في الوقت الذي نحرص فيه على تعزيز الإصلاح في بلادنا، ومحاسبة الفساد بجميع أشكاله، لتبقى بلادنا درة البلدان، وأنموذجاً يحتذى في الرقي والتطور، والإصلاح بالأفعال قبل الأقوال.
في ذات الوقت نتابع ونشاهد تلك المظاهرات التي تخرج في أنحاء بلادنا بين حين وآخر، ونستمع إلى ما يتخللها من عناوين جديدة، وشعارات مختلفة، تحث "في مجملها" على محاربة الفساد، وتعزيز التشارك في القرار في بلادنا بين القيادة والشعب، وغير ذلك من الأمور الأخرى التي تخرج عن النص في بعض الأحيان، بل وتتعدى إلى الإساءة أو التجريح في أحيان أخرى.
ولأننا نحرص على مصلحة وطننا، ونهتم لتطوير عملية الإصلاح فيه، كان لزاماً علينا أن نؤكد أن هذه المطالبة يجب أن لا تتناقض بأي حال من الأحوال مع الحفاظ على منجزات البلد ومقدراته، والعمل على تعزيز ذلك وتطويره من خلال العمل الدؤوب، والإبداع، والإبتكار، وقبل كل شئ من خلال البدء بإصلاح النفس أولاً، لنستطيع عندها إستئصال شأفة كل من يستهزأ بالشعب، أو يسرق حقوقه ومقدراته.
من الضروري التفريق جيداً بين الصراخ والإصلاح، فهناك البعض ممن نشاهدهم يخرجون ليمارسون الصراخ بأعلى أصواتهم، مطالبين بتحكيم الدستور الأردني، ولو سألتهم عن المادة الأولى في الدستور لما إستطاعوا أن يجيبوا، أو أجابوا بشكل خاطئ، وحتى لا يساء الفهم من البعض، ممن يتصيدون لنا الأخطاء، (مثل هؤلاء الذين يظنون بأننا عندما نتكلم بصيغة الجمع فإننا نتكلم بإسم الأمة جمعاء، وفي الحقيقة نحن لا نتكلم إلا بإسمنا وإسم من يشاركنا الفكرة ويتفق معنا في الطرح)، لهؤلاء نعود ونقول أننا نتحدث هنا عن "البعض"، فنحن لا نتحدث عن المخلصين الصادقين في حبهم للوطن وأكثر من يخرجون في المظاهرات منهم، ولكننا نتحدث عن بعض "الجهلة" ممن يندسون بين هؤلاء للتخريب، والتسلية، والتقليل من هيبة الدولة فقط، ويتعمدون النيل من رموزها ورجالاتها.
خلاصة القول هو أننا بحاجة ماسة إلى تعزيز ثقافتنا ومعرفتنا قبل المطالبة بالتطوير والإصلاح، فتطوير بلادنا وإصلاح أي فساد فيها لا يبدأ إلا من أنفسنا، بتطوير أنفسنا وتحصينها بالمعرفة، والثقافة، وتقبل الرأي الآخر، وإصلاح ما فيها من فساد، ثم ننطلق بعد ذلك للمطالبة بتطوير بلادنا، وتصحيح الأخطاء فيها.
على كل واحد بيننا أن يعلم بأنه جزء من هذا الوطن، طالما حمل هويته، وإنتمى لترابه، ولهذا فإن أي خطأ أو فساد في نفسه هو جزء من الفساد الأكبر في الوطن، ولإصلاح الفساد الأكبر يجب البدء من الفساد الأصغر بإصلاح النفس أولاً، ثم الإنطلاق نحو الفساد الأكبر وليس العكس.
ولنتذكر قوله تعالى: ((لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ)) سورة الرعد الآية 11.
نذكر هنا حادثة حدثت قبل عدة سنوات، "في منتصف التسعينات على ما نذكر"، عندما سأل أحد الإعلاميين رئيس مجلس النواب بالسن في ذلك الوقت عن رأيه في وزارة الشباب والرياضة، فجائت الإجابة بأن الوزارة جيدة، وإلى هنا الأمر طبيعي، ولكن المستغرب هو أنه لم يكن هناك وزارة شباب ورياضة في ذلك الوقت !! بل كان المجلس الأعلى للشباب ...
