اخطأت الحركة الأسلامية حين قررت إستعراض قوتها بمشاركة غير واعية لعدد من حراكات المناطق العشائرية في عمان ومادبا ومن حولهما للرد على أحداث المفرق او ما يعرف بمسرحية الأعتداء على مقر الأخوان المسلمين من قبل ابناء العشائر هناك ، وتلك أصلا خطوة ارادتها الحركة وسعت لتحقيقها ، مستغلة حال هذه الحكومة الضعيفة التي أسدلت الستار على قوانين الاصلاح ومكافحة الفساد واشغلت نفسها بقضايا أخرى لا تمت لبرامجها الموكلة اليها بشيء ، لتعلن الحركة الاسلامية انطلاقة المرحلة الأخرى من المواجهة مع النظام والشعب الأردني ، فسارع الخصاونه وظنا منه بالقدرة على تطويق الأزمة الى فك القيد عن جمعية المركز الاسلامي وغض الطرف عن محاولات الحركة الاسلامية مداهمة مبنى رئاسة الوزراء ، غير عالم أن الامر لا يتعلق بالجمعية المذكورة ولا حتى بمطالب الاصلاح ومكافحة الفساد كما يظن دولة الرئيس واعضاء الحكومة وبعض الواهمين بفكرهم وتوجهاتهم ، بل أن الامر يتعلق بمرحلة جديدة من المواجهة وتصعيد الأزمة خططت له الحركة الاسلامية منذ فنرة للانتقال الى مواجهات دموية ونشر الفوضى مهدت لها في المفرق ووطئتها امام المسجد الحسيني الجمعة الماضية ، وصولا لتنفيذ المخطط بمواجهات أشد وأكثر عنفا في الايام القادمة ، وبالرغم أن ماجرى في المفرق كان ضربة لهيبة الدولة وولايتها التي فشل الخصاونه نفسه في استعادتها رغم مناشدته لاصدقائه في الحركة الاسلامية بالغاء المسيرة وتفويت الفرصة على من يصطادون في الماء العكر كما يظن ، لكنهم اي الاسلاميون قلبوا له ظهر المجن وأصروا على مواصلتها كي تكون هي مفتاح الانطلاق نحو مرحلة التصعيد التالية في عمان وبعض المؤسسات السيادية كالديوان الملكي ومقار الامن والمخابرات العامه كما صرحوا به مؤخرا باعتبارها خطوط حمراء يجب تجاوزها بقوة .
لقد خسرت تلك الحركة علاقاتها المميزه مع ابناء العشائر في المفرق وغيرها من المحافظات حين أصرت على المضي بالمسيرة تلك ، ولم تستمع لدعوات ومناشدات ابناء العشائر ولا حتى الحكومة نفسها والاصدقاء بوقف المسيرة والغاءِها حتى حدث ما حدث في المفرق ، واستخدمت الحركة أسلوب البلطجة والأستعراض في ردها على الحادثة المفتعلة، ونفذت تهديدها بالاقتناص والرد بالطريقة عينها ، ولكنها لم ُتعطى الفرصة لتقطيع الأيادي كما وعدت رجال الأمن الذين وفروا لها الحماية والعون لمواصلة مسيرة " جمعة طفح الكيل " و دون ان تأخذ بعين الأعتبار كذلك مسلك القضاء أو الحوار لتطويق الازمة ، فأنتقلت الحركة من منهج العقلانية والأناة والحوار بسبب حسابات قوة الدولة وهيبتها ، الى منهج استعراض مليشيات شبابية معصوبة الرأس بعصب خضراء تستعرض في الاسواق وتتوعد بمواجهات جديدة قاسية في ظل حكومة ضعيفة افقدت الدولة هيبتها يديرها رجل منشغل بتعيينات وتكسيب اقاربه في المناصب العليا دون رقيب او حسيب ، ليهيأ لك أن البلاد في أواخر عهدها ، مليشيات تستعرض في الاسواق وحكومة تتقاسم الخيرات والمناصب .
ما كان للحركة الأسلامية ان تتحدى سيادة الدولة وهيبتها ، ولا ان تتوعد بقطع الأيدي وكأنها تنظيم إرهابي مسلح خارج على القانون في دولة ضعيفة كما هي حالة حزب الله في لبنان اوحركة طالبان في افغانستان ، ولا أن تتوعد بالاعتصام ومداهمة دوائر الديوان الملكي والمخابرات العامة كما صرحوا قبل أيام ، ولا أن تقوم بتوريط حراكات عشائرية تطالب بالإصلاح ودفعها للإنظواء تحت لوائها في تلك الجمعه الحزينه من أجل مضاعفة الاعداد وتوفير الغطاء العشائري المطلوب الذي "تتزين " به كعادتها في مثل هذه الحالات ، او زج اسماء وشخصيات عشائرية محسوبة على بعض المناطق ، لولا أنها حسمت أمرها وأعدت حساباتها كاملة ، مستغلة ظروف البلاد التي يلفها غموض إقرار قوانين الاصلاح في ظل حكومة متراخية ضعيفة مخدرة منشغلة ومنقسمة على نفسها فقدت شرعيتها وثقة الناس بها حدا لم تبلغه اية حكومة من قبل .
لم تصل بعد حكومة الخصاونه الى فهم ما يخطط له في اروقة الحركة الاسلامية من مؤامرات ، ولم تصل بعد الى فكر وأجندة التيارات المعادية للإصلاح من المعادين للاردن والحالمين بشطبه من قوائم الدول الحرة ، وقبل ان تصل البلاد الى مثل هذه الحالة ، فلابد من رحيل هذه الحكومة ومغادرتها فورا ، وإلغاء كل القرارات المتخذة من جانب الرجل الخاصة بشؤون اقاربه ومعارفه ، وتشكيل حكومة إنقاذ واصلاح حقيقي تحمي البلاد والعباد من خراب طل برأس معصوب بقطعة خضراء سرعان ما تتحول الى عصبة حمراء تقطر منها دماء من حلموا بوطن حر قوي خال من قوى الفساد ، وخالية من قوى لا تمت للبلاد والعباد بأية نوايا طيبة ومخلصة ، أجسادها في عمان وارواحها خارج حدود الوطن .