اخبار البلد_إذا أردت أن تعرف ما آلت إليه “أحوالنا” وما فعلناه بأنفسنا في السنوات الماضية فما عليك إلا أن تتوجه الى قاعات امتحان التوجيهي، لترى بعينيك كيف تحوّل هذا الامتحان الذي كان يشكل “قيمة” أخشى ان اقول انها “مقدسة” لدى كل واحد منا، الى “مهزلة” مخجلة نتفرج عليها - للأسف - دون ان نحرك ساكناً.
إذا لم تكن قد سمعت بقرار “إلغاء” الامتحان في مدينة السلط ثم إلغاء “الإلغاء” بعد مرور ساعات، فأمامك فرصة لرؤية هذا المشهد الطريف: عشرات الشباب يقفون على سور إحدى المدارس التي يعقد فيها الامتحان، وبأيديهم اوراق الامتحان وبأعلى صوتهم يصرخون لـ “تغشيش” زملائهم داخل القاعة الإجابات.. ويتكرر المشهد في اكثر من موقع على مرأى من الجميع.. ثم تؤكد الوزارة ان “الامتحان” يسير وفق الخطة المقررة دون مشكلات وبأجواء مريحة!
إذا سمحت ثمة مشهد آخر: قبل أربع ساعات من عقد الامتحان، يبدأ احد “المعلمين” الذين يدرسون الطلبة دروسا خصوصية بالاتصال بهم لإبلاغهم عددا من الاسئلة “المؤكدة” ثم يفاجأ الطلبة بأنها هي ذاتها اسئلة الامتحان المقرر، وعلى مسافة غير بعيدة تقع مكتبة تبيع اسئلة الامتحان قبل ساعات قليلة من دخول التلاميذ الى القاعة، لم أصدق - بالطبع - ذلك، لكن ثبت لي في امتحانين هما اللغة الانجليزية والكيمياء للفرع العلمي بأن ثمة من “سرّب” الاسئلة، وحين سألت كيف حصل ذلك، فهمت بأن العملية تجري في الوقت الممتد بين مرحلة نقل الاسئلة من المركز الى القاعات.. لا أدري كيف، ولكنني سمعت بأن “ابناء” لبعض المتنفذين هم من يقومون بذلك.
بحسب تصريحات الوزارة تم ضبط “آلاف” الطلبة الذين تورطوا في الغش، وبحسب روايات الاهالي ثمة “قاعات” كثيرة يتداول فيها الطلبة انواعا من “الغش” بشكل جماعي، وعلى مرأى من “المراقبين” وبمساعدتهم احياناً، وثمة وسائل حديثة تستخدم لهذه الغاية، بخاصة في القاعات التي لا تتوافر فيها اجهزة لاكتشاف مثل تلك الوسائل.
السؤال: هل ما زال امتحان “التوجيهي” يحظى بالصدقية والنزاهة أم ان هذه “التجاوزات” قد جرحته وافقدته تلك الميزة التي كانت تطمئن الجميع بأنهم “أمامه” سواء؟
أخشى ان اقول إننا “خسرنا” هذا “الامتحان” مثلما خسرنا “قيماً” أخرى عزيزة علينا، وإن المشكلة لا تتعلق فقط بإجراءات وزارة التربية انما بـ “منظومة” من الاخطاء التي نتحملها جميعاً: الدولة التي تراجعت هيبتها، والمجتمع الذي يريد ان ينتقم من نفسه، والطلبة الذين “اكتشفوا” ان ابواب الجامعات التي انسدت أمامهم بسبب المحسوبية والانظمة غير العادلة لا مجال لفتحها او اقتحامها الا من خلال “الغش” والتجاوز على قواعد الامتحان ونزاهته.. ولم لا (تصوّر!) ما دام ان المسألة مسألة “شطارة” ونهب.. بلا محاسبة ولا مساءلة؟!
حرام ما نفعله بأنفسنا، وما نفعله بـ”امتحان” كنا نعتبره احد اهم انجازاتنا الوطنية، وحرام ان نسكت على ذلك ونمر عليه مرور “من لا حول له ولا قوة”.
مهما حاولت وزارة التربية ان تقنعنا أن ما حدث في بعض المحافظات والقاعات مجرد “حالات” استثنائية، وأنها ضبطت وعاقبت واتخذت ما يلزم من اجراءات، فإننا سنرد عليها بأن مجرد رؤية ما يفعله الشباب امام القاعات وهم يصرخون بالإجابات لتصل الى مسامع الطلبة دون ان يجدوا من يردعهم، هو “عبث” يطال سمعة الامتحان، ويطال “تعب” الطلبة الذين التزموا النظافة والنزاهة، ويطال “عدالة” النتائج التي يفترض ان تعكس مستوى الطلبة ومثابرتهم وتحدد مصيرهم في التعليم العالي الذي انتزعت “فرحته” اموال القادرين وانظمة القبول غير الموحد.. وغير العادل ايضا.
