أخبار البلد ـ رحل في اليومين الماضيين، أستاذان كبيران في مهنة الصحافة وفي الثقافة الأردنية، الأستاذ الصحافي مصطفى صادق، والأستاذ الكاتب والقاص وليم هلسة، وكلاهما عملا في التحرير في صحيفة الدستور، المدرسة الأولى في الصحافة الأردنية وربما العربية.
ويعد وليم هلسة واحدا من رواد القصة القصيرة في الأردن، رغم أنه بقي في الظل حتى وفاته. ولمن لا يعرفون وليم فقد عمل محررا في صحيفة الدستور في فترة الثمانينات، ومن ضمن مهامه كان تحرير الصفحة الدينية كل جمعة، وهذا الكلام ليس للطرفة اسألوا الأستاذ مصطفى صالح عن ذلك.
وبالنسبة لأستاذنا الحج أبو أيمن ثمة معلومة لا يعرفها إلا من علموا في مطبخ الصحف الورقية أو الديسك، وهي وظيفة المحرر.
ثمة محررون عباقرة في الصحافة لكن لا يعرفهم القارئ وحتى بعض أبناء المهنة، لأنهم لا يكتبون باسمهم ولا تنشر لهم مساهمات صحافية أو غيرها. من مهام المحرر تقييم المواد الصحفية ومدى صلاحيتها للنشر. وقراءة النص حرفيا وتعديل ما يراه مناسبا، ووضع العناوين، واختصار المادة الصحفية أو الطلب من الصحافي إعادة كتابتها وإضافة أية عناصر ناقصة، ولديه قدرة على توزيع المواد على الصفحات واختيار الصور والرسوم المناسبة للخبر.
وعمل ملخصات الصفحة الأولى، ويجب أن يمتلك مهارات وفنون الكتابة المختلفة. والقدرة على المراجعة الإملائية والتدقيق اللغوي والنحوي وعلامات الترقيم. وإجادة مهارات التنظيم والقدرة على تحمل ضغوط العمل. والالتزام بالمواعيد النهائية لتسليم الأعمال. والقدرة على فهم القضايا المعقدة بسرعة وشرحها بلغة بسيطة وموجزة. وفهم واستيعاب الخط التحريري في المؤسسة (ستايل بوك)، وتجنب وضع الصحيفة في قفص الاتهام.
الحج مصطفى صادق (أبو أيمن) كان كل ذلك، كان غابة الأسرار لأنه كان يعرف حجم وقدرات كل صحافي، وعلى مدى 30 عاما في الدستور كمدير للتحرير، مر قلمه بالخط الأحمر على مواد صحافية لأسماء كبيرة في هذه المهنة، بعض الأخبار كانت تخرج من مكتبه كأنها لوحة من الألوان من كثرة التعديلات والحذف والإضافة.
رحم الله معلمنا "أبو أيمن" الرجل الخلوق والمهذب والمهني من طراز نادر ورفيع. ورحم الأستاذ الخلوق والجنتلمان والمبدع وليم هلسة.