.
وطرح المحاضر مسألة عيش الحياة المدنية المتأصلة هذه الأيام، والتي تأثر فيها الإنسان بتراث ممتد عبر آلاف السنوات، التي شكلت هويته وعاداته وأنماط معيشته.
وبحسب الدارسين، فإن هناك خلطاً كبيراً بين مفردتي "حضارة" و"مدنية"، رغم أن المدنية هي مرحلة متطورة من الحضارة.
وقد وجه الدارسون جهودهم إلى ماضي المجتمعات البشرية من خلال دراسة وتحليل المخلفات الإنسانية، من عمارة وقطع أثرية وبقايا حيوانية ونباتية، لمحاولة معرفة تفاعل الإنسان مع البيئة التي عاش فيها، حتى وصل إلى مرحلة فكرية ومادية متقدمة.
ويرى الدارسون أن الاستقرار هو أهم السياقات الاجتماعية التي أثرت في تطور الجنس البشري، وقد كانت معرفة الزراعة إحدى أهم الأدوات التي جلبت الاستقرار في أماكن ثابتة للمجتمعات الأولى، ما قاد إلى ظهور أنماط من تعدد الثقافات التي أنتجت معارف جديدة، قادت هي الأخرى إلى أنساق معيشية متنوعة.
وقال كفافي إن الأردن يشكل الجزء الجنوبي الشرقي من بلاد الشام، ويحتل موقعاً متوسطاً بين بلادي وادي النيل ووادي الرافدين. وأضاف: "إذا كان الناس في هاتين المنطقتين قد وصلوا لمرحلة التمدن، وبناء المدن، ومعرفة الكتابة في النصف الثاني من الألف الرابع قبل الميلاد، فإن سكان الأردن في ذلك الوقت لم يكونوا بعيدين عن التحولات الحضارية فيهما، ولا سيما بعد أن أثبتت الدلائل الأثرية على وجود المدن في الأردن في المرحلة الزمنية نفسها التي وجدت بها في حضارتي وادي الرافدين ووادي النيل، وإن لم تكن على نفس السوية من مدن واديي الرافدين والنيل، علماً بأن الدلائل الكتابية من هذه الفترة في الأردن، ما زالت غائبة".
وأشار كفافي إلى أن المشتغلين بدراسة الحضارة الإنسانية، اختلفوا في تعريفهم لمفهوم الثقافة والحضارة والمدنية وما تعنيه هذه المصطلحات، مبيناً أنه في الغالب، نجد الكثير منهم يخلطون بين تعريف الحضارة والمدنية، ويستخدمون الكلمتين بنفس المعنى، علماً أن المدنية هي مرحلة متطورة من الحضارة.
وبين كفافي أن كلمة تمدَّنَ تعني في اللغة العربية، الشخص الذي تخلّق بأخلاق أهل المدينة، وأما باللغة الانجليزية فإن كلمة (Urban) التي تعنى تمدن، فهي مشتقة من كلمة (Urbs) اللاتينية ومعناها بلدة. وهنا نرى أن الوصول للمدنية لم يكن بسكنى الناس في المدن فقط، وإنما أيضاً بوصول هؤلاء إلى ممارسات إنسانية غير ملموسة خاصة في النواحي السياسية، والاقتصادية، والعقائدية، والثقافية، والفكرية".
وكانت أبو الشعر، أشارت في تقديمها للمحاضر إلى خبراته الميدانية والأكاديمية المتراكمة.