لقد بات مألوفاً في السنوات الأخيرة سماعنا بمشاجرةٍ طلّابيّةٍ جماعيَّةٍ في إحدى الجامعات الأردنيَّة، هذا السلوك الغريب على مجتمعنا الاردني الاصيل. وهذه الأفعال تثير في النفس الألم والحسرة فالعنف في جامعاتنا الحبيبة يعكس اعتداءا على الرقي والذوق والخلق والقيم وفيه تجاوز على كافة المعاني الأخلاقية العليا حتى اصبحت مشكلة العنف في الجامعات ظاهرة مقلقة تتهدد مستقبل التعليم في الاردن ولو بحثنا في أسباب هذه المشاجرات لوجدناها على اختلافها وتعدّدها إلا أنها تصبُّ في بوتقةٍ واحدةٍ من الفراغ الرّوحي الذي يفتحُ آفاقاً واسعةً أمام الطلّاب ضعيفي الأنفس بإشعال شرارةِ مشاجرةٍ تمتدّ إلى خارج أسوار الجامعة لتُشرِكَ أناساً لا همّ لهم إلا الانتصار لعشيرةٍ معيّنةٍ، تلبيةً لنظام الفزعة، يدفع ثمنها الابرياء من ابناء المحافظة التي توجد فيها المشكلة واقارب الطرفين، دون أن يعلموا سبب المشاجرة.
اذا كان هذا حال من هم من فئة الطلبة التي يفترض بها أن تكون الفئة الواعية وبناة المستقبل والذين يعول عليهم بعدم قبولهم الاساءة للوطن الذي نحب والذي كل ذرة منه جُبلَت بعرق ابنائه الاوفياء. ومهما يكن الامر فإن طلاب الجامعات رغم ما يصلون إليه من نضج بحكم طبيعة مرحلتهم العمرية وتجاربهم الحياتية إلا أنهم يقفون موقفا سلبيا من هذه المشاجرات والتي تعتبر مظهرا غير حضاريا لا يليق بطلبة الجامعة ويسيء إليهم والى سمعة الجامعة ويعتبرونها أعمالا صبيانية تعكس التسرع وعدم تقدير العواقب لقلة الوعي ومحدودية التفكير والتعصب القرابي والعشائري.
ولم يدر بخلد أي شخص أن الذين ينتهكون قدسية هذا الحرم من ساحات وقاعات وأورقة الجامعة ومدرجاتها هم الذين يفترض فيهم الانعتاق من كل الأمراض التي تفتك بالمجتمع من حولهم من جهل وحقد وعصبية جاهلية. ويبقى الإنسان العاقل في حيرة من أمرة عندما يري طلابا في كامل وعيهم بالأعتداء على مرافق جامعتهم وتهشيم زجاجها ومعينات الدراسة بمختلف تصنيفاتها ظنا منهم أن هذا يشفي غليلهم وكأنهم انتصروا في معركة ما دروا أن الرابح فيها هو الخاسر الاكبر والمتضرر الاول وإنه في هذه الحالة أيضاً يصعب الفصل بين الطلاب ووطنهم حيث إن الخسارة في نهاية الامر تعود عليهم وعلي أهليهم .. وهل الوطن في مجمله إلا أنا وأنت..
وبالرجوع الى احدى الدراسات التي تناولت مشكلة انتشار ظاهرة العنف الطلابي في الجامعات الأردنية والآثار السلبية الناتجة له سواء على الطالب الجامعي أو الجامعات فنجد ان موضوع العنف في الجامعات الأردنية يلقى اهتماما كبيرا من شرائح المجتمع المختلفة على خلفية المشاجرات التي تحصل في الجامعات الأردنية من فترة لأخرى. ولكن لو عدنا بالزمن إلى الوراء قليلاً فإننا سنلحظُ غيابَ العقل الواعي الذي يستطيعُ أن يذهب بظاهرة العنف الجامعي في غياهب النسيان، فكلّ ما جرى من مشاجراتٍ في ساحات الجامعات الأردنيّة لم يجد أسلوباً لردعه سوى العنف، سواءً من الأمن الجامعي أم من قوّات الدرك التي تستعينُ بها جامعاتنا لفضّ النزاع بالسرعة القصوى، ومن المعروف أنّ العنف لا يولّدُ إلا عنفاً؛ فهذه المشاجراتُ التي كانت تُفضُّ بالقوّة وإحداثِ إصاباتٍ في بعض الأحيان كانت تدخلُ في قيلولةٍ لتعودَ بعد فترةٍ من الزمن أقوى وأكثر عدداً وعدّةً من سابقاتها.
