أخبار البلد ـ أجمل رئيس لجنة المياه والزراعة في مجلس الأعيان الدكتور عاكف الزعبي، مشاكل قطاع مربي الأبقار في معضلتين رئيسيتين تتمثلان باستيراد الحليب المجفف من الخارج، إضافة إلى استيراد الأبقار رغم الاكتفاء الذاتي بها، ما يهدد القطاع بالزوال.
وأكد الزعبي، خلال جولة تعريفية أمس في إحدى المزارع النموذجية بمنطقة الحلابات في محافظة الزرقاء، أهمية قطاع مربي الأبقار، ودوره في توفير الحليب الطازج لمصانع ومعامل الألبان والأجبان، كإحدى الأذرع الرئيسية للأمن الغذائي.
وقال إن هذا القطاع، على أهميته النسبية، يعاني مشاكل رئيسية، ينبغي العمل مع الجهات الحكومية ذات الصلة، ومع منتسبي القطاع على معالجتها، وتذليل الصعاب التي تواجه هذا القطاع المهم.
لكن، وفق ما أوضح الزعبي، فلا يمكن لهذا القطاع أن يعالج مشاكله إلا إذا اتحد منتسبوه في إطار واحد، ليتمكنوا من توحيد خطابهم، وتعزيز حضورهم؛ إذ إن الحكومة وأذرعها المختلفة، حينذاك، ستتعامل مع هذا القطاع بمزيد من الجدية والاهتمام.
وأشار إلى أن معضلة الحليب المجفف تعد أبرز ما يواجهه قطاع مربي الأبقار من تحديات، ومن دون مقاربات معقولة لا يمكن معالجتها، منوها إلى أن الأردن، وفي إطار سعيه للانضمام لمنظمة التجارة العالمية منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، التزم بتنفيذ جملة من الاشتراطات، منها السماح باستيراد الحليب المجفف، إذ ظل باب استيراد هذه السلعة مفتوحا إلى أن جرت معالجة هذا الالتزام بطريقة مناسبة، غير أن ما اتخذ من إجراءات، في هذا الصدد، لم ينهِ المشكلة نهائيا.
كما تناول الزعبي، في حديثه، مشكلة استيراد الأبقار من الخارج، مؤكدًا أن حماية القطاع، وتوفير البيئة المناسبة لنمو طبيعي للحيازات المختلفة من قطعان الأبقار، ينبغي أن تكونا أولوية لدى الحكومة، ليتمكن القطاع من التطور بشكل سلس.
ووعد العين الزعبي، منتسبي القطاع، بالعمل معهم على معالجة مشاكلهم لدى الجهات الرسمية ذات الصلة، مشيرا إلى أن مجلس الأعيان، بوصفه جهة رقابية وتشريعية، لا يمتلك صلاحيات تنفيذية، لكنه يمكن له أن يتواصل مع المسؤولين الحكوميين المعنيين بهذا القطاع ومشاكله المختلفة، والعمل معهم على تذليل ما يواجه هذا القطاع من صعاب.
وكان الزعبي، يرافقه عدد من الإعلاميين ومنتسبي القطاع، قد تجول في مزرعة نموذجية في منطقة الحلابات بمحافظة الزرقاء، واطلع على أدق تفاصيل مراحل إنتاج الحليب الطازج، وتفقد قطعان الأبقار، وآلية العناية بها وإطعامها، وتفاصيل أخرى تتعلق بتلقيحها صناعيًا، وعمليات الإكثار، والعناية بصغار الأبقار، والاهتمام بالبكاكير؛ لكن الأبرز الاطلاع على التكنولوجيا الحديثة المستخدمة في مراقبة الأبقار والعناية بها.
ومن جانبه، استعرض رئيس جمعية ائتلاف مربي الأبقار ليث الحاج، واقع القطاع وتطوره والتحديات التي تواجهه، وقال إن منتسبي هذا القطاع يمتلكون 90 ألف رأس بقر، وينتجون يوميًا 900 طن من الحليب الطازج، ما يعني أن القطاع حقق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة الحيوية، إذ إنه ينتج ما يفيض عن حاجة مصانع ومعامل الألبان.
