ألم تنته اللعبة ؟
راتب يوسف عبابنة
أليس ما يجري في سوريا سواء من قبل الجامعة العربية أو من قبل النظام بلعبة تمتزج فيها النوايا المفضوحة بالمستترة واستخفاف بالعقل العربي وضحيتها المواطن السوري وسوريا الوطن ؟ لقد مللنا تصريحات الجامعة العربية الممثلة "بجيشها البرتقالي" المنتشر بالمحافظات السورية الملتهبة ومللنا تصريحات سوريا الرسمية وصحفييها الذين ينفون كل كلمة تصدر عن الثوار ومجلسهم ويكذبون كل خبر يصدر عن الثورة وصحافتها لدرجة أننا أصبحنا نعلم مسبقا ما سيقوله أي ممثل للطرفين.
إستخفافها ذلك صار ينعكس باستغبائها من قبل كل العرب ببسطائهم وأذكيائهم بعد أن أصبحت سياساتها مكشوفة ولا تحتاج مستوى عال من الذكاء لفهم أبعادها ومراميها خصوصا بعد أن أصبحت تستأنس بإرادة قطرية بطلها وزير خارجية قطر الدولة التي تزاحم مصر والسعودية على لعب الدور الريادي في الشرق الأوسط. والمتتبع لسياسة قطر يعلم جيدا سياسة التقلب الذي دافعه حب الظهور وقطع الطريق على السعودية بالذات. ومن التقلبات نستذكر كيف خرجت عن إطار السياسة العامة لدول الخليج : سرعة تحسن علاقاتها مع إيران بعد الحرب العراقية الإيرانية. سرعة تحسن علاقاتها مع العراق بعد تحرير الكويت وحلقات "الإتجاه المعاكس" بزعامة فيصل القاسم تشهد بذلك (رغم أننا اعتبرنا ذلك خطوة إيجابية حينها) غمز ولمز "الجزيرة" على الأردن وقلب الحقائق كلما سنحت الفرصة. ومناكفتها للسعودية ومهاجمتها لها من خلال فضائية "الجزيرة". ثم انقلبت على نفسها ورممت علاقاتها مع السعودية. وقوفها ضد الأردن ودفعها الأموال بهدف عدم وصول مرشح الأردن لأمانة الأمم المتحدة ودعمها لمرشح دولة أجنبية ثبت ضعفه في معالجة الكثير من القضايا. والآن هاهي تخطب ود الأردن لتحسين العلاقات ليس مراجعة لنهجها الخاطئ بل لتحقيق مصلحة لا يتسع المقام لذكرها. ونراها الآن تنقلب على سوريا بعد أن كانت الدولة الوحيدة التي تخاطب سوريا بالشأن العربي واللبناني بحكم علاقاتهما الجيدة وزيارات الحَمَديْن المتعددة لها تشهد بذلك أيضا. كما أنها اليوم تلعب دور القائد "للرفض" العربي بوجه سوريا من خلال جامعتنا العربية الموقرة.
رحم الله امرءا عرف قدر نفسه فوقف عنده آملين من قطر أن تلتزم بنهج يكسبها الإحترام والثقة وتبتعد عن الأدوار التي لاتستطيع إدامتها وتتوقف عن التقلب السريع والملفت للأنظار الذي أفقدها المصداقية وثقة الآخرين مع إيماننا أن السياسة هي فن الممكن لكن ليس بأسلوب مكشوف يجلب الإنتقاد والحذر الممزوج بعدم الثقة التي هي ناتج التقلب والمواقف المريبة.
