عادة جميلة منتشرة في دول شمال أفريقيا خلال شهر رمضان الكريم؛ تقديراً لربة المنزل، وتعبها طوال رمضان في طهي الإفطار والسحور، هي «حق الملح»، حيث تكرم المرأة في نهاية الشهر على الطهي، وتذوقها لملح الطعام حتى وهي صائمة؛ كي ينعم أفراد أسرتها بوجبة لذيذة ومغذية، ولها طعم رائع.
وحق الملح هدية يقدمها الزوج لزوجته أول يوم عيد الفطر وتتنوع الهدايا التي تكرم بها المرأة، نهاية شهر رمضان تطبيقاً لعادة «حق الملح».
وانتشرت صور مؤخراً لرجل يهدي زوجته سيارة فارهة كتب عليها «حق الملح»، وبداخلها كلمة «حب»، باللغة الإنجليزية تقديراً لها على تعبها طوال شهر رمضان، وسعادة الزوجة جعلتها تنشر صورها مع سيارتها الجديدة التي حصلت عليها نظير تعب رمضان، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي انتشرت بشدة بين مستخدمي السوشيال ميديا.
*حق الملح في المغرب
نشر أحد الكتاب المغاربة نور الدين النبهاني، عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»: «بالنسبة لحق الملح في المغرب أو التكبير أو حق الطعام، فهي عادات جميلة وعريقة احتفظت بها دول شمال أفريقيا لسنوات طويلة كتلك التي ترتبط بانتهاء شهر رمضان وحلول عيد الفطر، وتسمى التكبيرة، وهي عادة اجتماعية كان يكرم من خلالها كل زوج زوجته في لمسة رومانسية؛ اعترافا منه لها بكل ما كانت تقدمه على مائدة الإفطار من طعام خلال شهر رمضان»، تلك العادة عبارة عن هدية يقدمها الزوج لزوجته؛ امتناناً لها واعترافاً بالدور الذي قامت به طيلة شهر رمضان.
*مسميات حق الملح في دول شمال أفريقيا
اختلفت تسمية عادة حق الملح في المغرب باختلاف المناطق وحسب اللهجات بشمال أفريقيا في أواخر شهر رمضان، ففي تونس كان يطلق عليها حق الملح، وفي الجزائر حق الطعام، وفي ليبيا الكبيرة، وفي المغرب كان يطلق عليها اسم التكبيرة، وهي عادة قديمة جداً توارثها سكان شمال أفريقيا جيلاً بعد جيل منذ سقوط الأندلس واستقرار ساكنيها بشمال أفريقيا؛ حيث نقلوا معهم العديد من العادات والتقاليد والموسيقى وتنوع الأطعمة، في حين يرى البعض أنها انتقلت مع وصول العثمانيين إلى شمال أفريقيا، لكن بعد البحث في كتب التاريخ والتراث لم تذكر هذه العادة متداولة في المجتمعات العثمانية بالطريقة وبالشكل وبالصورة المتداولة في شمال أفريقيا، وبالتالي فهي عادة مغاربية بامتياز.
*أسباب اختلاف تسمية حق الملح
استكمل الكاتب نور الدين النبهاني حديثه في كتابه: «اختلفت تسمية حق الملح في المغرب أو التكبير أو حق الطعام، كما اختلفت معها المبررات أيضاً، ففي تونس مثلاً سميت حق الملح في إشارة لاضطرار الزوجة في بعض الحالات أن تتذوق ملوحة الطعام وهي صائمة، فالتذوق يتم بطرف اللسان حتى لا يفسد الصيام، وفي المغرب سميت بالتكبيرة؛ لأن الزوجة تقدم طعاماً شهياً طيلة شهر رمضان بملح معتدل دون أن تتذوق الطعام، وهي صائمة معتمدة فقط على خبرتها ومقادير تقديرية حسب الإحساس ورؤية العين، أما بالنسبة للهدية أو حق الملح فتكون بعد عودة الزوج من صلاة العيد يستقبل زوجته بابتسامة جميلة ويبارك لها بمناسبة العيد، ويقدم لها هدية من ذهب أو فضة حسب إمكانياته المادية وتستلمها منه وتقبل يده، ويقبل هو رأسها وتقول له كيف كبرت بي الله يكبر بيك، وفي الغالب يشتري الزوج الهدية أو حق الملح في المغرب في العشر الأواخر من شهر رمضان، وتحديداً يوم الاحتفال بليلة القدر؛ حتى تكون مباركة ويحتفظ بها في مكان آمن وسري؛ لكي تكون مفاجأة العيد لزوجته.