ما الذي تريده قطر .. من الربيع العربي؟

ما الذي تريده قطر .. من الربيع العربي؟
أخبار البلد -  

منذ زمن، لم تعد قطر تلك «الإمارة المضجرة» في الخليج العربي. فهي إن خلعت عنها هذه الصفة عبر خطة تطويرية شاملة طالت العمران والتعليم والإعلام وغيرها من الميادين، ثم انخرطت بعدها في ميادين الصراع الإقليمية لاعبة دور الوسيط في حل النزاعات في لبنان واليمن والسودان ودول أخرى عبر ما عُرف بـ«دبلوماسية المصالحة»، إلا أنها «استحقت الآن شهادة حسن التصرف عن جدارة، لتصبح لاعباً أساسياً على الساحتين الإقليمية والعالميّة»، حسب ما أوردت صحيفة «لوموند» الفرنسية الأسبوع الماضي.

مناسبة كلام الصحيفة الفرنسية كان «خروج قطر من الأزمة الليبية بنجاح»، حيث أوضحت «لوموند» أن «دور قطر الدبلوماسي كان مفصلياً، ودورها العسكري كان حاسما من الناحية الرمزية».

أما الأسباب التي تدفع قطر إلى التدخل في المنطقة، لا سيما في ظل الربيع العربي، فعديدة، وإن كان أبرزها ما يتم تداوله عن تعطش الإمارة للعب دور إقليمي، وهو هاجس يعزّزه واقع شغور المنصب، لا سيما بعد غياب السعودية ومصر، اللتين اضطلعتا بهذا الدور لسنوات.

في الخلاصة، قطر تحب أضواء الشهرة وتسعى جاهدة لانتزاع اعتراف دولي وعربي بدورها القيادي، ناهيك عن سعيها للظهور بمظهر إنساني. مستفيدة من حماية أمنها عبر القواعد العسكرية الأميركية، ومن كونها، وهذا هو السبب الأهم، بقيت محصنّة من عدوى الحركات الاحتجاجية التي هزت الربيع العربي، قد تنجح قطر في اغتنام دور الريادة، وإن كان أبرز ما يؤخذ عليها في مرحلة ما بعد الربيع العربي هو «ازدواجية معاييرها». ويبقى السؤال الأهم الذي يطبع هذه المرحلة هو: ما الذي تريده الإمارة وأميرها بالضبط؟
حاول معهد «هادسون» الإجابة عن هذا السؤال، في تقرير نشره أمس، فنّد فيه مواقف قطر على ضوء «خريطة الثورات العربيّة»، مع ما يمكن أن تحمله في طياتها من نيات ومطامح مستقبليّة.

بدأ التقرير، الذي أعده الباحث لي سميث، بالثناء على الموقف القطري «المفاجئ» الذي تمثّل في استضافة مؤتمر إعادة إعمار ليبيا الشهر الماضي، في حين «لم يقدّم أي زعيم عربي عرضاً أفضل عندما شكلت ضرورة الحصول على 5 مليارات دولار لإعادة إعمار ليبيا، التي تقف على شفا حرب أهليّة، هاجس الثوار الأكبر».

ويضيف التقرير «لم تكن قطر السباّقة في الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي فحسب، بل سارعت إلى مدّ الثوار بالسلاح والبزّات العسكرية فضلاً عن دعمهم مالياً بمبالغ وصلت إلى 400 مليون دولار». ولا يمكن لأحد أن يتجاهل مساعدتها لهم ببيع النفط وهي مساعدة، على أهميتها، لا يمكن مقارنة مفعولها الإيجابي بما حققته قناة «الجزيرة» الفضائية في تغطية الثورة الليبية.

إلا أن تقرير هادسون يغمز إلى أنه «في مقابل ما قدمته من مساعدة، يُرجّح أن الدوحة، وهي أكبر مصدّر للغاز الطبيعي السائل، تنشد لعب دور أساسي في تنمية موارد ليبيا من الغاز الطبيعي»، ويردف «حتى لو أن القذافي نجح في التغلّب على الصعاب والاحتماء لبعض الوقت، فإن المؤكد أن القطريين قد نجحوا في تحقيق ما ابتغوه من دعمهم للثوار الليبيين: الهيبة والنفوذ. وبينما الشرق الأوسط ما زال يتخبط في الزلزال الذي أثاره الربيع العربي في ستاتيكو المنطقة، فإن المال والدبلوماسية والبراعة الماكرة، كلها عوامل جعلت من قطر قوة إقليمية صاعدة».