ألم يكن تدخل الجامعة المتأخر والبطيء بالشأن السوري عكس تدخلها المباشر والمتسرع بالشأن الليبي؟ أليس هذا التناقض مدعاة للتساؤل؟ علما أن القذافي عند تدخل الجامعة لم يكن قد بطش بشعبه بعد وما هي إلا أيام معدودة وعبّدت الطريق لتسهيل دخول حلف الأطلسي بينما الحال في سوريا مختلف حيث معدل القتلى اليومي يزيد عن العشرين وها هو الحال الدموي يقترب عمره من السنة. ألا يدعو هذا النهج للإستغراب والفضول لمعرفة أسباب هذه الإزدواجية المغرضة التي لم نعهدها إلا من أمريكا؟ عندما كانت إسرائيل تقصف جنوب لبنان وتقتل ما تقتل وتدمر ما تدمر يخرج علينا الناطق باسم الخارجية أو البنتاغون الأمريكيتين ليتحفنا بتصريحه المعهود والممجوج قائلا: على اللبنانيين أن يتحلوا بضبط النفس ومن حق إسرائيل الدفاع عن نفسها. أليست هذه وقاحة واستهتار وعهر ما بعده عهر؟ والجامعة العربية التي تدخلت بحجة أن القذافي والأسد يرتكبان نفس الجريمة من القتل والظلم لكن الحكم في الحالتين مختلف فهي تحلل هنا وتحرم هناك.
وها هي تطرح "الحلول" وهي تعلم والكل يعلم أنها ليست حلولا جادة ولا صادقة. فالمنطق يقول أنها إعطاء فرصة للنظام لمنحه هامشا زمنيا للمناورة مما يعني الإمعان في القتل للإنقضاض عليه متذرعة بوقف القتل. وبنفس الوقت النية من وراء ذلك إقناع الرأي العام بأنها ليست متسرعة للإطاحة بالنظام و الهدف ليس الخلاص منه أو استبداله. ثم تم الإتفاق على إرسال مراقبين لا حول لهم ولا قوة ولا يستطيعون الوقوف على كل الحقيقة والواقع لأن النظام يلعب معهم لعبة القط والفأر. يسبقهم النظام على توزيع الخبز على المواطنين في المناطق المخطط لهم زيارتها وبعد مغادرة المراقبين يذيقهم ألوان العذاب والقتل والتنكيل. ومن الواضح أن وتيرة القتل قد ارتفعت بعد تدخل الجامعة لأن النظام يتصرف وفق ما تمليه عليه مصلحته الشخصية وليس وفق ما يمليه حبر الجامعة الموجود على الورق.
فهذا السيناريو الخفي الذي كتبت مشاهده الجامعة العربية قد أوصل المشاهدين وحتى الثوار أنفسهم للقناعة القائلة بعبثية وجود المراقبين ولابد للبحث عن بديل والبديل المطروح والذي تمهد له الجامعة العربية منذ البداية هو تعبيد الطريق وتهيئة الظروف وصناعة الأسباب لإقناع الرأي العام بشرعية التدخل الأجنبي بعد أن تعلن فشلها وعدم تمكنها من وقف القتل بالإضافة لعدم تعاون الدولة وليعذرها السوريون شاكرين فليس لهم من منقذ بعد كل هذه الجهود إلا ماما أمريكا وبابا مجلس الأمن وأدواتهم التنفيذية ويكون السيناريو قد انتهت آخر مشاهده كما حرصت الجامعة العربية أو بالأحرى كما طُلب منها من قبل القوى الإستعمارية الطامعة وبذلك تكون قد نفذت المهمة مشكورة بمنتهى الأمانة والإخلاص وتحقق الهدف.
والأسواء من ذلك مطالبة بعض الثوار والمعارضين بتدخل مجلس الأمن معتقدين أن مجلس الأمن سيتدخل "لسواد عيونهم" ربما يستطيع المجلس والذي تديره وتحركه أمريكا أن يطيح بالنظام بفعل القوة الضاربة, لكن هل سيترككم وشانكم أم ستبقى أمريكا وأعوانها بين ظهرانيكم وعلى أرضكم بحجة إرساء الديمقراطية والإطمئنان حتى يتمكن الشعب السوري من حكم نفسه بنفسه ؟ لكم في أفغانستان والعراق وليبيا عبرة أيها السوريون.
