أخبار البلد ــ دعت الأميرة عالية بنت الحسين، إلى ضرورة إدراك أهمية حماية البيئة بجميع مكوناتها، وتعزيز العمل الجماعي، في ظل تزايد التحديات والقضايا البيئية المختلفة التي تؤثر تداعياتها على الجميع.
قالت إن "الاهتمام بالقضايا التي تتعلق بالبيئة والطبيعة والرفق بالحيوان يحتاج لتكاتف كل الجهود للاستفادة من التقدم العلمي والتكنولوجي والانتقال لتحقيق تطور غير تقليدي في هذا الشأن".
وأشارت إلى أن "هذه الجهود في الوقت الحالي باتت في كثير من الأحيان غير فعالة، في ظل تزايد المخاطر والصعوبات، والتي عززها ضعف إدراك الأجيال الشابة بأهمية الحفاظ على البيئة في ظل غياب الوعي البيئي والرسالة البيئية الهادفة التي نحتاج لتطوير طرق إيصالها لهذه الفئات التي باتت تفضل العيش في المدن بشكل عام، وباتت بعيدة عن البيئة والطبيعة مقارنة بالأجيال السابقة".
اهتمام ملكي و"الخطر الكبير"
وأوضحت الأميرة عالية بنت الحسين أن اهتمامها بالطبيعة بدأ منذ طفولتها، حيث نشأت في بيت الملك الراحل الحسين بن طلال الذي كان يهتم بأدق التفاصيل المتعلقة بالبيئة والحيوان، إضافة لبقية العائلة الهاشمية التي تهتم بهذه الأمور بشكل كبير.
وشددت على أن الاستهتار بأي شيء متعلق بالطبيعة مهما كان صغيرا أمر غير مقبول، لأن تداعياته قد تكون وخيمة وستنعكس على الجميع، مما يجعله مسؤولية على عاتق الجميع.
وتابعت: "هذا أمر أوصانا به ديننا الحنيف وكل الديانات السماوية، فالإنسان مستخلف بالأرض لإعمارها"، وبيّنت أن إعمارها لا يمكن أن يكون بإلحاق الضرر على أيٍ من مكوناتها".
وأضافت: "من يضر أي جزء من الطبيعة سيضر الجميع في المحصلة، وأن احترام الطبيعة أمر لا مناص منه لأنها بطبيعة الحال أقوى من البشر ولا طاقة له على عواقب الإخلال بتوازن منظومتها الدقيقة والمترابطة بأي شكل من الأشكال، وبالنظر للكوارث الطبيعية التي تنتج عن سلوك سلبي للبشر يثبت أننا لا نملك الحق بالعبث بها والتصرف بحرية كاملة معها".
ولفتت النظر إلى "الخطر الكبير الذي يترتب على رمي المخلفات في الطبيعة، وخصوصاً البلاستيكية، التي تحتاج لمئات السنين حتى تتحلل، بل إن تحللها يتمثل بنقل مكوناتها السامة لكائنات أخرى حية سواء عن طريق المياه الملوثة التي تشربها أو حتى عند تناولها بشكل مباشر أو غير مباشر عبر السلسلة الغذائية للكائن الحي، مما يسبب في كثير من الأحيان نفوقها".
لم يفت الأوان بعد
وأكدت الأميرة خلال حديثها أن "الأوان لم يفت بعد وأن إيقاف الممارسات الخاطئة بحق الطبيعة، كما حدث خلال جائحة كورونا، كفيل بالبدء بتعافي الطبيعة وعودة التوازن البيئي والحد من الكوارث الطبيعية التي قد تكون قادمة في حال استمرت هذه الانتهاكات بحق الطبيعة".
وفيما يخص الجهود الوطنية وما تطمح إليه الدولة لاستدامة مواردها البيئية، أشادت الأميرة عالية بنت الحسين بالجهود المحلية المبذولة بحق حماية الطبيعة، والتي كان فيها الأردن سباقا على مستوى الإقليم والعالم على الصعيدين التشريعي والتنفيذي.
وتمثلت هذه الجهود بالحد من الممارسات "الفردية" الخاطئة بحق الطبيعة، ومنها الصيد الجائر والاتجار غير المشروع بالحيوانات وتهريبها من وإلى الأردن لدول الجوار والعالم، مؤكدة "ما نزال نطمح إلى تكثيف هذه الجهود والوصول إلى الأفضل دائما في هذا الملف وجميع الملفات الأخرى على المستوى المحلي والإقليمي والدولي في ظل خبرات الشباب وجهود المؤسسات الوطنية المختلفة".
