المؤكد هنا ان رؤوسا كبيرة سيتم احالتها الى القضاء لمحاسبتها على قضايا فساد،وبعض هؤلاء تولوا مواقع رسمية حساسة خلال الفترة الماضية.
في هكذا قصة تم استثمار المعلومات حول ان روؤسا كبيرة ستتم محاكمتها لتلطيخ سمعة اسماء ليس لها علاقة بالفساد،او على الاقل ليست من بين الاسماء المقصودة بهذه القضايا،وهذا امر لا يتسم بالعدل لان حرق كل الاسماء في توقيت واحد يراد منه القول ان كل البطانة فاسدة ومفسدة.
تركيز الحكومة فقط على قضايا الفساد امر جيد لكنه غير كاف،لان كل قضايا الفساد التي سيتم الاعلان عنها،والموجودة حاليا بحوزة الجهات الرسمية لن تؤدي الى جلب مليارات الدنانير للدولة،وكل القضايا لو ثبتت بها احكام محددة فستؤدي الى توريد عشرات الملايين من الدنانير وفي حالات مئات الملايين فقط.
هذا يعني ان على الحكومة التنبه الى ملفات الاقتصاد والتنمية وتحسين الاوضاع المعيشية،وعدم اعتبار محاربة الفساد بمثابة مكافأة اجتماعية للناس.
ادارة معركة الفساد تجري بشكل جيد،لانه من غير المنطقي ان نلوم الدولة اذا لم تحارب الفساد،ومن غير المنطقي ايضا لومها واتهامها بالتقصير اذا قررت فتح الملفات،والخلاف هو حول ما يظنه الناس وما تظنه الدولة،ولكل طرف اعتقاداته في هذا الصدد،وقناعاته الراسخة التي لايحيد عنها.
هذه الاوقات تجري مراجعة لمئات التفاصيل التي تخص اسماء كبيرة،من اجل تجهيز ملفات الاحالة الى القضاء والجهات المختصة،والاشاعات لم تترك احدا في عمان،في حاله،اذ بات التنبؤ سيد الموقف،حول الاسماء المقصودة،وتم الزج بعشرات الاسماء في اطار التصفيات السياسية في هذه المرحلة في محرقة الفساد.
هناك قضايا تخص مسؤولا سابقا رفيع المستوى،على خلفية استغلال صلاحياته وعلاقاته،وقضية اخرى تتعلق بوزير سابق،بخصوص فساد يخصه حين كان في موقع ما،قبيل الوزارة،وقضية تخص وزير سابق حاول استغلال موقعه من اجل منافع محددة،وهذه معلومات تتسرب بشكل دقيق من مصادر عليمة.
نحن اذا في توقيت حساس للغاية،وقد اشرت سابقا الى ان كثرة ممن عليها قضايا محددة لن تسكت وستبحث عن وسائل لحرق الداخل او تفجيره،او القاء قنابل في الداخل الاردني انتقاما من كل شيء.
معركة الدولة مع الفساد صعبة جدا،لان الفساد له رجاله وبطانته ووسائل قوته،وجيوشه التي تدافع عنه،وله ايضا امتداده الداخلي والخارجي،وادارة هذه المعركة يجب ان تتم بشكل مهني يحسب حسابا لكل الاعراض الجانبية،خصوصا،في بحر الشهر الاول من العام الجديد،وفي ذات الوقت لايجوز ان يتم استثمار معركة الفساد لتصفية حسابات سياسية مع اناس ليس لهم علاقة بهذه الملفات اساسا.
علينا ان نعترف ان كل الحديث عن الفساد تسبب بأضرار اضافية لكون الكلام تسبب بتلطيخ سمعة البلد وكل الاسماء والرموز وبحيث تم رسم صورة لنا تقول ان هذا وطن اللصوص وفي رواية ارض علي بابا والاربعين حرامي،ولايتم رفع هذه الصورة السلبية الا بالجد في حسم الملفات المعلقة،وعدم ترك قصة الفساد تدوي في رؤوسنا طوال عمرنا على اساس حسم كل الملفات المؤجلة.
ماهر ابو طير