وانطلاقاً من قولِ رسولنا الكريم: "كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤولٌ عن رعيّته"، فقد جسّدت أدارة الجامعة الهاشمية خيرَ راعٍ لطلبتها؛ حيث استطاعَت بحسن إدارتهاِ الواعية أن تخرُجَ على المألوف في فضّ لمشاجرةٍ طلّابيَّةٍ الأسبوع الماضي.
فلم يَرُق لأدارة الهاشمية النّظر إلى المشاجرةِ من نوافذ المكاتب تاركة زمام الأمورِ لقوات الأمن كما فعلَ كثيرون، ولكنَّها نزلَت إلى صلب المشاجرة واستطاعَت بحكمتها المشهودة وإدارتها الواعية والحوار البنَّاء أنْ يستوعبَوا الموقفَ ويعيدواَ الأمورَ إلى نصابها، ولم يكتفِوا بحلّ الخلاف ولكنَّه سعوا جاهدينً، وبكلّ ما أوتيَ به من حكمةٍ أنْ يجدَوا حلّاً جذريّا لمثل هذه المشاجرات، لتبقى الجامعة هى موضع للتعليم وكسب الأخلاق الحميدة وضرورة نبذ العنف الجامعي بكلّ أشكاله والتأكيد على الالتزام بالمبادئ العربية والإسلامية، التي بُني عليها مجتمعنا الأردني الواحد، والانتماء للوطن والولاء للقيادة الهاشميَّة، وتدعيم الرَّوابط الاجتماعيَّة والإنسانيَّة بين أفراد المجتمع، والالتزامِ بتغليب لُغة الحوار واحترام الرأي والرأي الآخر، واعتماد التفكير الناقد البنَّاء للتعاطي مع قضايانا ووجهات نظرنا، والالتزام بالمحافظة على الممتلكات العامة وحمايتها من كل من تسوّل له نفسه العبث بها، وعدم المساس بها أو النيل من هيبتها، واحترام قيم الوقت واستغلاله داخل الجامعة بما ينفع الطالب، ووأد مظاهر إثارة الفتنة بأشكالها المختلفة والتعصب ومحاربتها، وتدعيم قيم الأخلاق الحسنة والمحافظة على سمعة الجامعة وهيبتها وصونها. إضافة الى عدم تغليب لغة القوة بديلاً عن لغة الحوار بين فئة الطلبة التي يفترض بها أن تكون الفئة الواعية وبناة مستقبل هذا الوطن.
واخيرا لا بد من الأشارة الى أن الجامعة الهاشمية تتسابق على ضرورة الأرتقاء والتميز واحتلال المراكز المتقدمة بين الجامعات العالمية برؤيا وخطى ثابتة مؤمنة بأن التعليم يعد من أبرز مقومات بناء الإنسان والمجتمع، وأكثر أداة لتحقيق التنمية بمفهومها الشامل، لارتباطة الوثيق مع استحقاقات التقدم والرفعة والارتقاء بالتعليم العالي إلى مستويات عالمية ورفع مقدرته التنافسية من حيث الأداء وضمان الجودة والانفتاح على العالم. حيث صُنفت الجامعة الهاشمية ضمن أفضل الجامعات على مستوى الوطن العربي وتقدمت كثيرا على مستوى العالم كما صُنف عدد من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة من ضمن أفضل الباحثين على المستوى العالمي، إضافة إلى حصول عدد منهم وطلبتهم على جوائز بحثية وبراءت اختراع على مختلف المستويات المحلية والإقليمية والدولية مما ساهم بارتقاء الجامعة من حيث نوعية التعليم والبحث العلمي الى مصاف جامعات الدول المتقدمة في خلق بيئة مناسبة للإبداع والتميز. لتبقى ساحات وقاعات وأورقة الجامعة ومدرجاتها محراجا للعلم تسهم في النهضة العلمية والأدبية الأردنية مما يهيئ للطلبة الأردنيين مجالا رحبا ويصبحون قادرين على المنافسة والإنتاجية العالية وأن تسود روح المحبة والتاخي بين جميع طلبتها وتنشئة جيل من الشباب يكون قادرا على تعزيز النهج الديمقراطي متمسك بعقيدتة وبروح المسؤولية، وتخريج قادة يتمتعون بالاعتماد على النفس، ويزودهم بالقدرة على الاتصال، والتعاون، والتخطيط، والتحليل لحل المشاكل المختلفة ليكونوا فرسانا للتغير.
