تبرز أهم الدلالات والمعاني التي تنطوي عليها الزيارة التي يقوم بها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الآونة، باعتبارها أول زيارة لزعيم عربي سيلتقي الرئيس جون بايدن بما يؤكد حجم التقدير العالمي الذي يحظى به الملك لدى الإدارة الأمريكية والدور الاستراتيجي للأردن ودوره المحوري الفاعل في المنطقة والتأثير في قضاياها المركزية التي تتصدرها القضية الفلسطينية بلا منازع، والتأكيد باتجاه التمسك بحل الدولتين باعتباره النافذة والحل الوحيد لوضع حد للصراع القائم منذ عقود والاستعاضة عنه بسلام ?امل وعادل يرتضيه الفلسطينيون وشعوب المنطقة وتقام على أساسه الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني.
وثاني الرسائل التي تحملها الزيارة الملكية لواشنطن نراها تكتسب أهمية مضاعفة من زاوية نقل وجهة النظر الأردنية إزاء ملفات أخرى ينبغي التعامل معها بمنتهى الجدية ولعلها شكلت جوهر خطابات جلالة الملك لا سيما عقب انتشار فيروس كورونا حين راح جلالته يناشد العالم بضرورة طي الخلافات جانبًا خاصة في شقها السياسي والالتفات إلى ملف الأمن الغذائي باعتباره معضلة أفرزتها تبعات الفيروس مما يستوجب توجيه الانفاق نحو تأمين غذاء شعوب العالم وتقديمها كأولوية على ما سواها.
وأما الشأن الاقتصادي فذلك أحد أهم ثوابت لقاءات جلالته الملك مع الإدارة الأمريكية ورجال الأعمال، إذ يدرك جلالته الضغوطات والآثار التي واجهتها اقتصاديات العالم ومن بينها الأردن خاصة في العامين الأخيرين، مما يحتم أهمية تقديم الدعم للأردن للمضي في برامجه الاصلاحية كي يفي بالتزاماته الكبيرة ويتخطى الضغط الجاثم على ميزانيته إن كان بسبب كورونا أو بالنظر للأعباء الثقيلة التي ترتبت عليه لقاء واجبه القومي العروبي باستضافته للملايين من الأخوة العرب واللاجئين السوريين بعد عام الفين وثلاثة عشر.
وغني عن القول إن للزيارة بُعدًا مهمًا يتمثل في تعزيز منظومة العلاقات التاريخية بين الأردن والولايات المتحدة، وهي علاقات راسخة يلحظ المتتبع لها في عهد جلالة الملك عبدالله أنها آخذة في النمو والتطور على كافة الصعد والمجالات، وفي جميع الزيارات التي قام بها الملك إلى واشنطن كان حريصًا على أن تكون زيارات نوعية لها نتائجها وآثارها المفيدة للمنطقة وشعوبها، وحرب القول إن خطابات جلالته في أمريكا في الكونجرس والمنتديات والجامعات والمعاهد قد زادت على خمسين خطابًا ومقالة تمحورت في مضامينها حول موضوعات بالغة الأهمية ?افع فيها الملك عن الدين الإسلامي ووسطيته وقيمة السمحة وقام بتوضيح معالم صورته الحقيقية وأزال ما علق عليها من غبار في أذهان الغرب وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، بالإضافة الى تصديه لكل محاولات تغيير الوضع القائم في القدس وفلسطين، فجلالته يطالب ويؤكد على أهمية دور الولايات في احلال السلام حيث يقول في خطابه في معهد بيكر في جامعة رايسفي في أيار من العام2002: في الشرق الأوسط لا يمكن الاستغناء عن دور أمريكي نشط ليس لإرشاد الفلسطينيين والإسرائيليين لكيفية الخروج من الصراع فحسب و?كن لحماية مصالحكم الوطنية الحيوية ومصالح حلفائكم من المعتدلين حلفاء كالمتراس في وجه الإرهاب في منطقتنا وحول العالم.