تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعه المخزون الاستراتيجي للنفط على مستوى العالم، ورغم انه مصدر الإيراد الأهم في ميزانيات هذه الدول فإنها تسعى لتطوير مشاريع استثماريه وتطوير القطاعات الصناعية والزراعية المتنوعة ليتكون لديها مصادر دخل فعالة في رفد خزائنها المالية، ليس للحاجة المالية البحتة وإنما للنمو الاقتصادي المتكامل والمتنوع في كل القطاعات الاستثمارية، مستفيدة من فوائض الأموال المتولدة عن استخراج النفط في عملية التنمية الشاملة التي تشهدها دول مجلس التعاون الخليجي وقد نجحت بشكل لافت، فمثلا التجربة الاماراتيه أصبحت مدرسة بحد ذاتها، كما هو الحال في السعودية التي انتعش فيها القطاع الصناعي والزراعي بشكل لافت أيضا، ولم تتأخر قطر التي هي أيضا برزت في المجالات التنموية.
وفي السنوات الأخيرة التي شهد فيها العالم اضطرابات متتالية من حرب الخليج الأولى والثانية، وافتعال أزمة أمريكية إيرانية، ونكسات كبيرة في أسواق المال العالمية، وأزمة الديون الأمريكية، لم تكن دول مجلس التعاون الخليجي في منأى عن هذه التقلبات، فحجم الاستثمارات الخليجية في الأسواق المالية العالمية يعد كبيرا جدا، فإيرادات النفط لا يتم تحويلها مباشرة إلى دول الخليج وإنما يتم استثمار مبالغ كبيرة من هذه العائدات في الدول المستوردة أصلا للنفط، فهي من جهة تساهم في تحقيق أرباح استثمارية لدول الخليج ومن جهة أخرى بقيت في جيب مالكها مستورد النفط أصلا يستثمرها كيفما شاء، ولا تختلف العملية عن كونها صورة من صور الإقراض مقابل فائدة محددة سلفا تقدمها الدول المستوردة للنفط للدول الخليجية المصدرة للنفط فأموالهم لم تخرج من حدود بلادهم والنفط قدم بسعر الكلفة زائدا ضريبة استثمار الأموال لصالح الدول المصدرة للنفط ليدير عجلة الاقتصاد لدى الدول الغربية، ثم إن هذه الأموال أيضا التي تعتبر استثمارات، غير محصنة من تقلبات الأسواق ومخاطر الاستثمار المالي فليس بعيدا أبدا أن كل الأموال العربية والخليجية المستثمرة في هذه الدول أن تتبخر بأزمة مالية حقيقية أو مفتعلة، مثل الأزمة المالية العالمية التي اجتاحت أمريكا وأوروبا، وبذلك فالدول الغربية تجيد فن انتزاع النفط وانتزاع ثمنه أيضا من مالكه.
ومع اشتعال الثورات الشبابية في بعض الدول العربية والتي كانت على الدوام دول تعاني من المديونية والفقر ولا تمتلك من القوة غير قبضتها الأمنية على شعوبها، تولد نوع من الإصرار الحكومي الخليجي بالسبق بتقديم إصلاحات وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين في دول الخليج العربي، وربما إن أكثر هذه الإصلاحات هي التي أعلنتها المملكة العربية السعودية، التي صدرت الأوامر الملكية بسيل من الغدق المالي طالت كل شرائح المجتمع السعودي، وكان ذلك كخطوة استباقية لكسب ود الشارع الخليجي مع القيادة السياسية، ورغم ايجابية هذا العمل إلا انه حمل تساؤلات كثيرة من أهمها إذا كانت الحكومات تختزن هذه المليارات فلماذا تقاعست عن مثل هذه المبادرات من قبل؟ وربما ستكون الإجابة بالسؤال الذي يقول إذا كان الحكام المخلوعين فاسدون إلى هذا الحد فلماذا لم تقم الثورات الشبابية إلا الآن؟.
وفي وسط هذا الهيجان الحكومي والشعبي وبدون سابق إنذار أو تفاوض تعلن السعودية عزمها على السعي لضم الأردن والمغرب لمجلس التعاون الخليجي، وبين مؤيد ومعارض لم تفلح الرغبة الملكية السعودية بتوفير تأييد لهذه الفكرة لاعتبارات تخص كل دولة على حدا، وجمعها فقط الاتفاق على رفض الفكرة والاستعاضة عنها بتقديم دعم مالي بخمس مليارات تتقاسمها الدولتان مناصفة لقاء فشل الفكرة وتعذر ضمهما إلى نادي الأغنياء، وليت دول الخليج عندما قررت تقديم الدعم المالي نظرت للحاجة الأكثر إلحاحا وهي تأمين السوق الأردني بالنفط بأسعار رمزية يستفيد من تبعاتها المواطن الأردني الذي أنهكته فاتورة النفط، التي لم تبقي على ما في خزينة الدولة ولا جيب المواطن شيء، ثم إن الأردن بلد يمتلك كل مقومات الاستثمار فلماذا لا توجه دول الخليج شيء من أموالها للاستثمار في الأردن، وبذلك تكون قد أسهمت في دعم الاقتصاد الوطني بدون الحاجة لتقديم هبات وأعطيات تكون حطب فتنة لنار الفساد التي يزداد سعيرها يوما بعد يوم.