د. أحمد الخصاونة
اذا كان هذا حال من هم من فئة الطلبة التي يفترض بها أن تكون الفئة الواعية وبناة المستقبل والذين يعول عليهم بعدم قبولهم الاساءة للوطن الذي نحب والذي كل ذرة منه جُبلَت بعرق ابنائه الاوفياء. ومهما يكن الامر فإن طلاب الجامعات رغم ما يصلون إليه من نضج بحكم طبيعة مرحلتهم العمرية وتجاربهم الحياتية إلا أنهم يقفون موقفا سلبيا من هذه المشاجرات والتي تعتبر مظهرا غير حضاريا لا يليق بطلبة الجامعة ويسيء إليهم والى سمعة الجامعة ويعتبرونها أعمالا صبيانية تعكس التسرع وعدم تقدير العواقب لقلة الوعي ومحدودية التفكير والتعصب القرابي والعشائري.
ولم يدر بخلد أي شخص أن الذين ينتهكون قدسية هذا الحرم من ساحات وقاعات وأورقة الجامعة ومدرجاتها هم الذين يفترض فيهم الانعتاق من كل الأمراض التي تفتك بالمجتمع من حولهم من جهل وحقد وعصبية جاهلية. ويبقى الإنسان العاقل في حيرة من أمرة عندما يري طلابا في كامل وعيهم بالأعتداء على مرافق جامعتهم وتهشيم زجاجها ومعينات الدراسة بمختلف تصنيفاتها ظنا منهم أن هذا يشفي غليلهم وكأنهم انتصروا في معركة ما دروا أن الرابح فيها هو الخاسر الاكبر والمتضرر الاول وإنه في هذه الحالة أيضاً يصعب الفصل بين الطلاب ووطنهم حيث إن الخسارة في نهاية الامر تعود عليهم وعلي أهليهم .. وهل الوطن في مجمله إلا أنا وأنت..
وبالرجوع الى احدى الدراسات التي تناولت مشكلة انتشار ظاهرة العنف الطلابي في الجامعات الأردنية والآثار السلبية الناتجة له سواء على الطالب الجامعي أو الجامعات فنجد ان موضوع العنف في الجامعات الأردنية يلقى اهتماما كبيرا من شرائح المجتمع المختلفة على خلفية المشاجرات التي تحصل في الجامعات الأردنية من فترة لأخرى. ولكن لو عدنا بالزمن إلى الوراء قليلاً فإننا سنلحظُ غيابَ العقل الواعي الذي يستطيعُ أن يذهب بظاهرة العنف الجامعي في غياهب النسيان، فكلّ ما جرى من مشاجراتٍ في ساحات الجامعات الأردنيّة لم يجد أسلوباً لردعه سوى العنف، سواءً من الأمن الجامعي أم من قوّات الدرك التي تستعينُ بها جامعاتنا لفضّ النزاع بالسرعة القصوى، ومن المعروف أنّ العنف لا يولّدُ إلا عنفاً؛ فهذه المشاجراتُ التي كانت تُفضُّ بالقوّة وإحداثِ إصاباتٍ في بعض الأحيان كانت تدخلُ في قيلولةٍ لتعودَ بعد فترةٍ من الزمن أقوى وأكثر عدداً وعدّةً من سابقاتها.
وانطلاقاً من قولِ رسولنا الكريم: "كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤولٌ عن رعيّته"، فقد جسّدت أدارة الجامعة الهاشمية خيرَ راعٍ لطلبتها؛ حيث استطاعَت بحسن إدارتهاِ الواعية أن تخرُجَ على المألوف في فضّ لمشاجرةٍ طلّابيَّةٍ الأسبوع الماضي.
