ورغم الأرباح الضخمة التي تحققت لأسهم شركات التكنولوجيا، استغلالاً لتهافت المستثمرين على كل ما له علاقة ببرامج وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ازداد عدد المحللين المحذرين من ضرورة توخي الحذر، مع وجود توقعات بتراجع سوق الأسهم بنسب تتراوح بين 5% - 20%. ودعا كثيرون إلى ضرورة احترام كيان بحجم وقدرات بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي.
ومنذ بداية شهر مايو،
تحولت المعنويات في وول ستريت، مدفوعة بتصريحات من مسؤولي البنك الفيدرالي تنم عن تراجع ملحوظ في معدل ارتفاع الأسعار الأميركية، كما تباطؤ نمو الأجور والتوظيفات. وساهمت الإدارة الناجحة للبنك، بالتنسيق مع وزارة الخزانة والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع، لأزمة المصارف في تعزيز ثقة الأميركيين في النظام المصرفي، وفي الاقتصاد الأميركي بصفة عامة.
لكن الصورة بدأت تشهد بعض التغيير على مدار الأسبوعين الأخيرين، حين ثبت البنك المركزي الأميركي معدل الفائدة على أمواله لأول مرة في 11 اجتماعاً، كان أولها قبل أكثر من عام. وأكد البنك أن "تجاوز" الرفع هذه المرة لا يعني أن دورة التقييد الحالية قد وصلت إلى نهايتها.
والأسبوع الماضي، وخلال شهادته نصف السنوية أمام لجنة متخصصة من أعضاء الكونغرس من الحزبين، أشار باول إلى ترجيحه وأغلب أعضاء مجلس الاحتياط الفيدرالي رفع الفائدة مرتين هذا العام، بإجمالي قيمة نصف نقطة مئوية، على الأقل.
ألقت شهادة باول مزيدًا من الوقود على النار، خوفاً من تسبب الرفع الإضافي للفائدة في تعزيز احتمالات دخول الاقتصاد الأميركي في ركود، يعصف بإيرادات الشركات الأميركية، ويقل معدلات ربحيتها، ومن ثم تكون له كلمة فاصلة في تحركات الأسهم في الفترة القادمة.
ونقلت "سي إن بي سي" عن إيثان هاريس، الخبير الاقتصادي من بنك أوف أميركا، قوله إن البنوك المركزية هذا العام تواصل مفاجآتها، إما بزيادة أسعار الفائدة، أو التلميح بزيادتها في المستقبل. واعتبر محللو "ياهو فاينانس" أن هاريس محق في التشكيك في مرونة الأسواق، وسط تلك المفاجآت السلبية.
وأضاف هاريس أن "الأسواق أثبتت قدرتها على الصمود بشكل ملحوظ، مع تشديد معتدل للأوضاع المالية. وعلى الرغم من لعبة "اللحاق بالركب السريع" من قبل البنوك المركزية العام الماضي بعد تأخر وواضح، كان هناك عدد قليل جدًا من "الحوادث المالية"".
وتعجب هاريس من مدى قوة أسواق الأسهم العالمية مقارنة بمستويات ما قبل كوفيد 19، "حتى أن الصدمة الخطيرة الوحيدة، وهي أزمة المصارف الإقليمية الأميركية، تمت محاصرتها بإجراءات صارمة للغاية من قبل المنظمين".
أيضاً، وضع ديفيد كوستين، المحلل الاستراتيجي في بنك غولدمان ساكس، الذي يحظى باحترام كبير من أغلب المتعاملين المحترفين بأسواق الأسهم الأميركية، سيناريو توقع فيه تعرض أسواق الأسهم لمزيد من الضغط على المدى القريب، بالتزامن مع تزايد قلق المستثمرين من ارتباك البنك الفيدرالي.