أخبار البلد ــ قال الخبير المصرفي زياد الرفاتي ان قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأخير رفع أسعار الفائدة الأمريكية 50 نقطة أساس ( نصف بالمائة ) لتصل الى 1% متوقع الأسواق ليكون الرفع الثاني في أقل من شهرين حيث كان الرفع الأول في شهر أذار الماضي بمقدار 25 نقطة أساس (ربع بالمائة).
واشار الرفاتي الى ان قرار المركزي الأميركي جاء في محاولة منه للسيطرة على التضخم واحتوائه وكبح جماحه.
وبين الرفاتي أن الفيدرالي ينوي رفع أسعار الفائدة في الاجتماع القادم 50 نقطة أساس أخرى، حيث المستهدف أن يصل في نهاية جلساته الخمس المقبلة بحلول نهاية العام 2022 في ظل انتشار ضغوط التضخم الى 3% مؤملا من ذلك اعادة الأسعار الى مستوياتها والعودة بمستوى التضخم في الولايات المتحدة الى معدله الطبيعي البالغ 2%، بدلا من 8% حاليا وهو أعلى معدل وصل اليه منذ أربعين عاما أي منذ عام 1981، الى جانب اتخاذه قرارا بتقليص مشترياته من سندات الخزانة الأمريكية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري وتقليل حيازات الأصول في ميزانيته العامة البالغة 9 تريليون دولار اعتبارا من الأول من حزيران القادم، حيث كان يشتريها سابقا للحفاظ على أسعار الفائدة منخفضة ولكن ارتفاع التضخم استلزم اعادة التفكير بالسياسة النقدية.
واشار الى ان الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية تعتبر رفع الفائدة من الأدوات الأكثر فاعلية لضبط الطلب وبالتالي ابطاء وتيرة التضخم.
و ذكر ان الفدرالي عزا رفع اسعار الفائدة أسباب التصاعد في التضخم الى عوامل خارجية منها الحرب في أوكرانيا وما تبعه من فرض حظر على الطاقة الروسية من الغاز والفحم وارتفاع أسعارها عالميا، والاغلاقات في الصين نتيجة عودة فايروس كورونا وتأثير ذلك على اضطرابات سلاسل التوريد والامداد والتي تشكل مصدرا أساسيا للتضخم المستورد، وارتفاع مستوى الأجور في الولايات المتحدة نتيجة نقص الأيدى العاملة في سوق العمل وخلق الوظائف.
وذكر الرفاتي ان التغير المناخي والأوبئة والكوارث الطبيعية وشح المياه والجفاف وتقلص مساحة الأراضي الزراعية والهجرة من قطاع الزراعة باتجاه العمل نحو المدن بحثا عن الوظيفة والدخل المضمون وزيادة الاستهلاك الغذائي في ظل محدودية الانتاج والطلب العالمي على الطاقة ساهم في رفع الأسعار عالميا وارتفاع كلف الانتاج والشحن والتوريد.
وفيما يتعلق برفع سعر الفائدة محليا، فكما أشرنا فان عوامل التضخم خارجية وليست داخلية حيث لا نعتمد على أوكرانيا والصين في استيراد المواد الأساسية وتعاملنا محدود معهما ولا تترك أثرا على حركة النشاط الاقتصادي، وفق الرفاتي.
وبين ان الدول التي يرتبط سعر صرف عملتها الوطنية بالدولار الأمريكي عادة ما تتحرك بالقيام باجراء مماثل بشكل تلقائي عقب كل قرار للفيدرالي الأمريكي سواء بالرفع أو بالتخفيض، وهذا ما حدث في الأردن والدول الخليجية من باب الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي وجاذبية العملة المحلية والحد من الدولرة وعدم خروج السيولة الدولارية من الأسواق مما يضر بالاحتياطي الأجنبي والحفاظ على هامش مريح بين سعر الفائدة على الايداع بالعملة المحلية والايداع بالدولار، ومحاولة للسيطرة على الضغوط التضخمية وامتصاص السيولة للحد من الاقراض ولا سيما قروض الأفراد الاستهلاكية.
وشدد الرفاتي الى ان الدينار الأردني قوي ومستقر وهو رابع أقوى عملة في العالم من حيث القيمة النقدية بعد الدينار الكويتي والدينار البحريني والريال العماني، ولديه مساحة واسعة من هامش الفائدة بينه وبين الدولار يتحرك بها ولا يتأثر برفع 25 أو 50 نقطة، ومغطى باحتياطي استراتيجي من العملات الأجنبية والذهب بمبلغ يصل الى 18 مليار دولار بأعلى مستوى يصل اليه وله روافد مستدامة من عوائد السياحة، وحوالات المغتربين، وتدفق الاستثمارات الأجنبية، والمساعدات والمنح الخارجية، والصادرات.
ولفت الى ان قرار رفع الفائدة أمريكيا وما تبعه محليا سوف يزيد من تكاليف الحصول على الأموال من أجل الانتاج والتشغيل والاستثمار مما يتسبب في رفع أسعار السلع والخدمات باعتبار الفوائد احدى عناصر الكلف الداخلة في الانتاج وزيادة خدمة الدين على المقترضين ولا سيما قطاع الأفراد، وستتغير تركيبة القسط الشهري مع بقائه ثابتا بزيادة الجزء المتعلق بالفائدة على حساب الجزء المتعلق باصل الدين واصدار البنوك للعملاء جدول سداد معدل، وبالتالي زيادة أجل القرض ومدة السداد وزيادة الأعباء من الفوائد.