وقف الدكتور أحمد عويدي العبادي خطيبا وسط نخبة من المحاربين القدامى وتحدث في مسألتين لا علاقة لهما بسبب إعتصام المتقاعدين المعلن وهما التلويح بالثورة المسلحة ضد النظام أولا، والإشارة ثانيا إلى ان الأردنيين ضد الوطن البديل.
سأل كثيرون حتى داخل أوساط القرار والحكم: ما هي العلاقة بين الوطن البديل ورفع رواتب المتقاعدين العسكريين؟.
قبل ذلك فاجأ رئيس مجلس النواب المخضرم عبد الكريم الدغمي الاوساط السياسية والإعلامية بمقاربة ظهرت في 'مانشيتات' إحدى الصحف اليومية عندما قال: الدعوة لتقليص صلاحيات الملك بحجة الإصلاح ستقود للوطن البديل.
وفي لقاء لجنة الحوار الوطني مع رئيس الوزراء عون الخصاونة وقف رئيس لجنة المتقاعدين ليقدم مداخلة يعترض فيها على إستئثار الإسلاميين بالحوار والتلاقي مع الحكومة لكنه إنتهى بإتهام الحكومة بالتجنيس والتمهيد للوطن البديل.
.. حتى في بعض إجتماعات المعارضة سألني شخصيا أحد المعارضين: لماذا لا تشارك عمان بثقلها السكاني في حراك الشارع ؟... قبل محاولتي الإجابة وقف أحد اليساريين معبرا عن الخشية من الوطن البديل إذا شاركت عمان.
وفي عمان اليوم يمكن لأي قارىء الإطلاع على قماشة كاملة من المقالات التي تربط أي موضوع من أي نوع بسيناريو الوطن البديل .. أحدهم نشر {كذبة كبيرة} مؤخرا عندما إدعى بأن القدس العربي روجت للمحاصصة والوطن البديل فيما يحاول كثيرون تخويف النظام من أن الإصلاح سيوقع المملكة في أحضان الأخوان المسلمين وبالتوازي تخويف العشائر الأردنية من أن النتيجة الحتمية للإسترسال في الضغط على النظام وحراك الشارع ستوقع البلاد في أحضان {الآخر} والاخر هنا حصريا هو الفلسطيني ..يعني مرة أخرى الوطن البديل.
طبعا نعرف أن إسرائيل لا تألو جهدا للتآمر على الشعبين معا الأردني والفلسطيني..كانت كذلك في الماضي وستبقى كذلك في المستقبل.
ما العمل إزاء هذه الحالة السيريالية بسيط ومباشر؟ ...يمكن لمؤسسات النظام أن تلتقط ما هو جوهري في المشهد وتستخدم إمكاناتها لإقناع الناس جميعا بأن السبب الوحيد الذي يحول دون مواجهة الفساد فعليا او يحول دون الإصلاح الحقيقي هو الخوف من الوطن البديل.
وهكذا يصبح إرتفاع أسعار البندورة ونقص إسطوانات الغاز والتلاعب في فواتير الكهرباء والمياه مسائل لها علاقة بسبب جوهري ووطني ومهم وهو الإنتباه لمؤامرة الوطن البديل فأي معالجة لهذه المشكلات ستقود في المحصلة للوطن البديل.
إنها إذا الفرية أو الشماعة التي يعلق عليها الكثيرون في بلادي أوهامهم واحلامهم وأفلامهم فالتخويف من الوطن البديل أصبح وسيلة بعض النشطاء والحراكيين لإبتزاز النظام وتحصيل المزيد من الإمتيازات وقد يصبح وسيلة المغامرين في النظام لتخويف نصف الشعب من النصف الاخر ولزرع الفتنة بين الناس لأغراض إحتواء الحراك كما حصل تماما في حدثين على الأقل في قلب العاصمة وقلب مدينة المفرق.
وعليه فنغمة الوطن البديل هي البئر الذي يغرف منه الجميع بدون إستثناء والمياه صالحة لكل أنواع الدجل والتضليل السياسي والإبتزاز مع قليل من التبهير والتحوير واللف والدوران.
إنه سلاح من لا يجد سلاحا وجحش يمتطيه بعض فرسان الوعي المزيف وتجار الوطنية... كل ذلك يحصل لسبب واضح وبسيط يتمثل في إقلاق الأردنيين جميعا شعبا وقيادة رغم أن الطرف المعني بالوطن البديل ما زال في الترانزيت أو كمن يقيم في دبي على حد تعبير وزير الداخلبة الأسبق والمثقف مازن الساكت.
ورغم أن إتفاقية وادي عربة التي وقعها عبد السلام المجالي تنص في بندها الثامن وباللغتين على {التوطين} فيما لا يمكن إعتبار التواصل ثم التفاهم مع الحركة الإسلامية قرينة على التمهيد للوطن البديل فالإسلاميون عقائديا وسياسيا ضد إسرائيل وعملية السلام والمفاوضات وإتفاقية وادي عربة معا فكيف يستقيم القول بأن التفاهم معهم سيؤسس للوطن البديل؟