دعونا نعترف بأخطائنا، ونبدأ التفكير “بالمخرج” الحقيقي الذي يجيب على السؤال الأهم وهو: لماذا ننتقم من أنفسنا ومجتمعنا بهذه الصورة البشعة؟!
إذا لم تكن قد سمعت بقرار “إلغاء” الامتحان في مدينة السلط ثم إلغاء “الإلغاء” بعد مرور ساعات، فأمامك فرصة لرؤية هذا المشهد الطريف: عشرات الشباب يقفون على سور إحدى المدارس التي يعقد فيها الامتحان، وبأيديهم اوراق الامتحان وبأعلى صوتهم يصرخون لـ “تغشيش” زملائهم داخل القاعة الإجابات.. ويتكرر المشهد في اكثر من موقع على مرأى من الجميع.. ثم تؤكد الوزارة ان “الامتحان” يسير وفق الخطة المقررة دون مشكلات وبأجواء مريحة!
إذا سمحت ثمة مشهد آخر: قبل أربع ساعات من عقد الامتحان، يبدأ احد “المعلمين” الذين يدرسون الطلبة دروسا خصوصية بالاتصال بهم لإبلاغهم عددا من الاسئلة “المؤكدة” ثم يفاجأ الطلبة بأنها هي ذاتها اسئلة الامتحان المقرر، وعلى مسافة غير بعيدة تقع مكتبة تبيع اسئلة الامتحان قبل ساعات قليلة من دخول التلاميذ الى القاعة، لم أصدق - بالطبع - ذلك، لكن ثبت لي في امتحانين هما اللغة الانجليزية والكيمياء للفرع العلمي بأن ثمة من “سرّب” الاسئلة، وحين سألت كيف حصل ذلك، فهمت بأن العملية تجري في الوقت الممتد بين مرحلة نقل الاسئلة من المركز الى القاعات.. لا أدري كيف، ولكنني سمعت بأن “ابناء” لبعض المتنفذين هم من يقومون بذلك.
بحسب تصريحات الوزارة تم ضبط “آلاف” الطلبة الذين تورطوا في الغش، وبحسب روايات الاهالي ثمة “قاعات” كثيرة يتداول فيها الطلبة انواعا من “الغش” بشكل جماعي، وعلى مرأى من “المراقبين” وبمساعدتهم احياناً، وثمة وسائل حديثة تستخدم لهذه الغاية، بخاصة في القاعات التي لا تتوافر فيها اجهزة لاكتشاف مثل تلك الوسائل.
السؤال: هل ما زال امتحان “التوجيهي” يحظى بالصدقية والنزاهة أم ان هذه “التجاوزات” قد جرحته وافقدته تلك الميزة التي كانت تطمئن الجميع بأنهم “أمامه” سواء؟
أخشى ان اقول إننا “خسرنا” هذا “الامتحان” مثلما خسرنا “قيماً” أخرى عزيزة علينا، وإن المشكلة لا تتعلق فقط بإجراءات وزارة التربية انما بـ “منظومة” من الاخطاء التي نتحملها جميعاً: الدولة التي تراجعت هيبتها، والمجتمع الذي يريد ان ينتقم من نفسه، والطلبة الذين “اكتشفوا” ان ابواب الجامعات التي انسدت أمامهم بسبب المحسوبية والانظمة غير العادلة لا مجال لفتحها او اقتحامها الا من خلال “الغش” والتجاوز على قواعد الامتحان ونزاهته.. ولم لا (تصوّر!) ما دام ان المسألة مسألة “شطارة” ونهب.. بلا محاسبة ولا مساءلة؟!
حرام ما نفعله بأنفسنا، وما نفعله بـ”امتحان” كنا نعتبره احد اهم انجازاتنا الوطنية، وحرام ان نسكت على ذلك ونمر عليه مرور “من لا حول له ولا قوة”.
مهما حاولت وزارة التربية ان تقنعنا أن ما حدث في بعض المحافظات والقاعات مجرد “حالات” استثنائية، وأنها ضبطت وعاقبت واتخذت ما يلزم من اجراءات، فإننا سنرد عليها بأن مجرد رؤية ما يفعله الشباب امام القاعات وهم يصرخون بالإجابات لتصل الى مسامع الطلبة دون ان يجدوا من يردعهم، هو “عبث” يطال سمعة الامتحان، ويطال “تعب” الطلبة الذين التزموا النظافة والنزاهة، ويطال “عدالة” النتائج التي يفترض ان تعكس مستوى الطلبة ومثابرتهم وتحدد مصيرهم في التعليم العالي الذي انتزعت “فرحته” اموال القادرين وانظمة القبول غير الموحد.. وغير العادل ايضا.
دعونا نعترف بأخطائنا، ونبدأ التفكير “بالمخرج” الحقيقي الذي يجيب على السؤال الأهم وهو: لماذا ننتقم من أنفسنا ومجتمعنا بهذه الصورة البشعة؟!
حسين الرواشدة