وكذلك للنظام عبرة من الزعماء العرب وغير العرب المُعمّرين في الحكم الذين التصقت أجسامهم بكراسيهم غير مكترثين لمطالب شعوبهم بل ظنوا أنفسهم "آلهة" على شعوبهم عبادتها. ونذكر هنا وللعبرة الرئيس الروماني نيكولاي تشاوسيسكو عندما تم اعتقاله سأل معتقليه : هل أنتم رومانيون؟ سؤال غريب في الأحوال الطبيعية لكنه ليس غريبا من رئيس دولة أوصله وهمه بألوهيته أن المواطن الروماني لا يمكن أن تصل به الجرأة لحد اعتقال رئيسه والإنقلاب عليه وسؤاله ينطوي على قناعه بل عقيدة أن الروماني وُجد للطاعة العمياء فقط وليس من حقه الإعتراض.
وسؤالنا لرأس النظام السوري ألم يحن الوقت لوقف سفك الدماء والتشريد والفوضى وعدم الإستقرار وعدم الشعور بالأمان؟ ترى هل يتم تضليله وتقزيم الأمور لدرجة تجعله لا يلتفت لما يجري في دولته؟ أم أن الرغبة في الحكم والإستمرار به تجعل الشعب يهون أمامها والدماء رخيصة مقابلها؟
إن كانت هناك مؤامرة (والإحتمال قائم) كما تقول أبواق النظام أمثال أحمد الحاج علي الذي يؤله رأس نظامه ويشجعه للدوس عليهم كالحشرات, فلماذا لم تجهضوا المؤامرة في مهدها وتسمعوا مطالب شعبكم وتعملوا على تحقيقها وتريحوا أنفسكم من كل ما تعانوه الآن من عزلة وتهديد لبقائكم؟
ألشعوب في كل أصقاع الأرض تنادي بالذي يحكمها بالعدل والإنصاف وليس مهما إبن من أو من أين. وما دام العدل والإنصاف غير موجودين فذلك يقودهم للبحث عمن يحكمهم بعدل وإنصاف.
عودا على الجامعة العربية, من الواضح أنها تسلك نهجا ليس بصالح سوريا الشعب ولا بسوريا النظام. ولا يختلف إثنان على أن الجامعة لم تعمل يوما على حل مشكلة عربية بطريقة يقبلها العقل العربي بل تدخلها مصلحة وانصياع للغرب يمكن ان يحاججنا بها يوما ويُحمّل المسؤولية للجامعة بأنها صاحبة الدعوة "المباركة" والصوت الذي طلب الإستغاثة فما كان منهم وبدافع شهامتهم (أي القوى الغربية) إلا أن يلبوا النداء النابع من إنسانيتهم وحرصهم على ديمقراطية الشعوب خصوصا العربية منها وراحتها ورفاهها.
إذا ظنت الجامعة أنها تحقق هدفا نبيلا بالخلاص من نظام الأسد كما تخلصت قبله من نظام القذافي تكون واهمة لأن "المسبحة انفرطت" وهناك الكثيرون ينتظرون قدرهم بعد الأسد, حتى أمريكا تعلمت درسا في العراق ولا أظنها تورط نفسها بعد خروجها من وحل العراق بوحل سوريا لأن الشعب الأمريكي له احترامه عند حكومته ويحسم أمره عندما يرى الأمور تخرج عن السيطرة.
فالتحايل والوجه الظاهر والوجه الباطن جميعها أمور أصبح من الصعب تمريرها بسبب الوعي عند الناس كافة وبسبب التاريخ "المشرّف" للجامعة. فدعوا سوريا لشعبها كان الله في عونه وشكرا لجهودكم.
