الغريب في هذه المفارقة، أنه مع تنامي التظاهرات ضد حكومة نتنياهو وخروج مئات الآلاف للشوارع منددين بالديكتاتورية والفاشية ومطالبين بإسقاط حكومة نتنياهو، يخرج رئيس الوزراء الإسرائيلي على الجميع مشيداً بالديمقراطية الإسرائيلية واصفا إياها بالقوية والأبدية. فعن أي ديمقراطية يتحدث نتنياهو وقد بلغ ترتيب إسرائيل في مؤشّر الفساد العالمي الحالي المرتبة 36 من إجمالي 180 دولة ؟. وما هي هذه الديمقراطية التي وضعها مؤشر الديمقراطية العالمي التابع لمجلة الايكونوميست البريطانية في العام 2022 في مرتبة الديمقراطيات الهشة (المعيبة). ليس هذا فقط، فقد أشار المؤشر السابق الى تراجع إسرائيل ستة مراتب لمؤشر الديمقراطية للعام 2022 من المرتبة 23 إلى 29 من أصل 165 دولة . ومن المتوقع أن تنزلق إسرائيل في ترتيب منخفض أكثر للعام الجاري 2023 بسبب إنقسامات داخلية حادة نتيجةً لقوانين الإصلاح القضائي وطبيعة العلاقة المحتدمة بين الاشكناز والحريديم ونمو الفاشية الدينية داخل المجتمع الإسرائيلي. من جانب آخر، عن أي ديمقراطية يكذب نتنياهو على العالم وهو يفتخر هو وفريقه الحكومي الفاشي بان إسرائيل هي دولة لليهود فقط! أي ديمقراطية هذه لفئة واحدة من مواطني الدولة ؟ وأي ديمقراطية هذه وإسرائيل دولة فصل عنصري ؟ وأي ديمقراطية هذه وقد أظهر استطلاع "مؤشر الديمقراطية الإسرائيلية" للعام 2022، الصادر عن "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية"، أن نسبة ثقة الإسرائيليين في مؤسسات الدولة وصلت الى أدنى مستوياتها منذ عشرين عاما.
في الحقيقة، على العالم أجمع أن يتوقف عن نعت إسرائيل بأنها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط. ربما كانت واحة في السابق ولكنها الآن حتماً صحراء قاحلة ترابها مجبول بالدم والعنصرية. إنها "دولة تتحرك بسرعة خطيرة نحو القومية المتطرفة والأصولية والعنصرية والفاشية، أي أنها تحطم الأسس الديمقراطية التي بنيت فيها" كما قال جدعون ليفي في مقاله الأسبوع السابق في صحيفة هارتس.