التعددية والإنتخابات وحقوق الانسان أساس لمعايير الديمقراطية ووفقا لذلك تم إعتماد هذه المبادئ الديمقراطية في القانون الأساسي الفلسطيني الصادر بعد توقيع إتفاق المرحلة الإنتقالية " اوسلو " والذي يعد بمثابة الدستور المؤقت للدولة الفلسطينية المستقلة بعد تحريرها من نير الكيان الإستعماري الإسرائيلي .
العلاقة بين السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية :
أنشئت السلطة الوطنية الفلسطينية بقرار صادر عن المجلس المركزي الفلسطيني لإدارة شؤون الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة فبالتالي ليس لها دور سياسي مستقل عن منظمة التحرير الفلسطينية كما لا تتمتع بصفة تمثيل الشعب الفلسطيني كونها تنتخب فقط من مواطني الأرض المحتلة تلك الصفة المناطة حصرا بمنظمة التحرير الفلسطينية المعترف بها دوليا كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وما أدل على ذلك من منح العضوية التلقائية في المجلس الوطني الفلسطيني لأعضاء المجلس التشريعي المنتخب من الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة في رسالة سياسية ووطنية بالتاكيد على حصر صفة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها في جميع أماكن تواجده بمنظم التحرير الفلسطينية .
مكانة السلطة الوطنية في النظام السياسي الفلسطيني :
إذن يخطئ من يعتبر بإمكانية ان يتعامل مع السلطة الوطنية الفلسطينية بمؤسساتها بإعتبارها النظام السياسي الفلسطيني بمعزل عن منظمة التحرير الفلسطينية و أطرها ومؤسساتها طالما ان الشعب الفلسطيني يرزخ تحت نير قوات إستعمار عنصري همجي محروما من حقه الاساس بان ينعم بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وفقا للقرارات الدولية ذات الصلة وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 تنفيذا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 أي بعد تنفيذ الحل العادل للقضية الفلسطينية .
بالتالي من يهدف من دول أو منظمات إقليمية أو دولية إلى التساوق مع مخططات المستعمر الإسرائيلي لتقويض شرعية ووحدانية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية بهدف الإلتفاف على اهداف المشروع النضالي الوطني الفلسطيني الذي تقوده حركة فتح العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية ومحاولة فرض قيادة بديلة تقبل بالتنازل عن الحقوق الوطنية الفلسطينية التي أقرها المجلس الوطني الفلسطيني بدوراته سيكون مآلها الفشل الذريع .
الإنتخابات في الدولة الفلسطينية تحت الإحتلال :
لذا يمكن لنا أن نفهم مغزى إجراء إنتخابات رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية والمجلس التشريعي في ظل إستمرار الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي إنما ياتي للتعبير عن :
- حق الشعب الفلسطيني بسيادته على كامل أرض دولته الفلسطينية المنشودة بعد دحر الإحتلال الإسرائيلي الإستعماري .
- رسالة إلى الشعب الفلسطيني وإلى المجتمع الدولي أن الديمقراطية بمبادئها ومعاييرها خيار ونهج إستراتيجي لنظام الحكم في الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس .
- أن الدولة الفلسطينية المستقلة ستكون طرف أساس في النظام الديمقراطي العالمي القائم على المواطنة والتعددية والمشاركة وإحترام حقوق الإنسان .
عقبات أمام ترسيخ الديمقراطية الفلسطينية :
بالرغم من الإيمان العميق لدى الشعب الفلسطيني وقيادته ببناء نظام ديمقراطي إلا أن مسيرة البناء الديمقراطي إعتراها ولم يزل يعتريها سلسلة من العقبات والعوائق منها :
أولا : العائق الأهم ليس أمام ترسيخ الديمقراطية فحسب بل امام إحداث تنمية مستدامة تنعكس على مستوى حياة الإنسان يتمثل في إستدامة الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي وتنصل سلطاته من تنفيذ إلتزاماتها المنصوص عليها في القرارات الدولية وفي إتفاق أوسلو الذي حدد خمس سنوات كحد أقصى لإنهاء إحتلاله للأراضي الفلسطينية المحتلة إثر عدوان حزيران عام 1967 .
ثانيا : تقاعس المجتمع الدولي بدوله النافذة عن الإضطلاع بواجباته لفرض تنفيذ القرارات الدولية بانهاء وتصفية الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية المعترف بها دوليا وفق القرارات رقم 181 و 67 /19 /2012 .
ثالثا : إستمرار نتائج الحسم العسكري الذي قامت به حركة حماس 2007 وما أسفر عن إنقسام جغرافي وسياسي بين الضفة الفلسطينية وقطاع غزة خلافا لمبادئ وأسس الديمقراطية .
رابعا : حرمان الشعب الفلسطيني بالقدس من ممارسة حقه الأساس بالمشاركة في العملية الإنتخابية في محاولة من سلطات الإحتلال الإسرائيلي بفرض سيادتها بحكم الأمر الواقع " وتنفيذا لصفقة القرن التآمرية" على القدس عاصمة الدولة الفلسطينية .