حمى الله الأمة العربية والغيارى على الأمة العربية. والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com
راتب يوسف عبابنة
أليس ما يجري في سوريا سواء من قبل الجامعة العربية أو من قبل النظام بلعبة تمتزج فيها النوايا المفضوحة بالمستترة واستخفاف بالعقل العربي وضحيتها المواطن السوري وسوريا الوطن ؟ لقد مللنا تصريحات الجامعة العربية الممثلة "بجيشها البرتقالي" المنتشر بالمحافظات السورية الملتهبة ومللنا تصريحات سوريا الرسمية وصحفييها الذين ينفون كل كلمة تصدر عن الثوار ومجلسهم ويكذبون كل خبر يصدر عن الثورة وصحافتها لدرجة أننا أصبحنا نعلم مسبقا ما سيقوله أي ممثل للطرفين.
إستخفافها ذلك صار ينعكس باستغبائها من قبل كل العرب ببسطائهم وأذكيائهم بعد أن أصبحت سياساتها مكشوفة ولا تحتاج مستوى عال من الذكاء لفهم أبعادها ومراميها خصوصا بعد أن أصبحت تستأنس بإرادة قطرية بطلها وزير خارجية قطر الدولة التي تزاحم مصر والسعودية على لعب الدور الريادي في الشرق الأوسط. والمتتبع لسياسة قطر يعلم جيدا سياسة التقلب الذي دافعه حب الظهور وقطع الطريق على السعودية بالذات. ومن التقلبات نستذكر كيف خرجت عن إطار السياسة العامة لدول الخليج : سرعة تحسن علاقاتها مع إيران بعد الحرب العراقية الإيرانية. سرعة تحسن علاقاتها مع العراق بعد تحرير الكويت وحلقات "الإتجاه المعاكس" بزعامة فيصل القاسم تشهد بذلك (رغم أننا اعتبرنا ذلك خطوة إيجابية حينها) غمز ولمز "الجزيرة" على الأردن وقلب الحقائق كلما سنحت الفرصة. ومناكفتها للسعودية ومهاجمتها لها من خلال فضائية "الجزيرة". ثم انقلبت على نفسها ورممت علاقاتها مع السعودية. وقوفها ضد الأردن ودفعها الأموال بهدف عدم وصول مرشح الأردن لأمانة الأمم المتحدة ودعمها لمرشح دولة أجنبية ثبت ضعفه في معالجة الكثير من القضايا. والآن هاهي تخطب ود الأردن لتحسين العلاقات ليس مراجعة لنهجها الخاطئ بل لتحقيق مصلحة لا يتسع المقام لذكرها. ونراها الآن تنقلب على سوريا بعد أن كانت الدولة الوحيدة التي تخاطب سوريا بالشأن العربي واللبناني بحكم علاقاتهما الجيدة وزيارات الحَمَديْن المتعددة لها تشهد بذلك أيضا. كما أنها اليوم تلعب دور القائد "للرفض" العربي بوجه سوريا من خلال جامعتنا العربية الموقرة.
رحم الله امرءا عرف قدر نفسه فوقف عنده آملين من قطر أن تلتزم بنهج يكسبها الإحترام والثقة وتبتعد عن الأدوار التي لاتستطيع إدامتها وتتوقف عن التقلب السريع والملفت للأنظار الذي أفقدها المصداقية وثقة الآخرين مع إيماننا أن السياسة هي فن الممكن لكن ليس بأسلوب مكشوف يجلب الإنتقاد والحذر الممزوج بعدم الثقة التي هي ناتج التقلب والمواقف المريبة.