نعم فحاجة الأردن لتوجيه استثمارات خليجية في القطاعات الإنتاجية والصناعية والزراعية تعتبر أكثر أهمية من الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، لأنهم بذلك يكونوا قد ساهموا بدعم الاقتصاد من جهة، ومن جهة أخرى لا يتأثروا بإرث الأردن من قضايا الأمة التي لم تجد لها نصيرا وداعما سواه.
kayedrkibat@gmail.com
وفي السنوات الأخيرة التي شهد فيها العالم اضطرابات متتالية من حرب الخليج الأولى والثانية، وافتعال أزمة أمريكية إيرانية، ونكسات كبيرة في أسواق المال العالمية، وأزمة الديون الأمريكية، لم تكن دول مجلس التعاون الخليجي في منأى عن هذه التقلبات، فحجم الاستثمارات الخليجية في الأسواق المالية العالمية يعد كبيرا جدا، فإيرادات النفط لا يتم تحويلها مباشرة إلى دول الخليج وإنما يتم استثمار مبالغ كبيرة من هذه العائدات في الدول المستوردة أصلا للنفط، فهي من جهة تساهم في تحقيق أرباح استثمارية لدول الخليج ومن جهة أخرى بقيت في جيب مالكها مستورد النفط أصلا يستثمرها كيفما شاء، ولا تختلف العملية عن كونها صورة من صور الإقراض مقابل فائدة محددة سلفا تقدمها الدول المستوردة للنفط للدول الخليجية المصدرة للنفط فأموالهم لم تخرج من حدود بلادهم والنفط قدم بسعر الكلفة زائدا ضريبة استثمار الأموال لصالح الدول المصدرة للنفط ليدير عجلة الاقتصاد لدى الدول الغربية، ثم إن هذه الأموال أيضا التي تعتبر استثمارات، غير محصنة من تقلبات الأسواق ومخاطر الاستثمار المالي فليس بعيدا أبدا أن كل الأموال العربية والخليجية المستثمرة في هذه الدول أن تتبخر بأزمة مالية حقيقية أو مفتعلة، مثل الأزمة المالية العالمية التي اجتاحت أمريكا وأوروبا، وبذلك فالدول الغربية تجيد فن انتزاع النفط وانتزاع ثمنه أيضا من مالكه.
ومع اشتعال الثورات الشبابية في بعض الدول العربية والتي كانت على الدوام دول تعاني من المديونية والفقر ولا تمتلك من القوة غير قبضتها الأمنية على شعوبها، تولد نوع من الإصرار الحكومي الخليجي بالسبق بتقديم إصلاحات وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين في دول الخليج العربي، وربما إن أكثر هذه الإصلاحات هي التي أعلنتها المملكة العربية السعودية، التي صدرت الأوامر الملكية بسيل من الغدق المالي طالت كل شرائح المجتمع السعودي، وكان ذلك كخطوة استباقية لكسب ود الشارع الخليجي مع القيادة السياسية، ورغم ايجابية هذا العمل إلا انه حمل تساؤلات كثيرة من أهمها إذا كانت الحكومات تختزن هذه المليارات فلماذا تقاعست عن مثل هذه المبادرات من قبل؟ وربما ستكون الإجابة بالسؤال الذي يقول إذا كان الحكام المخلوعين فاسدون إلى هذا الحد فلماذا لم تقم الثورات الشبابية إلا الآن؟.
وفي وسط هذا الهيجان الحكومي والشعبي وبدون سابق إنذار أو تفاوض تعلن السعودية عزمها على السعي لضم الأردن والمغرب لمجلس التعاون الخليجي، وبين مؤيد ومعارض لم تفلح الرغبة الملكية السعودية بتوفير تأييد لهذه الفكرة لاعتبارات تخص كل دولة على حدا، وجمعها فقط الاتفاق على رفض الفكرة والاستعاضة عنها بتقديم دعم مالي بخمس مليارات تتقاسمها الدولتان مناصفة لقاء فشل الفكرة وتعذر ضمهما إلى نادي الأغنياء، وليت دول الخليج عندما قررت تقديم الدعم المالي نظرت للحاجة الأكثر إلحاحا وهي تأمين السوق الأردني بالنفط بأسعار رمزية يستفيد من تبعاتها المواطن الأردني الذي أنهكته فاتورة النفط، التي لم تبقي على ما في خزينة الدولة ولا جيب المواطن شيء، ثم إن الأردن بلد يمتلك كل مقومات الاستثمار فلماذا لا توجه دول الخليج شيء من أموالها للاستثمار في الأردن، وبذلك تكون قد أسهمت في دعم الاقتصاد الوطني بدون الحاجة لتقديم هبات وأعطيات تكون حطب فتنة لنار الفساد التي يزداد سعيرها يوما بعد يوم.
نعم فحاجة الأردن لتوجيه استثمارات خليجية في القطاعات الإنتاجية والصناعية والزراعية تعتبر أكثر أهمية من الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، لأنهم بذلك يكونوا قد ساهموا بدعم الاقتصاد من جهة، ومن جهة أخرى لا يتأثروا بإرث الأردن من قضايا الأمة التي لم تجد لها نصيرا وداعما سواه.
kayedrkibat@gmail.com