يغيرون جلودهم حسب المواقف، ويبدلون مواقفهم حسب الوضع القائم، ويرتدون أقنعة متعددة لإقناع الشعب بأنهم في صفه، وأنهم العين التي تراقب الحكومات وترفض فسادها وتَجَبُرها على المواطنين، فاليوم ينتقدون السلطة والحكومة بصوت مرتفع يصم الآذان، فيصفق لهم الشعب على بطولاتهم، وغداً يجلسون في صف الحكومات ويمارسون أبشع أنواع القهر على المواطنين، لنجد أنهم لم يكونوا في صف الشعب يوماً، بل اتخذوه سلماً للوصول لغايتهم التي لا تزيد عن لقب حكومي يعتقدون أنه سيرفع من قيمتهم الإجتماعية أكثر من إحترام الشعب لهم لو ظلوا صامدين على مواقفهم، ليسقطوا في النهاية بقسوة، فالحكومة تجيد البيع فيما الشعب يرفض استعادة البضاعة الفاسدة.
فالشعب المسكين المغلوب على أمره كالغريق يتعلق بقشة، وربما بكلمة أو مصطلح براق في ظاهره الرحمة ومن قبله العذاب يُطلقه تاجر للمواقف، لنجد ان أسوء من ارتقوا للمناصب هم من كانوا في صف الشعب أو هكذا كانوا يدعون، ومنهم من وصل لمنصب رئيس وزراء وآخرين لوزراء ونواب والبعض إرتضوا بمناصب أقل من ذلك، لكن وللحق هذا هو حجمهم الطبيعي ولا يستحقون أكثر من ذلك، والغريب في الأمر أنهم يبدأون منذ يومهم الأول في عملهم بالتضيق الإعلامي وحجب الحريات ومنع المواطنين من الحديث، وخنق الشعب بمنع العبارات من الخروج من بين شفاههم أو عبر صفحاتهم على وسائل التواصل الإجتماعي، لتخنق العبرات المواطنين وهم يقولون.. "لن نتعلم بالسير خلف متسلقين لكنهم يُجيدون التمثيل ليخدعونا في كل مرة”.
لقد أخطا هؤلاء في الحساب وظنوا أنهم بصعودهم قمة "الخازوق” يكونوا قد ارتقوا مكاناً عليا، ولم يدر في خُلدهم بأنهم وصلوا سريعاً منطقة السقوط الأخير صوب الهاوية، ليكون سقوط هؤلاء مدوياً ومرعباً كونه لا قيامة لهم بعده، فالشعب يلفظهم والحكومة استنفذتهم لتمرير ما تريد من قرارات يتم التضييق بها على الشعب، فلا حاجة لأحد بهم فيعتزلوا كل شيء ويختبؤون حتى لا يراهم أحد، وقد يكونوا حصلوا على المال الحكومي لكنهم فقدوا احترام الشعب والحكومات كونهم سلع كاسدة في سوق أشباه الرجال.
ويعتقد هؤلاء أنهم سيسودون بجهلهم وقهرهم ويعود ذلك لضعف معرفتهم التاريخية بأن الشعوب دوماً هي صاحبة الكلمة الأخيرة، وندرك أننا لا زلنا في عصر القافزون فوق الأحلام والباحثون عن زياد مساحة الظلام، لكن دوماً تنتصر أشعة الشمس فيغيب الظلام ويتوارى ويصبح مجرد ظل لكائن صامد لا يغيب، فيما الظل كائن متنحي يختفي حسب رغبة صاحبه، لذا ستغيب الحكومات ورجالها والمتسلقين على أكتاف الشعب وسيبقى الشعب صامداً يبحث عن الأفضل والأحق لتولي المراكز القيادة، وسينجوا الوطن من جميع ما يُحاك ضده من مؤامرات خارجية وجهل داخلي وتوزيع جائر للمكاسب والمناصب.
لن يسقط الوطن ولن يتراجع الشعب عن حلمه بان يكون الأفضل، لكن سنستعيد الخاوزق الفرنسي لإبعاد من كذبوا على المواطنين وجميع أصحاب الوجوه المتعددة التي تتغير حسب المصالح، وتتنقل بين نقد الحكومات لغاية والضغط على الشعب لأجل حفنة من الدنانير ولقب زائل، ليكون زوالهم يوم عيد لكن بعد أن يكونوا قد شرعوا قرارات ستلحق الضرر بالمجتمع، وتحتاج لسنوات طوال من العمل الدؤوب لإعادة الحرية المسلوبة للشعب، ليكون هؤلاء أسوء من العدو الخارجي كونهم عون للفساد ويد من أياديه المتعددة، لكنهم أخطرها كونهم جاءوا من رحم الرفض المعلن للفساد واذا بهم أفسدهم.
آخر الكلام
لا أقصد أحد بشخصة ولا رئيس وزراء بعينه ولا وزير ونائب بذاته، ولا أقصد مسؤول وصل للمنصب بشكل غير قانوني ويتخذ قرارات غير قانونية، ولا أتهم رئيس هيئة مستقلة محددة، لكن من يقول أنا فهو المقصود وأعتقد أنهم كثر فلا سامحهم الله كما لن يسامحهم الشعب.