فلم يَرُق لأدارة الهاشمية النّظر إلى المشاجرةِ من نوافذ المكاتب تاركة زمام الأمورِ لقوات الأمن كما فعلَ كثيرون، ولكنَّها نزلَت إلى صلب المشاجرة واستطاعَت بحكمتها المشهودة وإدارتها الواعية والحوار البنَّاء أنْ يستوعبَوا الموقفَ ويعيدواَ الأمورَ إلى نصابها، ولم يكتفِوا بحلّ الخلاف ولكنَّه سعوا جاهدينً، وبكلّ ما أوتيَ به من حكمةٍ أنْ يجدَوا حلّاً جذريّا لمثل هذه المشاجرات، لتبقى الجامعة هى موضع للتعليم وكسب الأخلاق الحميدة وضرورة نبذ العنف الجامعي بكلّ أشكاله والتأكيد على الالتزام بالمبادئ العربية والإسلامية، التي بُني عليها مجتمعنا الأردني الواحد، والانتماء للوطن والولاء للقيادة الهاشميَّة، وتدعيم الرَّوابط الاجتماعيَّة والإنسانيَّة بين أفراد المجتمع، والالتزامِ بتغليب لُغة الحوار واحترام الرأي والرأي الآخر، واعتماد التفكير الناقد البنَّاء للتعاطي مع قضايانا ووجهات نظرنا، والالتزام بالمحافظة على الممتلكات العامة وحمايتها من كل من تسوّل له نفسه العبث بها، وعدم المساس بها أو النيل من هيبتها، واحترام قيم الوقت واستغلاله داخل الجامعة بما ينفع الطالب، ووأد مظاهر إثارة الفتنة بأشكالها المختلفة والتعصب ومحاربتها، وتدعيم قيم الأخلاق الحسنة والمحافظة على سمعة الجامعة وهيبتها وصونها. إضافة الى عدم تغليب لغة القوة بديلاً عن لغة الحوار بين فئة الطلبة التي يفترض بها أن تكون الفئة الواعية وبناة مستقبل هذا الوطن.
واخيرا لا بد من الأشارة الى أن الجامعة الهاشمية تتسابق على ضرورة الأرتقاء والتميز واحتلال المراكز المتقدمة بين الجامعات العالمية برؤيا وخطى ثابتة مؤمنة بأن التعليم يعد من أبرز مقومات بناء الإنسان والمجتمع، وأكثر أداة لتحقيق التنمية بمفهومها الشامل، لارتباطة الوثيق مع استحقاقات التقدم والرفعة والارتقاء بالتعليم العالي إلى مستويات عالمية ورفع مقدرته التنافسية من حيث الأداء وضمان الجودة والانفتاح على العالم. حيث صُنفت الجامعة الهاشمية ضمن أفضل الجامعات على مستوى الوطن العربي وتقدمت كثيرا على مستوى العالم كما صُنف عدد من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة من ضمن أفضل الباحثين على المستوى العالمي، إضافة إلى حصول عدد منهم وطلبتهم على جوائز بحثية وبراءت اختراع على مختلف المستويات المحلية والإقليمية والدولية مما ساهم بارتقاء الجامعة من حيث نوعية التعليم والبحث العلمي الى مصاف جامعات الدول المتقدمة في خلق بيئة مناسبة للإبداع والتميز. لتبقى ساحات وقاعات وأورقة الجامعة ومدرجاتها محراجا للعلم تسهم في النهضة العلمية والأدبية الأردنية مما يهيئ للطلبة الأردنيين مجالا رحبا ويصبحون قادرين على المنافسة والإنتاجية العالية وأن تسود روح المحبة والتاخي بين جميع طلبتها وتنشئة جيل من الشباب يكون قادرا على تعزيز النهج الديمقراطي متمسك بعقيدتة وبروح المسؤولية، وتخريج قادة يتمتعون بالاعتماد على النفس، ويزودهم بالقدرة على الاتصال، والتعاون، والتخطيط، والتحليل لحل المشاكل المختلفة ليكونوا فرسانا للتغير.
د. أحمد الخصاونة