حادثة أخرى حدثت معي في الحج في إحدى السنوات، حيث دخلت في نقاش عن الصبر وأهميته مع أحد المسؤولين عن الحملة التي حججت معها، فذكرت مثالاً لذلك صبر أحد أعلام التابعين، وهو عروة بن الزبير "رحمه الله" إبن الصحابي الجليل الزبير بن العوام رضي الله عنه، وذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها، عندما إستضافه الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك في مقر الخلافة في دمشق، فإمتحن الله عز وجل صبره في هذه الزيارة حيث أنه لم يصل دمشق إلا محمولاً من شدة ألم ساقه له، ليحضر الخليفة لضيفه الأطباء لمعالجته، ولكن الأطباء قرروا ضرورة بتر ساقه حيث أن الأكلة "الغرغرينا" قد إستفحلت فيها، ثم يأتي الخبر بأن طفله الذي إصطحبه معه في الزيارة قد قضى نحبه وهو يلعب بين الخيول!! ليعود من سفره مبتسماً وهو يقول "اللهم لك الحمد، أعطيتني ساقين، فأخذت واحدة وأبقيت لي أخرى، وأعطيني سبعة أولاد فأخذت واحداً وأبقيت لي ستة، اللهم لك الحمد ما أكرمك" !!، وحتى هنا الموضوع طبيعي، ولكن الغير طبيعي هو جواب مسؤول الحملة لي، وهو أنه لا يوجد أحد إسمه عروة بن الزبير !!! فالزبير بين العوام رضي الله عنه ليس لديه من الأبناء إلا عبدالله بن الزبير فقط !!
كانت الصدمة بادية على وجهي عندها، مسؤولاً لحملة حج لبيت الله الحرام يصدر منه مثل هذا الجواب !!
لندخل بعدها في نقاش طويل عن الزبير رضي الله عنه، وأبنائه عبدالله، ومصعب، وعروة ...
ويمكن لأي واحد بيننا أن يواجه من المفاجآت الكثير لو توجه بسؤال لبعض هؤلاء الذين يمارسون الصراخ فقط، وبشكل مستمر دون أن يعرفوا عن ماذا يتحدثون، أو بماذا يطالبون.
من الضروري جداً أن نعمل على تعزيز ثقافتنا ودراسة التاريخ بمختلف أوجهه ومصادره، ذلك إن كنا نتطلع إلى مستقبل أفضل، وعلينا البدء بإصلاح نفوسنا، بدلاً من التبعية لغيرنا ممن عرفوا التاريخ، وقاموا بقرائته جيداً، وأخذوا منه ما يناسب أهوائهم ومخططاتهم، وأخفوا ما لا يناسبهم منه.
سيبقى وطننا أمانة غالية في أعناقنا، أمانة في عنق كل مخلص ومحب لتراب هذا الوطن، وكل صادق حريص على تطوير هذا الوطن، والنهوض به، ولذلك علينا المحافظة على وطننا الغالي، وعلى مقدراته، وإنجازاته التي تم بناؤها على مر السنين الطويلة، إحتراماً لما بذل من أجل ذلك من الجهود والأرواح الغالية، ولنكون قادرين على البناء على هذه الإنجازات، وتطويرها، والنهوض بالوطن جميعاً بلا إستثناء، بسواعدنا، وإرادتنا، وتصميمنا، بعد توفيق الله عز وجل.
في ذات الوقت نتابع ونشاهد تلك المظاهرات التي تخرج في أنحاء بلادنا بين حين وآخر، ونستمع إلى ما يتخللها من عناوين جديدة، وشعارات مختلفة، تحث "في مجملها" على محاربة الفساد، وتعزيز التشارك في القرار في بلادنا بين القيادة والشعب، وغير ذلك من الأمور الأخرى التي تخرج عن النص في بعض الأحيان، بل وتتعدى إلى الإساءة أو التجريح في أحيان أخرى.
ولأننا نحرص على مصلحة وطننا، ونهتم لتطوير عملية الإصلاح فيه، كان لزاماً علينا أن نؤكد أن هذه المطالبة يجب أن لا تتناقض بأي حال من الأحوال مع الحفاظ على منجزات البلد ومقدراته، والعمل على تعزيز ذلك وتطويره من خلال العمل الدؤوب، والإبداع، والإبتكار، وقبل كل شئ من خلال البدء بإصلاح النفس أولاً، لنستطيع عندها إستئصال شأفة كل من يستهزأ بالشعب، أو يسرق حقوقه ومقدراته.
من الضروري التفريق جيداً بين الصراخ والإصلاح، فهناك البعض ممن نشاهدهم يخرجون ليمارسون الصراخ بأعلى أصواتهم، مطالبين بتحكيم الدستور الأردني، ولو سألتهم عن المادة الأولى في الدستور لما إستطاعوا أن يجيبوا، أو أجابوا بشكل خاطئ، وحتى لا يساء الفهم من البعض، ممن يتصيدون لنا الأخطاء، (مثل هؤلاء الذين يظنون بأننا عندما نتكلم بصيغة الجمع فإننا نتكلم بإسم الأمة جمعاء، وفي الحقيقة نحن لا نتكلم إلا بإسمنا وإسم من يشاركنا الفكرة ويتفق معنا في الطرح)، لهؤلاء نعود ونقول أننا نتحدث هنا عن "البعض"، فنحن لا نتحدث عن المخلصين الصادقين في حبهم للوطن وأكثر من يخرجون في المظاهرات منهم، ولكننا نتحدث عن بعض "الجهلة" ممن يندسون بين هؤلاء للتخريب، والتسلية، والتقليل من هيبة الدولة فقط، ويتعمدون النيل من رموزها ورجالاتها.
