وقال متخصصون، إن السهول والهضاب الخضراء وعلى اختلاف تضاريسه في المملكة تشكل نقطة جذب سياحية على الصعيدين المحلي والعربي، حيث ينعكس قضاء الأوقات في الطبيعة على صحة المتنزهين النفسية والجسدية، مشددين على ضرورة المحافظة على نظافة أماكن التنزه، ومراعاة القواعد التي تضمن سلامتهم أثناء الرحلات.
وأشار مدير إدارة الأرصاد الجوية رائد رافد آل خطاب إلى أن الاعتدال الربيعي يبدأ فلكياً عندما تكون الشمس عمودية على خط الاستواء، حيث تنتهي خمسينية الشتاء في الثالث والعشرين من شهر آذار من كل عام.
وأضاف: تمر بالمملكة خلال فصل الربيع منخفضات خماسينية تؤدي إلى حالات عدم استقرار جوي، وقد تجلب الامطار معها، منوها إلى أن الموسم المطري في الأردن يستمر حتى الأسبوع الأول من شهر أيار.
وبين المتخصص في علم الأجتماع الدكتور حسين الخزاعي، أن فصل الربيع يرتبط بالراحة النفسية لدى الإنسان عندما يقبل على التنزه بعد أن حدت برودة فصل الشتاء من حركته، وتعرضه لضغط الحصر داخل الغرف، حيث يوفر الخروج بالأجواء الربيعية والمساحات الخضراء مجالاً لممارسة الأنشطة العائلية أو مع الأصدقاء، كالطهي وممارسة الرياضات المختلفة.
وتشكل الحدائق داخل الأحياء السكنية بحسب الخزاعي متنفساً جيداً للراغبين بكسر "روتين” أيامهم، ومقصداً دورياً للأطفال للترفيه عنهم، ومكاناً لطيفا لكبار السن ممن يرغبون بقضاء بعض الوقت في الهواء الطلق، ما يوفر عليهم كلفة فاتورة الوقود اللازم للانتقال للتنزه في أماكن بعيدة عن مساكنهم.
وقال اختصاصي الطب النفسي ومعالجة الإدمان الدكتور أحمد عبد الخالق: تتسبب عدم ملائمة الأحوال الجوية للخروج من المنزل وبرودة الطقس، بحالات الاكتئاب الموسمي في فصل الشتاء ما يؤدي للإحساس بالعزلة.
وعلى النقيض، قال إن فصل الربيع يشكل عنواناً للبدايات، حيث تخضر أوراق الأشجار ما يوفر الشروط اللازمة لتغيير النفسية من أماكن مفتوحة، وألوان زاهية، وحرارة معتدلة، مبيناً أن التعرض لأشعة الشمس الدافئة يساعد بتحفيز إنتاج هرمون "السيراتونين” المسؤول عن الشعور السعادة وتحسين المزاج.
ونوه اختصاصي الأمراض الصدرية وأمراض النوم الدكتور محمد الطراونة، إلى ضرورة المحافظة على صحة الجهاز التنفسي، ليتمكن من مقاومة الأمراض، من خلال الحرص على ممارسة التمارين الرياضية، واستنشاق الهواء النظيف الخالي من الملوثات.
وأوضح، أن الغطاء النباتي الموجود خلال فترة فصل الربيع يساهم في تنقية الهواء المحيط، ما يوجب على المتنزهين، عدم حرق مخلفات المواد البلاستيكية التي تنبعث منها الملوثات، وعدم اصطحاب الحيوانات التي قد تنشر المحسسات في الهواء عملاً بالمسؤولية الاجتماعية.
من جانبه، قال مساعد مدير هيئة تنشيط السياحة يزن الخضير، إن السياح العرب والخليجيين تحديداً إلى جانب المواطنين الأردنيين مهتمون بزيارة الأردن في فصل الربيع للاستمتاع بالمناظر الطبيعية، خصوصا مناطق شمال المملكة.
إلى ذلك دعا الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام في وقت سابق لانتهاج السلوك الوقائي السليم خلال رحلات التنزه وذلك ابتداءً من اختيار المكان الآمن للمتنزهين والابتعاد عن المناطق الخطرة المطوقة بلافتات تحذيرية، كالبرك الزراعية والسدود وقنوات المياه، كما يجدر الحذر من أماكن الاعشاب الكثيفة التي قد تكون مرتعاً للزواحف.
وأضاف: تجب مراقبة الأطفال أثناء ممارستهم اللعب ومنعهم من تسلق الأشجار والمقاطع الصخرية والاقتراب من الآبار المهجورة، محذراً من ترك مصادر الاشتعال بأيديهم عند عمليه إشعال وإطفاء النار.
وأكد على ضرورة الاهتمام بسلامة الأطعمة وحفظها بطريقة صحية آمنة تجنباً لحوادث التسمم.
وعرض استاذ العقيدة والفكر الإسلامي الدكتور سلطان الجبور، لأهمية الحدائق والمتنزهات البالغة في الدين الإسلامي الحنيف من خلال آيات الذكر الحكيم وهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال، إن جمال الطبيعة يبين عظمة الخالق، ويبث المباهج في النفوس؛ ولذلك اهتم المسلمون بهذا الفن وأولوه جزءًا كبيرًا من عنايتهم، وهذا الاهتمام لم يكن وليد فترة معينة، بل ولد مع ميلاد الإسلام الذي حثَّ على أن يُعمر الناس الأرض بعنصر الخضرة ممثلةً في الغرس والزرع المثمر؛ الأمر الذي يدل دلالةً أكيدةً عن ذلك الانسجام الكامل بين دين الإسلام وفطرة الإنسان التي تسكن بطبعها إلى اللون الأخضر وتناسق الأشجار والأزهار والثمار.
ولفت الجبور لكثرة الحديث في القرآن الكريم عن الجنان والأشجار والثمار ؛ حيث ورد لفظ شجر بمشتقَّاته في القرآن نحو 26 مرة، كما وردت لفظة ثمر بمشتقَّاتها 22 مرة، ونبات بمشتقاته 26 مرة، وذكرت الحدائق 3 مرات، أما الجنة مفردة ومجموعة فقد وردت 138 مرةً، وهذا التوجيه الرباني يفسر حرص المسلمين على إحاطة المباني، وكذلك زراعة الفراغات الداخلية للمنشآت بمجموعات من الأشجار دائمة الخضرة والشجيرات ليحقق لهم هدفين أساسيين أولهما تحقيق الظل الظليل الدائم الذي وعد الله به عباده الصالحين في قوله تعالى: وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) (الواقعة)، لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاً ظَلِيلاً (النساء: من الآية 57)، وَاللهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً (النحل: من الآية 81)، أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً (45) (الفرقان)، وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ (21) (فاطر)، وغيرها من الآيات التي لا يتسع المجال لذكرها والدالة على أن الظل الممدود صفة جمالية في هذا الشجر.