ألم يكن تدخل الجامعة المتأخر والبطيء بالشأن السوري عكس تدخلها المباشر والمتسرع بالشأن الليبي؟ أليس هذا التناقض مدعاة للتساؤل؟ علما أن القذافي عند تدخل الجامعة لم يكن قد بطش بشعبه بعد وما هي إلا أيام معدودة وعبّدت الطريق لتسهيل دخول حلف الأطلسي بينما الحال في سوريا مختلف حيث معدل القتلى اليومي يزيد عن العشرين وها هو الحال الدموي يقترب عمره من السنة. ألا يدعو هذا النهج للإستغراب والفضول لمعرفة أسباب هذه الإزدواجية المغرضة التي لم نعهدها إلا من أمريكا؟ عندما كانت إسرائيل تقصف جنوب لبنان وتقتل ما تقتل وتدمر ما تدمر يخرج علينا الناطق باسم الخارجية أو البنتاغون الأمريكيتين ليتحفنا بتصريحه المعهود والممجوج قائلا: على اللبنانيين أن يتحلوا بضبط النفس ومن حق إسرائيل الدفاع عن نفسها. أليست هذه وقاحة واستهتار وعهر ما بعده عهر؟ والجامعة العربية التي تدخلت بحجة أن القذافي والأسد يرتكبان نفس الجريمة من القتل والظلم لكن الحكم في الحالتين مختلف فهي تحلل هنا وتحرم هناك.
وها هي تطرح "الحلول" وهي تعلم والكل يعلم أنها ليست حلولا جادة ولا صادقة. فالمنطق يقول أنها إعطاء فرصة للنظام لمنحه هامشا زمنيا للمناورة مما يعني الإمعان في القتل للإنقضاض عليه متذرعة بوقف القتل. وبنفس الوقت النية من وراء ذلك إقناع الرأي العام بأنها ليست متسرعة للإطاحة بالنظام و الهدف ليس الخلاص منه أو استبداله. ثم تم الإتفاق على إرسال مراقبين لا حول لهم ولا قوة ولا يستطيعون الوقوف على كل الحقيقة والواقع لأن النظام يلعب معهم لعبة القط والفأر. يسبقهم النظام على توزيع الخبز على المواطنين في المناطق المخطط لهم زيارتها وبعد مغادرة المراقبين يذيقهم ألوان العذاب والقتل والتنكيل. ومن الواضح أن وتيرة القتل قد ارتفعت بعد تدخل الجامعة لأن النظام يتصرف وفق ما تمليه عليه مصلحته الشخصية وليس وفق ما يمليه حبر الجامعة الموجود على الورق.
فهذا السيناريو الخفي الذي كتبت مشاهده الجامعة العربية قد أوصل المشاهدين وحتى الثوار أنفسهم للقناعة القائلة بعبثية وجود المراقبين ولابد للبحث عن بديل والبديل المطروح والذي تمهد له الجامعة العربية منذ البداية هو تعبيد الطريق وتهيئة الظروف وصناعة الأسباب لإقناع الرأي العام بشرعية التدخل الأجنبي بعد أن تعلن فشلها وعدم تمكنها من وقف القتل بالإضافة لعدم تعاون الدولة وليعذرها السوريون شاكرين فليس لهم من منقذ بعد كل هذه الجهود إلا ماما أمريكا وبابا مجلس الأمن وأدواتهم التنفيذية ويكون السيناريو قد انتهت آخر مشاهده كما حرصت الجامعة العربية أو بالأحرى كما طُلب منها من قبل القوى الإستعمارية الطامعة وبذلك تكون قد نفذت المهمة مشكورة بمنتهى الأمانة والإخلاص وتحقق الهدف.
والأسواء من ذلك مطالبة بعض الثوار والمعارضين بتدخل مجلس الأمن معتقدين أن مجلس الأمن سيتدخل "لسواد عيونهم" ربما يستطيع المجلس والذي تديره وتحركه أمريكا أن يطيح بالنظام بفعل القوة الضاربة, لكن هل سيترككم وشانكم أم ستبقى أمريكا وأعوانها بين ظهرانيكم وعلى أرضكم بحجة إرساء الديمقراطية والإطمئنان حتى يتمكن الشعب السوري من حكم نفسه بنفسه ؟ لكم في أفغانستان والعراق وليبيا عبرة أيها السوريون.