خلاصة القول هو أننا بحاجة ماسة إلى تعزيز ثقافتنا ومعرفتنا قبل المطالبة بالتطوير والإصلاح، فتطوير بلادنا وإصلاح أي فساد فيها لا يبدأ إلا من أنفسنا، بتطوير أنفسنا وتحصينها بالمعرفة، والثقافة، وتقبل الرأي الآخر، وإصلاح ما فيها من فساد، ثم ننطلق بعد ذلك للمطالبة بتطوير بلادنا، وتصحيح الأخطاء فيها.
على كل واحد بيننا أن يعلم بأنه جزء من هذا الوطن، طالما حمل هويته، وإنتمى لترابه، ولهذا فإن أي خطأ أو فساد في نفسه هو جزء من الفساد الأكبر في الوطن، ولإصلاح الفساد الأكبر يجب البدء من الفساد الأصغر بإصلاح النفس أولاً، ثم الإنطلاق نحو الفساد الأكبر وليس العكس.
ولنتذكر قوله تعالى: ((لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ)) سورة الرعد الآية 11.
نذكر هنا حادثة حدثت قبل عدة سنوات، "في منتصف التسعينات على ما نذكر"، عندما سأل أحد الإعلاميين رئيس مجلس النواب بالسن في ذلك الوقت عن رأيه في وزارة الشباب والرياضة، فجائت الإجابة بأن الوزارة جيدة، وإلى هنا الأمر طبيعي، ولكن المستغرب هو أنه لم يكن هناك وزارة شباب ورياضة في ذلك الوقت !! بل كان المجلس الأعلى للشباب ...
حادثة أخرى حدثت معي في الحج في إحدى السنوات، حيث دخلت في نقاش عن الصبر وأهميته مع أحد المسؤولين عن الحملة التي حججت معها، فذكرت مثالاً لذلك صبر أحد أعلام التابعين، وهو عروة بن الزبير "رحمه الله" إبن الصحابي الجليل الزبير بن العوام رضي الله عنه، وذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها، عندما إستضافه الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك في مقر الخلافة في دمشق، فإمتحن الله عز وجل صبره في هذه الزيارة حيث أنه لم يصل دمشق إلا محمولاً من شدة ألم ساقه له، ليحضر الخليفة لضيفه الأطباء لمعالجته، ولكن الأطباء قرروا ضرورة بتر ساقه حيث أن الأكلة "الغرغرينا" قد إستفحلت فيها، ثم يأتي الخبر بأن طفله الذي إصطحبه معه في الزيارة قد قضى نحبه وهو يلعب بين الخيول!! ليعود من سفره مبتسماً وهو يقول "اللهم لك الحمد، أعطيتني ساقين، فأخذت واحدة وأبقيت لي أخرى، وأعطيني سبعة أولاد فأخذت واحداً وأبقيت لي ستة، اللهم لك الحمد ما أكرمك" !!، وحتى هنا الموضوع طبيعي، ولكن الغير طبيعي هو جواب مسؤول الحملة لي، وهو أنه لا يوجد أحد إسمه عروة بن الزبير !!! فالزبير بين العوام رضي الله عنه ليس لديه من الأبناء إلا عبدالله بن الزبير فقط !!
كانت الصدمة بادية على وجهي عندها، مسؤولاً لحملة حج لبيت الله الحرام يصدر منه مثل هذا الجواب !!
لندخل بعدها في نقاش طويل عن الزبير رضي الله عنه، وأبنائه عبدالله، ومصعب، وعروة ...
ويمكن لأي واحد بيننا أن يواجه من المفاجآت الكثير لو توجه بسؤال لبعض هؤلاء الذين يمارسون الصراخ فقط، وبشكل مستمر دون أن يعرفوا عن ماذا يتحدثون، أو بماذا يطالبون.
من الضروري جداً أن نعمل على تعزيز ثقافتنا ودراسة التاريخ بمختلف أوجهه ومصادره، ذلك إن كنا نتطلع إلى مستقبل أفضل، وعلينا البدء بإصلاح نفوسنا، بدلاً من التبعية لغيرنا ممن عرفوا التاريخ، وقاموا بقرائته جيداً، وأخذوا منه ما يناسب أهوائهم ومخططاتهم، وأخفوا ما لا يناسبهم منه.
سيبقى وطننا أمانة غالية في أعناقنا، أمانة في عنق كل مخلص ومحب لتراب هذا الوطن، وكل صادق حريص على تطوير هذا الوطن، والنهوض به، ولذلك علينا المحافظة على وطننا الغالي، وعلى مقدراته، وإنجازاته التي تم بناؤها على مر السنين الطويلة، إحتراماً لما بذل من أجل ذلك من الجهود والأرواح الغالية، ولنكون قادرين على البناء على هذه الإنجازات، وتطويرها، والنهوض بالوطن جميعاً بلا إستثناء، بسواعدنا، وإرادتنا، وتصميمنا، بعد توفيق الله عز وجل.