أريد أن أكتب عن العسكر ، أساسا أنا منحاز للعسكر ، ولتلك الجباه السمراء ، ويغريني منظر " الفوتيك " ، ويعجبني " الطابور الصباحي " ، ولي قصة مع "القايش" ، فقد عدل مسيري ذات مرة عندما انعوج .
للعسكري طقوس يمارسها ، لا تنتهي عند تفقد " الهندام " كل لحظة ، وتعديل "البوريه " ، وحرق " البويه " على " البصطار " ، وحلاقة الوجه يوميا ، وشد الظهر عند المسير ، فأول طقس للعسكري هو العشق ، وأول الوله لديه لن يكون الا للوطن وللشعار .
العسكري لا يعرف الصالات المكيفة ، ولا الغرف المغلقة ، فهويختنق فيها ولا يتكيف أبدا مع الطاولات وما يجري تحتها ، هو معتاد على الميدان ، واظنه لا يستطيع العيش الا تحت الشمس ، وبحكم العشق يمكنه المراوغة والتحنك والمساومة والفداء ، وبحكم الجاهزية ، يمكنه التسلق على العمدان والجدران ، والزحف من تحت الشبك ، أو القفز من فوق اللهب والنيران ، وفي المعركة قد يتعدى خطوط العدو وكل خطوطه الامامية ، الخط الوحيد الذي لا يمنكه تخطيه ، هو خط الوطن ، أساسا هم حراس الخط وعاشقيه .
الى الطيبين ... الى رواد " النافي " ، وأصحاب صفحات الدين فيه ، الى الزنود السمر والجباه الحرة ، و نار البارود ، الى المرابطين في الواجب ، والمعاقبون في " القطعات " ، الى المتعبون في كل شي الا عن الواجب ، الى هيل الدلال ، ورصاص الميم 16 . ونعنع الشاي وشيح الصحاري وعطرها .
أنا مطمئن ... فكلما تتعبني السياسة ، وألمح عسكريا يعدل " البوريه " على رأسه ، أرتاح ، وأيقن بأن وطنا حملته القلوب ، وحضنته العيون ، وسرح جدائله العسكر فوق المتون ، سيبقى بألف خير .
المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com