وبين أن دور هذا القطاع لم يتوقف عند توفير احتياجات السوق المحلية من الأجبان والألبان، بل تعداه إلى تصدير بعض أنواع الأجبان، بخاصة تلك المستخدمة في صناعة الحلويات.
كما بين أن أكثر من 50 ألف أسرة تعتاش على العمل في هذا القطاع، وحجم الاستثمار فيه يتجاوز 800 مليون دينار، والحيازات المنتشرة في غير محافظة تنمو بشكل طبيعي بنسبة تزيد على الـ10%.
واستعرض الحاج تفاصيل المشاكل التي تواجه القطاع، والحلول المقترحة لمعالجتها، وقال إن أبرز التحديات التي تهدد هذا القطاع هي استيراد الأبقار من الخارج، وقد تصيبه في مقتل، إن لم يجرِ وضع حد لهذا الاستيراد، متسائلًا: ما دامت الحيازات من الأبقار تنمو بشكل طبيعي 10 % وأكثر سنويًا، فلم استيراد أبقار جديدة؟
وأوضح أن استيراد أبقار جديدة من شأنه القضاء على صغار ومتوسطي مربي الأبقار، وعرقلة النمو الطبيعي لقطعان الأبقار، وتكبيد المزارعين ومصانع ومعامل الألبان خسائر فادحة، مقترحا العمل على إصدار تشريع واضح يحمي منتسبي هذا القطاع من مخاطر استيراد أبقار جديدة.
أما المشكلة الثانية التي استعرضها الحاج فتتمثل في استيراد حليب البودرة والزيوت المهدرجة، واستخدام بعض المصانع والمعامل لها في إنتاج الألبان والأجبان، رغم أن المواصفات القياسية الأردنية تنص على منع استخدامها من قبل هذه المصانع، بخاصة أنها ذات أضرار مختلفة على الصحة العامة.
وأشار إلى أن استخدام عدد من المصانع والمعامل الحليب المجفف والزيوت المهدرجة يسمح لها بالتوقف عن شراء الحليب الطازج من المزارعين، وبالتالي يضطر عدد من مربي الأبقار لإتلاف كميات من إنتاجهم، ولا سيما أن الحليب الطازج لا يصمد أكثر من 24 ساعة.
واقترح الحاج عددًا من الإجراءات، لمعالجة هذه المشكلة؛ أولها تشكيل لجنة مشتركة من مؤسسة الغذاء والدواء ووزارتي الصناعة والتجارة والزراعة وممثل عن القطاع، لوضع آلية محددة واضحة لاستيراد الحليب المجفف، إذ إن قرار منح تراخيص استيراد هذه المادة محدد بموظف واحد في وزارة الزراعة.
كما اقترح أن يجري فحص المنتج النهائي من الألبان والأجبان، بأخذ عينات من رفوف المحلات وفحصها، للتأكد من خلوها من الحليب المجفف والزيوت المهدرجة، لأن الآلية المتبعة حاليًا تتمثل في تنظيم جولات تفتيشية على مصانع ومعامل الألبان للتأكد من عدم حيازتها هاتين المادتين، وهذه الآلية في المراقبة غير ناجعة.
والمشكلة الثالثة التي استعرضها الحاج، تتمثل في استيراد منتجات الألبان والأجبان غير المطابقة للمواصفات القياسية الأردنية، مؤكدًا أن بعض هذه المنتجات المستوردة تحتوي على نسبة من الحليب المجفف والزيوت المهدرجة، ما يحول دون تمكن المنتجات المحلية من منافسة المستوردات، إذ إن استخدام هاتين المادتين يجعل المنتج النهائي أقل تكلفة.
وكان الحضور شاهدوا فيديو قصيرا، يقارن معدوه بين صورتين اثنتين لهذا القطاع، واحدة تُظهر الجانب الإيجابي المشرق له، وتتمثل في مشاهد من مزرعة نموذجية. والصورة الأخرى، نقيضة تتمثل في لقطات لعدد من مزارع الأبقار في منطقة الضليل، اضطر أصحابها إلى إغلاقها، وتركها خاوية على عروشها، جراء تأثرهم بالسياسات والإجراءات الحكومية، التي أضرت بالقطاع، وأخرجت أكثر من 200 مزرعة من دورة الإنتاج.