تأجيل الإنتخابات التشريعية مسؤولية من ؟ :
منذ إعلان قرار رئيس دولة فلسطين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية تأجيل الإنتخابات بسبب رفض القيادة الفلسطينية الموافقة على التعامل مع أمر واقع فرضته موازين القوى الإرهابية الإسرائيلية مدعومة من ترامب وإدارته باعتبار القدس شرقيها وغربيها عاصمة للكيان الإستعماري الإسرائيلي وبإخراجها من طاولة إعتبارها أرض محتلة يفهم منه التنازل ولو تلميحا أو إستنتاجا عن أن القدس كانت وستبقى قلب فلسطين وعاصمة الدولة الفلسطينية ترجمة للحقيقة التاريخية وللقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة ذلك القرار الوطني ادى الى تداعيات وردة افعال داخليا وخارجيا إنصب جلها بتحميل مسؤولية التأجيل على رئيس دولة فلسطين واركان قيادته بإعتباره إنتكاسة وردة عن المسيرة الديمقراطية متجاهلين تحميل المسؤولية الكبرى والاساس لسلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعمارية التي تمعن بإجراءات تهويد القدس والمقدسات ومصادرة الأراضي كما تمعن في رفض إحترام أحكام القانون الدولي والقانون الإنساني دون خوف من المساءلة الذي يمثل رفض تمكين الشعب الفلسطيني في القدس من المشاركة في العملية الإنتخابية كامر وحق سيادي في وطنه أحد أوجه هذا التعنت والعنجهية الإستعمارية الإسرائيلية العنصرية .
العمل لضمان إجراء الإنتخابات :
يقع على المجتمع الدولي عامة والدول دائمة العضوية بمجلس الأمن خاصة مسؤولية الإضطلاع بواجباتها لفرض إحترام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئها وأهدافها بترسيخ الأمن والسلم الدوليين وبتصفية الإستعمار بأشكاله وبضمان أن تشكل الإنتخابات التشريعية مرحلة من مراحل ممارسة حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني .
كما تقع مسؤوليته أيضا في رفع الصوت والسوط في وجه القيادات الإستعمارية الإسرائيلية لرفضها تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة ولإلزامها بضمان وتمكين الشعب الفلسطيني بان تجري الإنتخابات في كافة مناطق واراض الدولة الفلسطينية المحتلة وقلبها القدس .
كما تقع مسؤوليتها بالكف أيضا عن تحميل المسؤولية للطرف الأضعف أي للقيادة الفلسطينية .
أما المسؤولية الوطنية تقع أيضا على القوى الفلسطينية التي شاركت بعضها بعلم للضغط على القيادة الفلسطينية للقبول بإجراء الإنتخابات دون القدس والتي تعني التنازل عن حقنا في القدس عاصمة الدولة الفلسطينية بل وأيضا عن مكانتها التاريخية والدينية للمسلمين والمسيحيين والبعض الآخر بدون علم وذلك عبر تحميل مسؤولية التأجيل على القيادة الفلسطينية كل ذلك يؤدي الى منح صك البراءة للمستعمر الإسرائيلي .
القوى الفلسطينية بكافة مكوناتها مطالبة بتوحيد مواقفها تنفيذا لقرارات إجتماع الأمناء العامين الذي انعقد في بيروت بايلول الماضي للتصدي للمخطط الصهيوني العنصري وذلك عبر :
أولا : إعادة بوصلة الصراع مع الاستعمار الإسرائيلى إلى القدس عبر تكثيف كافة الفعاليات بالقدس وفي جميع ارجاء الوطن المحتل تحت عنوان القدس إضافة الى مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على سلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعمارية بإزالة كافة العوائق والعقبات أمام العملية الإنتخابية من ألفها إلى يائها .
ثانيا : تعرية وتسليط الضوء على الإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان وعلى الجرائم التي ترتكبها سلطات الإحتلال الإسرائيلي بحق فلسطين أرضا وشعبا خلافا للعهود والاتفاقيات والمواثيق الدولية .
ثالثا : تجميد أي شكل من أشكال الخلافات البينية وتغليب القواسم المشتركة بمواجهة الإحتلال الإسرائيلي وميليشياته الإستيطانية الإجرامية والتصدي لإعتداءاته على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم.
إذن تقع مسؤولية النضال الوطني الفلسطيني على كاهل م ت ف التي تحتل السلطة الوطنية الفلسطينية موقع الجزء من الكل للنظام السياسي الفلسطيني. .. أما تجديد شرعية القيادة الفلسطينية فهذه من صلاحيات المجلس الوطني الفلسطيني أعلى سلطة تشريعية في منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والذي يمثل المجلس التشريعي المنتخب مكونا أساسيا من الكل الذي يضطلع بمسؤولية إنتخاب رئيس دولة فلسطين واعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والذي تمت تجديد شرعيتها في إجتماع المجلس الوطني الفلسطيني بدورته الثالثة والعشرين في ايار 2018 ... الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها يرفض أي سلوك أو سياسة تمس بشرعية تمثيل الشعب الفلسطيني الحصرية بمنظمة التحرير الفلسطينية حتى إنجاز أهدافه بالتحرير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948. ..؟!