لم يقطف أحد، في العالم العربي أو الغربي، ثمار الربيع العربي كما فعلت قطر. هذا ما يعكسه كلام سميث عند إشارته إلى أن «القوى الخارجية المتنافسة، الولايات المتحدة الأميركية وعدوها إيران، اختلطت حساباتهما جراء الاهتزازات في المنطقة، حيث خسرت أميركا اثنين من أهم حلفائها، مصر وتونس، وتتعرض سوريا، حليفة إيران، لاحتجاجات معارضة يبدو أنها لن تصل الى خواتيمها في الأمد المنظور». أما الدوحة، التي تدَوزِن علاقاتها مع واشنطن وطهران بهدوء، فهي لا تنفك تزيد قوتها قوة، بحسب سميث.

يعود الباحث إلى مصر «التي طالما كانت محوراً أساسياً في متابعة «الجزيرة»، مؤكداً أن هذه الأخيرة، بعد انتصار الثورة المصرية، تهنئ نفسها باعتبارها لاعباً فاعلاً في سقوط مبارك. في حين انها من جهة اخرى، ومع اندلاع الحركات المعارضة في البحرين، التزمت القناة القطرية الصمت. وساعد بقاء قطر تحت مظلة السعودية في مجلس التعاون الخليجي والتدخل عبر قوات درع الجزيرة، في تمكين السلطات البحرينية من قمع المعارضة الشيعية في البلاد.

على الصعيد السوري، يرى سميث أن الرئيس بشار الأسد يعيش أوقاتاً عصيبة، ويعود ذلك جزئياً إلى الدور الذي تلعبه «الجزيرة» في تغطيتها الإعلامية لما يجري على الساحة السورية. صحيح أن بعض المراقبين الإقليميين فوجئ بانقلاب الأمير القطري على صديقه وحليفه السوري بعد تهجم إعلام الأخير على «داعية الجزيرة» الشهير يوسف القرضاوي الذي يقف إلى جانب المعارضة السورية، إلا أن المراقبين القطريين يستبعدون أن يكون القرضاوي من أشعل الخلاف.

« الأرجح أن القرضاوي كان بمثابة إشارة إلى الموقع الذي سبق واتخذته قطر»، يقول مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية في واشنطن روبرت مالي، مؤكداً أن «موقف دولة قطر حيال سوريا جاء انعكاساً للمزاج السائد في المنطقة».

ويلفت مالي إلى أن موقف قطر كان مختلفاً كلياً قبل وصول موجة الربيع العربي إلى المنطقة. «في السابق حاولت الدوحة ممارسة دبلوماسية المصالحات عبر التوسط في حل النزاعات. في لبنان على سبيل المثال، استطاعت الدوحة الحفاظ على علاقاتها الإيجابية مع طرفي النقيض، إذ نسجت علاقات جيدة مع حزب الله وكذلك مع جماعة 14 آذار. وفلسطينياً، حاولت التوسط بين إسرائيل وحماس، إلى جانب حركة فتح». ولكن مع اندلاع حركات الاحتجاج في المنطقة، يرى مالي أن دور الوسيط بين جبهتين بات مهمة في غاية الصعوبة. وعليه، قرر القطريون أن يتحولوا إلى طرف في اللعبة.
موقع قطر الجديد جرّ عليها العديد من العداوات. فقد تناقلت وسائل الإعلام مؤخ
راً ما أوعز به القذافي بشأن حرق السفارة القطرية في تونس، أو الهجوم الذي قام به مناصرو الأسد على السفارة القطرية في سوريا بعد أن سحبت قطر سفيرها. واليوم، يبدو ان العلاقة الثنائيّة بين قطر واسرائيل مهددة بالانهيار. فقد كشفت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية الأسبوع الماضي النقاب عن قرار سري إسرائيلي بقطع العلاقات مع قطر بسبب «نشاطها المناهض لإسرائيل في أرجاء العالم». (راجع التقرير الذي نشرته «السفير» في 26 آب الماضي تحت عنوان «»معاريف»: إسرائيل تقطع علاقات يفترض أنها مقطوعة مع قطر!»).

«الحقيقة، أنه بعيداً عن ثوار ليبيا ومعارضي سوريا وإسلاميي الثورة المصرية، تفتقر قطر إلى أصدقاء حقيقيين. صحيح أن هناك انشقاقات بالكاد تذكر بين أميركا وأوروبا في ليبيا، وهو حال ينسحب على سياستهما الخارجية إزاء سوريا كذلك، ولكن الولايات المتحدة على ما يبدو تتخوّف بشدة من الدور القطري، لا سيما أن واشنطن تحاول جاهدة تقويض دور المملكة العربية السعودية وضمها إلى جناحها». هو واقع يختصره الباحث المرموق في مجلس العلاقات الخارجية إليوت أبرامز بالقول «صعود النفوذ القطري يتقاطع مع انحسار الدور السعودي».