وكذلك للنظام عبرة من الزعماء العرب وغير العرب المُعمّرين في الحكم الذين التصقت أجسامهم بكراسيهم غير مكترثين لمطالب شعوبهم بل ظنوا أنفسهم "آلهة" على شعوبهم عبادتها. ونذكر هنا وللعبرة الرئيس الروماني نيكولاي تشاوسيسكو عندما تم اعتقاله سأل معتقليه : هل أنتم رومانيون؟ سؤال غريب في الأحوال الطبيعية لكنه ليس غريبا من رئيس دولة أوصله وهمه بألوهيته أن المواطن الروماني لا يمكن أن تصل به الجرأة لحد اعتقال رئيسه والإنقلاب عليه وسؤاله ينطوي على قناعه بل عقيدة أن الروماني وُجد للطاعة العمياء فقط وليس من حقه الإعتراض.
وسؤالنا لرأس النظام السوري ألم يحن الوقت لوقف سفك الدماء والتشريد والفوضى وعدم الإستقرار وعدم الشعور بالأمان؟ ترى هل يتم تضليله وتقزيم الأمور لدرجة تجعله لا يلتفت لما يجري في دولته؟ أم أن الرغبة في الحكم والإستمرار به تجعل الشعب يهون أمامها والدماء رخيصة مقابلها؟
إن كانت هناك مؤامرة (والإحتمال قائم) كما تقول أبواق النظام أمثال أحمد الحاج علي الذي يؤله رأس نظامه ويشجعه للدوس عليهم كالحشرات, فلماذا لم تجهضوا المؤامرة في مهدها وتسمعوا مطالب شعبكم وتعملوا على تحقيقها وتريحوا أنفسكم من كل ما تعانوه الآن من عزلة وتهديد لبقائكم؟
ألشعوب في كل أصقاع الأرض تنادي بالذي يحكمها بالعدل والإنصاف وليس مهما إبن من أو من أين. وما دام العدل والإنصاف غير موجودين فذلك يقودهم للبحث عمن يحكمهم بعدل وإنصاف.
عودا على الجامعة العربية, من الواضح أنها تسلك نهجا ليس بصالح سوريا الشعب ولا بسوريا النظام. ولا يختلف إثنان على أن الجامعة لم تعمل يوما على حل مشكلة عربية بطريقة يقبلها العقل العربي بل تدخلها مصلحة وانصياع للغرب يمكن ان يحاججنا بها يوما ويُحمّل المسؤولية للجامعة بأنها صاحبة الدعوة "المباركة" والصوت الذي طلب الإستغاثة فما كان منهم وبدافع شهامتهم (أي القوى الغربية) إلا أن يلبوا النداء النابع من إنسانيتهم وحرصهم على ديمقراطية الشعوب خصوصا العربية منها وراحتها ورفاهها.
إذا ظنت الجامعة أنها تحقق هدفا نبيلا بالخلاص من نظام الأسد كما تخلصت قبله من نظام القذافي تكون واهمة لأن "المسبحة انفرطت" وهناك الكثيرون ينتظرون قدرهم بعد الأسد, حتى أمريكا تعلمت درسا في العراق ولا أظنها تورط نفسها بعد خروجها من وحل العراق بوحل سوريا لأن الشعب الأمريكي له احترامه عند حكومته ويحسم أمره عندما يرى الأمور تخرج عن السيطرة.
فالتحايل والوجه الظاهر والوجه الباطن جميعها أمور أصبح من الصعب تمريرها بسبب الوعي عند الناس كافة وبسبب التاريخ "المشرّف" للجامعة. فدعوا سوريا لشعبها كان الله في عونه وشكرا لجهودكم.
حمى الله الأمة العربية والغيارى على الأمة العربية. والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com