المطبخ السياسي الاردني اصبح عبئا ثقيلا على جلالة الملك والوطن واصبح عصا غليظة توضع في دولاب الاصلاح الاقتصادي والسياسي فالديوان الذي يفتقر للكفاءات بعد ان كان بيتا للخبرة يرفد مؤسسات الدولة بالاكفياء نراه هذه الايام يعجز حتى عن فتح القناة الحقيقية بين الاردنيين وقيادتهم فما امهرهم بدعوة البعض لمقابلة الملك والاجتماع به والتباحث معه بمواضيع حساسة ربما كان بعض من دعي لتلك الاجتماعات سببا في الواقع السياسي والاقتصادي الذي يتردى يوما بعد يوم وما يواسي الاردنيين بهذا المجال هو زيارات الملك المفاجئة لربوع الوطن والتي يقابل من خلالها القواعد الشعبية ويفتح لها قلبه مثلما تفتح له قلبها.
اما الحكومة في هذه الايام فتعالج الامور بسيوف من خشب وباحلام وردية مبنية على التوقعات ومعتمدة على قوة انتماء الاردنيين لوطنهم وولائهم لمليكهم وتضحيتهم من اجل ذلك بينما تكتفي الحكومة بالتصريحات العشوائية التي تدغدغ عواطف الجماهير وتطحن على الهواء.
رئيس الحكومة على الدوام يعلن انه سيكافح الفساد ويعلن انه سيغير النهج الاقتصادي الذي اوصلنا الى ما نحن عليه، مثلما يعلن انه سيعيد الهيبة للدولة ويحقق الاصلاحات السياسية التي قادها الملك من خلال ما توصلت اليه لجان الحوار والتي لا زال معظمها في ادراج الحكومة ولم ير النور بعد.
اما مكافحة الفساد فلم يرى منها المواطن الا اليسير الذي بدأته الحكومة السابقة مع ان سياسة التضخيم للفساد في بلادنا قد جعلت الفساد يتفاقم وجعلت الاستثمارات الخارجية والداخلية تتوقف واصحابها يخشون عليها التي من سوء التعامل معها والتشكيك بها، اما النهج الاقتصادي الجديد الذي بدأته الحكومة باعادة النظر في الخصخصة وباعادة اصول الشركات المخصخصة للدولة دون ان يكون لدى هذه الحكومة فريق اقتصادي على مستوى التحديات التي نواجهها فبدأت تعالج الخصخصة عشوائيا دون ان تفرق بين دوافع الخصخصة كنظام اقتصادي عالمي له حدان اذا اسيء استعماله اوقع البلاد في كارثة كما حصل في بلادنا واذا احسن استعماله انقذ الواقع الاقتصادي للبلد التي انتهجته بعلمية وبأصولية لتتصرف بحكمة في عوائد التخاصية التي ادت للتردي الاقتصادي في بلادنا وذلك مرورا باجراءات التخاصية حيث يذكر الاقتصاديون ان الحكومة الاردنية برئاسة المرحوم زيد بن شاكر سنة 1997 قررت اعتماد التخاصية في قطاع الاتصالات على ان تبقي 51٪ من ملكية هذا القطاع للدولة، كما قررت الحكومة آنذاك عدم اللجوء للخصخصة في الثروات الاردنية من بوتاس وفوسفات وشركات التعدين وحظرت ذلك مستقبلا.
الى ان جاءت الملكية الرابعة وقامت حكومة عبدالرؤوف الروابدة باجراءات خصخصة قطاع الاتصالات سنة 2000 حسب مقررات الحكومة سنة 1997 حيث كان يتوجب وضع عوائد التخاصية من هذا القطاع في البنك المركزي بصندوق الاجيال ليدخل به آنذاك اكثر من مليار دولار ثمن 49٪ من خصخصة القطاع، ولكن حكومة جديدة برئاسة المهندس علي ابو الراغب نسفت مقررات سنة 1997 ومقررات سنة 2000 وتصرفت بعوائد التخاصية بمعزل عن صندوق الاجيال مثلما ضربت بعرض الحائط مقررات الحكومة سنة 1997 ولجأت الى خصخصة البوتاس والفوسفات وغيرها بعد ان حظرتها الحكومات السابقة، الى ان جاءت حكومة عون الخصاونه اليوم دون ان تعلم ما جرى سنة 1997 حتى سنة 2003 ولا ادري ان كان مجلس الامة في صورة ذلك ام لا.
اما اعادة هيبة الدولة على يد هذه الحكومة فاني اشك في ذلك لافتقار الحكومة للتعامل مع الشارع بمعزل عن القبضة الامنية والمعلومة الامنية فاعتبرت الحكومة ان القبضة الامنية تقف حجر عثرة في طريق الولاية العامة لها وكذلك استغنت عن المعلومة الامنية دون ان تجد لنفسها مصدرا داخليا اخر لهذه المعلومة، وهذا كله ما اضعف هيبة الدولة وما كشف عن التفكك بالمطبخ السياسي الاردني وادى ذلك الى تناسي المسيرات لشعارات تغيير الحكومة وحل مجلس النواب واجراء انتخابات مبكرة ومكافحة الفساد والاستعاضة عنها بشعارات اصلاح النظام واعادة الاراضي المسجلة باسم الملك.
وخلاصة القول مخطىء من يتوقع وصولنا الى وضع اسوأ مما نحن عليه وذلك لان صمام الامان بالامن والاستقرار متحقق عن طريق قيادتنا الهاشمية وشعبنا الطيب، تلك القيادة التي عودتنا على تداركها للصعاب ودينماكيتها باعادة ترتيب المطبخ السياسي ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
حمى الله الاردن والاردنيين وان غدا لناظره قريب