ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بوثائق قيل انها مسربة من أرقة سياسيي الاتحاد الأوروبي بخصوص الوضع الراهن في السودان، وفيها رسالة موجهة الى مكتب السياسات والعلاقات الخارجية الاوروبي حول الوضع في السودان وتقييم الجهات المسؤولة عن تردي الأوضاع وخصوصا حالات قطع الانترنت والتعامل العنيف مع المتظاهرين على مدار الأشهر والأسابيع الماضية.
يبدو انه لا شيء يتغير في السودان، فالأمور السيئة وحالات قمع الحريات التيكانت تحصل ابان حكم الرئيس السابق عمر حسن البشير. وبعدها تم اسقاطه في العام 2019 تحت ضغط شعبي داخلي وخارجي من قبل الدول الغربية بالمقام الأول.
تقلد البرهان منصب رئيس مجلس السيادة، الذي تقاسم عضويته العسكريون والمدنيون 5 للعسكريين و6 للمدنيين وتم ذلك في نفس الوقت الذي تولى فيه عبد الله حمدوك رئاسة مجلس الوزراء وتعامل العسكريون وكأن مجلس السيادة يعني سيادته على مجلس الوزراء.
وبالتالي وبحسب مراقبين فقد دخل البرهان من خلال ثغرة ان الشركة أعطت العسكريين حصة وزارية تتمثل في وزارتي الداخلية والدفاع وبالتالي صارت الوزارتان خارج الإشراف المباشر لرئيس الوزراء.
ولكن كلا من عبد الفاتح البرهان ومحمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي وعسكرهم بقيوا يتحدثون عن قصور حكومي لا يعتبران انهما مسؤولان عنه. لكن وبعد استقال حمدوك الاخيرة لم يعد هناك امكانية للتخفي خلف الحكومة المدنية ورمي المشاكل عليها.
وهذا يتزامن مع سعي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التحري والتقصي وتحليل الوضع في السودان وفهم سبب مآلات الأمور في هذا البلد المعقد تعقيداً شديداً، وعليه يعي الغربيون ان المكون العسكري وعلى رأسه البرهان وحميدتي بات الآن المتحكم الوحيد بالمشهد السوداني وبالقرارات السودانية سواء في الداخل أو الخارج.
فقد عزز العسكريون موقفهم باتفاق جوبا الذي منح الحركات المسلحة مكاسبا كثيرة تخاف من فقدانها إذا فقد العسكريون سطوتهم، وبالمقابل تضاءلت أهمية المكون المدني لدى العسكريين فلم يعد يعني لهم أكثر من مجرد مورد اقتصادي من المجتمع الدولي. وبلغ الأمر بهم درجة فض التحالف مع المدنيين باعتقالهم بشكل مذل رغم انهم كانوا وزراء.
وفي الوثيقة المسربة يتم التحدث عن دور قوات الأمن والقوات العسكرية المسلحة والشرطة في قمع التظاهرات الأخيرة التي خرجت في عدد من المدن السودانية بعد انقلاب البرهان على حمدوك في الخامس والعشرين من شهر أكتوبر الماضي، وتخرج بنتيجة حتمية مفادها فرض عقوبات شخصية على كل من البرهان ونائبه حميدتي كونهما المسؤولان الأساسيان عما يحصل من قمع للتظاهرات، وقد بنى الاوروبيون هذا الموقف على أساس أن التحول الديمقراطي في السودان لا يمكن ان يتم في ظل قمع التظاهرات السلمية الرافضة للانقلاب العسكري.
ويقول مراقبون انه إذا كان حمدوك قد شدّد في خطابه عند قبوله الاتفاق السياسي، على ان سبب توقيعه يعود إلى انه يريد حقن دماء السودانيين فإنه قد عرف تماماً بان ذلك هدف بعيد المنال مع الفريق عبد الفتاح البرهان. وبالتالي كانت الاستقالة.
لكن استقالة حمدوك لم تكن تعني ان الدماء سوف لن تسيل، بل فقط ان حمدوك سوف يبعد نفسه عن البرهان وعن الجرائم التي قد ترتكب باسم الحكومة السودانية التي اريد له ان يكون رئيساً لها حتى بعد قيام البرهان بخيانته في 25 اكتوبر.
يذكر انه هناك بيان من الاتحاد الأوروبي ودول الترويكا وهي كل من النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية يقول فيه ان دول الترويكا والاتحاد الأوروبي ودول الترويكا رئيس وزراء أو حكومة معينة دون مشاركة مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة المدنيين. وهذا تصريح رسمي، وبالتالي بات واضحا ان كل المؤشرات تدل على ان العسكر سوف يكونون بمهب الريح في السودان. انها رياح التغيير قادمة لا محالة.