اخبار البلد_ هل للنقمة الشعبية على القطاع الخاص أسباب جوهرية ؟. وهل صحيح أن القطاع الخاص منعزل عن المجتمع وهمومه يهدف الى جني الأرباح ولا يكترث بمسؤولياته المجتمعية ؟.
لا يمكن إنكار أن ثمة ممارسات خاطئة , وقعت من بعض إدارات الشركات إستفادت من غياب الرقابة ومن تسهيلات تجاوزت القوانين , لكن ذلك لا يبرر التعميم كما لا يبرر الحملة التي يواجهها القطاع الخاص وعنوانها التجريم والتغريب , وأن الشركات والمصانع وطبقة رجال الأعمال كلها فئات غير وطنية لا تنتمي للمجتمع , ما يجعلها هدفا سهلا للإعتداءات وعنوانا دائما للإعتصامات سواء تلك المنادية بإجتثاث الفساد أو تلك التي تطالب بتأميم هذه المصانع والشركات في المدن والمحافظات بإعتبار أنها أقيمت عنوة أو بالمجان على أراض تعود لمواطنين تحت ما يسمى بالواجهات العشائرية ينبغي إستردادها .
ربما كان يجدر برجال الأعمال إختيار المدن الكبرى موقعا لمنشآتهم بدلا من محافظات وقرى بعيدة عن العاصمة , لتشغيل أبناء تلك المناطق وإنعاش إقتصادياتها , لو أنهم فعلوا ذلك لعفوا أنفسهم من إتهامات التغريب , والإستيلاء على اراض من أصحابها «الشرعيين» !! لمجرد أنهم ليسوا من أبناء تلك المناطق.
لقد ساهم الحديث المفتوح عن مراجعة السياسات الإقتصادية على مدى العقد الماضي بإعتبارها خطأ «شيطانيا» في إفراز التهم المعلبة للقطاع الخاص باعتباره المستفيد من سياسات الإنفتاح الإقتصادي والخصخصة , وفي توليد السلوك العنيف ضد المصانع والمنشآت والشركات , والذي ظهر مؤخرا في أعمال تخريب وقطع طرق وماء وكهرباء , تحت شعار « ما دامت ليست لي فتخريبها أفضل « .
مثل هذا السلوك يتمدد على وقع شعار لي الذراع في ظل الإستقواء الذي تنامى في غفلة من الحسم القانوني الذي حل محله سد الطرق وربط بوابات الشركات والدوائر بالجنازير , واشير هنا الى تصريحات جريئة لوزير الداخلية تنشرها « الرأي « اليوم حول ما يسمى بالواجهات العشائرية , التي باتت أهداف المطالبة فيها في بعض الحالات فقط طرد المصانع والمزارع الإنتاجية التي أقيمت عليها , فالوزير حسم المسألة في توصيف قانوني طالما انتظرناه فقال « لا يوجد في قاموس الدولة أو في دائرة الأراضي ما يسمى بالواجهات العشائرية « وهو خطأ ساهم إعتراف حكومة سابقة به بتشكيلها لجنة سمحت لنفسها بتلقي طلبات لمجرد أنها قررت الإستجابة للضغوط وترحيل المشكلة التي ينبغي أن تحسم في إطار قانوني أوسياسي بعيدا عن الشعبية .
المطلوب اليوم وبشكل حاسم من حكومة تعهدت التزام القانون وفرضه إنهاء مخاوف مشروعة لدى أوساط المستثمرين , وإنهاء الجدل والشكوك وهي مبعث القلق .
عصام القضماني