لسنوات مضت، حسب أبرامز، كان هناك قوى غير عربية تتحرك في المنطقة، الفرس والأتراك واليهود. ومع ذلك، أثبتت النزاعات في ليبيا وسوريا قيود النفوذ التركي في المنطقة، فيما بقيت اسرائيل بعيداً عن التدخل علناً، أما إيران فالحديث عنها شأن آخر.

خلال الأسبوع الماضي، زار أمير قطر إيران والتقى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. ولا شك بأن محور اللقاء كان سوريا. فبقاء الأسد هو مصلحة حيوية بالنسبة للإيرانيين. وإن كانت قطر قد أرضت «شوفينيتها» بدعم الثوار ضد القذافي، غير ان حقول الغاز الطبيعي المشتركة بين قطر وايران تعطي للأخيرة القدرة على تحييد الدوحة ومنعها من لعب دور محتمل في سوريا شبيه بذاك الذي لعبته في الدوحة لجهة تسليح الثوار ضد القذافي.

ليست قطر أول اللاعبين الإقليميين الطامعين في المنطقة، ولكن قلة منهم نجح في تحقيق مآربه، على عكس الإمارة الصغيرة التي باتت تتمتع بمجال مفتوح لدور أتاحه أمامها الربيع العربي. ومع هذا، فإن «قطر لم تكوّن بعد رؤية شاملة للمنطقة، لا سياسات أو ايديولوجيا معيّنة يتم التكلم بشأنها، لا تطرف أو ديموقراطية، فكلا الطرفين قد يعملان عكس ما تشتهي سفن عائلة آل ثاني»، حسب تقرير «هادسون».

وليس من قبيل المصادفة، أن قطر ناضلت للحصول على الحق باستضافة كأس العام 2022، في ظل ما آلت إليه الإمارة. لقد تمكنت من استقطاب جميع الفائزين الحاليين والمحتملين في الربيع العربي، الأمر الذي يدفع للقول حكماً بأن من يريد أن يفهم الاتجاه الذي تسير فيه المنطقة، فعليه أن يعرف أين تقف قطر. ومن نافل القول إنه سواء كان الوضع يتجه للأسوأ أو للأفضل، فإن النظام الإقليمي الجديد لا بدّ أنه سيدور في فلكها.

هيفاء زعيتر
السفير اللبنانية
شريط الأخبار فرع جديد لمجموعة الخليج للتأمين – الأردن في جبل عمّان القضاء يلزم مريضي سرطان بحفظ سور من القرآن كعقوبة بديلة نائب: شموسة منعت من الدخول في عام 2021 هل صرف "الاهلي المصري" النظر عن النعيمات ؟ ضبط أكثر من 1400 اعتداء على خطوط المياه خلال شهر واحد سلامي: نواجه خصمًا قويًا وسندافع عن حظوظنا لبلوغ نهائي كأس العرب.. موعد المباراة قتلى ومصابون جرّاء إطلاق نار على حفل يهودي في سيدني الفحص الطبي لمرة واحدة… قرار جباية أم تنظيم؟.. النوتي يكتب... الصبيحي يكتب.. الدراسة الاكتوارية للضمان: مؤشرات تحذير لا مخاوف تخبط اداري في مؤسسة صحية .. فك وتركيب اقسام ومديريات!! السفير الأميركي يواصل جولاته المكوكية بين الوزارات الأردنية فريحات يكتب.. السلامي يواجه أستاذه رينارد .. صراع خبرة وطموح في المستطيل الأخضر ايقاف 3 مصانع منتجة للنمط ذاته من المدافئ المتسببة بالوفيات التمييز تحسم القرار .... فينكس القابضة تكسب قضية بملايين الدنانيير ضد الصناعية العقاريه الحكومة تشكل لجنة للبحث عن اسباب حوادث الاختناق حماية مستهلك: إيقاف بيع المدافئ مؤقتاً المجموعة العربية الاردنية للتأمين تدعو لاجتماع غير عادي لمناقشة هذه القضايا نائب يطالب بإقالة وزير الصناعة ومديرة المواصفات بعد فضيحة (الشموسة) لاعبو المنتخب العراقي يتحدثون عن أسباب الخسارة أمام الأردن إسرائيل تغتال الرجل الثاني في حماس بغارة في غزة