طبيعة متميزة
وبيّنت الأميرة أن بلادها تمتاز بطبيعة متميزة جدا نظرا للتنوع الكبير ضمن مساحة جغرافية صغيرة، وأن الجهود المبكرة في الاهتمام بالملف البيئي في البلاد أوصلتها لمرحلة جيدة جدا مقارنة بالإمكانيات المتاحة.
وأضافت: "تحتوي المملكة على محميات طبيعية مختلفة، ساهمت في حماية أنواع برية ونباتية مهددة بالانقراض على المستوى العالمي، بل إن هنالك أنواعا برية لم تسجل إلا بالأردن، كأنواع من النباتات أو حتى الفقاريات".
وأردفت قائلة: "لكننا نطمح جميعاً إلى زيادة هذه المساحات التي تحمي الأنواع البرية لتكون ضمن المعايير العالمية التي حددت بمساحة تقريبية ممثلة بـ20 في المئة من مساحة كل دولة".
مشاكل وعقبات
وأكدت أن الأردن يواجه العديد من العقبات فيما يتعلق بالملف البيئي، أبرزها ضعف الإمكانيات والموارد في ظل الظروف المحيطة بالبلاد والتداعيات الاقتصادية التي انعكست عليه خلال السنوات الماضية، بسبب تداعيات جائحة كورونا والحروب المختلفة، بالإضافة لتدمير البيئات المختلفة والزحف العمراني، وكذلك الممارسات الفردية.
ودعت لتكاتف الجهود في رفع مستوى الوعي بأهمية الطبيعة والمبادرات الجماعية والفردية في حماية البيئة والطبيعة والرفق بالحيوان، وتحمّل المسؤولية الاجتماعية من قبل الجميع في وقف أي ممارسات قد تضر أصغر تفصيلة بهذا الملف.
مؤسسة خاصة
وتطورت مبادرات الأميرة الفردية إلى تأسيس مؤسسة خاصة غير ربحية عام 2009 تحمل اسمها "مؤسسة الأميرة عالية بنت الحسين"، تشرف عليها، وتتفرع عنها عدة مؤسسات متخصصة.
وتعمل المؤسسة في مختلف القضايا، مثل حماية الطبيعة والحيوان والطاقة المتجددة، ومعالجة أمراض التوحد والاضطرابات النفسية عن طريق الخيل وغيرها من الحيوانات، بالإضافة إلى تقديم المساعدات للمدارس وتقديم منح دراسية ودعم الأسر العفيفة في توفير مستلزمات الدراسة لأبنائهم، وتنظيم أعمال تطوعية في العديد من المجالات بدعم من منظمات ومتطوعين وبالشراكة مع العديد من المؤسسات الرسمية والخاصة.
وتضم مؤسسة الأميرة عالية بنت الحسين، وفقا لآخر إحصائية، أكثر من 130 ألف متطوع، و2863 شريكا، ووفرت 404,981 فرصة تطوع، بمجموع ساعات 3,4 مليون ساعة تطوعية من خلال مختلف برامجها.
تجربة المأوى الفريدة
هذا وأنشأت المؤسسة محمية المأوى الطبيعية، وهي الأولى من نوعها، وذلك بالشراكة مع شركة "فيير بفوتين الدولي".
وتوفر هذه المحمية مكانا مناسباً للتصرف بالمضبوطات الحية من الأنواع الحيوانية المختلفة، التي يتم ضبطها في المملكة خلال عمليات التهريب والاتجار غير المشروع.
ويتم فحص جميع هذه الحيوانات قبل التصرف بها وفقاً لمعايير عالمية، إما بإطلاقها للأماكن البرية المناسبة سواء داخل الأردن وبالتنسيق مع أصحاب العلاقة مثل الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، أو حتى خارجها لأماكن انتشارها الطبيعي عالمياً، "وهذا هو الخيار الأولى لنا في المؤسسة، لكن في بعض الحالات يتعذر إطلاق مثل هذه الحيوانات للبرية، فيتم الاحتفاظ بها مع تقديم خدمات صحية بيطرية من قبل كادر متخصص".
وقد استقبلت "محمية المأوى" بعض الحيوانات المهددة بالانقراض ضمن مناطق النزاع والحروب في المنطقة، لتساهم في حماية الأنواع البرية على مستوى إقليمي، إلى جانب المستوى الوطني.
وتعد تجربة محمية المأوى من أنجح وأبرز التجارب في المنطقة، مما جعلها الوجهة الأولى لإيواء الحيوانات التي يتم ضبطها أو عدم توفر مكان مناسب لإيوائها في المنطقة بشكل عام.
سكاي نيوز عربية- وضاح أبوالبصل