وأخيرا أسدل الستار عن فلم محمد الذهبي وحكايته التي اشغلت الرأي العام على مدار سنوات عدة لينتهي به المطاف إلى حيث كنا نتوقع ونكتب فملف الذهبي كان حافلا بالتجاوزات والمخالفات المالية والإدارية منذ ان كان على سدة اهم جهاز امني في البلد .
وبدأت الامور تتكشف بعد أن انتبهت اجهزة الدولة الى وجود معادلات بغاية الغرابة تتعلق بشخص الذهبي وملفاته المالية ومخالفاته التي كانت تتم بالسر وبالليل فالمعلومات كانت تتوافد وتتكاثر من خصوم الذهبي وأعدائه تباعا كالشلال فبعضها كان من باب الانتقام والثار وبعضها الأخر كان حقيقية لكن الأدلة والبراهين كانت مقطوعة وتحتاج إلى من ينظمها ويوصلها ببعضها البعض.
ولعل من أهم تلك المعلومات كان العلاقة المتينة الممتدة والمتشعبة والمشبوهة مع رجال المال العراقيين الذين وجدوا بالذهبي من يوفر لهم الحماية، والرقابة الآمنة وبالفعل دخل الذهبي في ميمعة المال العراقي الحرام والكثير من الشخصيات العراقية التي دخلت عمان وبيدها الملايين الملايين فوجدت في الذهبي خير عراب وخير حارس لها وهنا بدأت شهية الذهبي تتفتح رويدا رويدا على هذه الفئة ومالها المنهوب من العراق.
لكن الذهبي تعامل مع هذا الملف بعقلية أمنية واستخدم كل طرق الالتواء والمنحنيات للوصول إليها بأقل الخسائر الا ان ذلك لم يخفى على الأجهزة الامنية التي بدأت تجمع المعلومات وتدقق الحسابات وتتابع الحولات حتى اكتشفت ان هنالك مجموعة من الأسماء تترد على الذهبي وان الأخير يلتقي بها من خلال عرابين داخل عمان أو في بيروت او في بعض العواصم الاخرى.
وكانت الأجهزة الامنية قد حصلت على تسجيلات وسي ديهات وبيانات مالية وشيكات بنكية وملفات تعود إلى علاقات مشبوهة مع الذهبي فسارت وراء الخطوط والخيوط لتكتمل الصورة والحقيقة فكان ذلك من خلال مساعدة رجل إعمال عراقي معروف ووكيل اعماله في عمان الذي تعرض للابتزاز من قبل احد أقرباء الذهبي الذي طلب عدة ملايين من اجل تسهيل إقامة الشيخ العراقي والذي رفض أن يستجيب للضغوطات والتهديدات والأوامر فأكل نصيبه من قبل مسؤولين في هيئة لاورق المالية.
وحينها قام وكيل رجل الإعمال العراقي بارسال ملف بحوالات مالية للذهبي له بها علاقة وتضمنت إدخال عشرات الملايين من الدولارات لصالح من حصلوا على إقامة بواسطة الذهبي وعددهم 37 شخصا وبالفعل جرى التدقيق لملفات هؤلاء من الناحية الأمنية فوجدوا تآمرا بين الداخلية والذهبي وبعض البنوك التي سهلت مرور الحوالات دون إخبار المركزي بها .
وما كشف الطابق كان ورود عشر شيكات على مراحل قيمة كل واحد 148 الف دولار لصالح احد البنوك باسم محمد الذهبي وحينها تبين للاجهزة الامنية التي فرغت فريقا كاملا متخصصا بالأمور المالية والمحاسبية لزيارة بعض البنوك ولزيارة البنك المركزي من اجل الاستفسار عن حركات الحوالات ومدى مخالفتها للقانون إذ تبين هنالك ملفا سريا يضم كل تحركات الذهبي المالية وحركاته التي لم تكن تخضع للمراقبة لاعتقاد البعض ان هذه الحركات تعود للمخابرات العامة وليس لمحمد الذهبي شخصيا
فجرى التدقيق والمتابعة لتتضح الصورة أكثر فأكثر حتى اعترف بعض العراقيين الذين جرى استدعائهم للأجهزة الأمنية وقدموا كل ما يعرفونهم عن هذا الملف ليصار بعدها مخاطبة دائرة مكافحة غسيل الأموال في البنك المركزي الذي اكتشف بعد تمحيص دقيق بلاوي اخرى ومخالفات جرى ضبطها بالملف كامل وجرى بعدها تحويله للجهات القضائية التي امرت بالتحقيق مع كل أصحاب العلاقة
الا ان الذهبي الذي علم بواسطة عيونه ان حبل المشنقة اقترب من رقبته فحاول الهروب بحجة السفر إلى الخارج الا ان ادارة المطار إعادته قبل شهر تقريبا ومعه بعض المتورطين ومعظمهم من الجنسية العراقية
وهنا بدأت الحكاية تاخذ طابع الجدية والإصرار في الملاحقة فبدأ الذهبي يحرك أصابعه ومليشياته وكتائبه الاعلامية من اجل خلق بلبلة ضد آخرين الا ان الأجهزة الأمينة كانت تعلم علم اليقين ان البعض قد وقع في فخ الذهبي وحباله الملوثة فسارعت لتقديمه للعدالة قبل ان يستطيع الذهبي الإفلات من العقاب
وهكذا انتهت فصول مسرحية الذهبي وهي في عهدة القضاء العادل الذي سيقول كلمته حتما.
حسن سعيد