كلما حاول الانسان الابتعاد عن الخوض في اسباب المسيرات والاعتصامات في الاردن بالذات يعود ليقول وبكل مالديه من قوه ( لماذا الاعتصامات والمسيرات في الاردن ؟؟؟؟) وماسببها ؟ولماذا تكرر العبارات المرفوعة فيها اسبوعيا؟؟ تلك المسيرات والاعتصامات التي تعدت الاربعة الاف مسيرة واعتصام وترددت خلالها نفس الكلمات والهتافات بعد تكبيرات الاخوان المسلمين وشعاراتهم المختلفة التي مللناها ولم نعد نطيق سماعها وبعد تطاول الاقزام وهتافاتهم المقززة والتي انكرها من قاد المسيرات ونظمها لتبرءة انفسهم رغم موافقتهم على كل مايقال خلالها .
تعد المظاهرات اساسا أحد أشكال التعبير الجماعي عن الرأي العام للأمة في قضيةٍ من قضاياها ومعناها يظهر في اسمها فهي مظاهرة أي مفاعلة لإظهار الرأي العام للأمة وإيصاله إلى ولي الأمر ليقوم بتنفيذه والاستجابة له... وقد اتخذ العالم المعاصر المظاهرات لهذا الهدف... ولحمل أولي الأمر على تلبية رغباتهم والاستجابة لما يريدون.
ولكن ديننا الحنيف الذي نظم حياتنا ليس دين فوضى و ديننا دين انضباط ودين نظام وهدوء وسكينة والمظاهرات ليست من أعمال المسلمين وما كان المسلمون يعرفونها... ودين الإسلام دين هدوء ودين رحمة ودين انضباط، لا فوضى ولا تشويش ولا إثارة فتن؛ هذا هو دين الإسلام والحقوق يتوصل إليها بالمطالبة الشرعية والطرق الشرعية لا بالفوضى وتكرار الاعمال التي تهدف الى خلق اجواء مربكة وغير مستقرة.
وهناك من يرى المظاهرات والاعتصامات واجب وطني وديني ويعتبرها البعض ضرورة لبيان الرأي العام للأمة في قضيةٍ من قضاياها، وخاصةً إذا تعلَّق الأمر بالقضايا المصيرية مثل: قضية فلسطين، وقضية غزة و العراق، وغيرها، وهنا يجب على الأمة المسلمة أن تنتفض وتتظاهر وتفعل شتَّى الوسائل بما يبيِّن رأيها ويحمل أولياء الأمر على تنفيذ رغبتها، ويبعث الرعب في نفوس المعتدين، فيكفوا عن الاعتداء على ابناء الشعوب الكادحة والمظلومة والمغتصبة اراضيها .
إذن ماذكر من أن الغاية تبرر الوسيلة حسب مايردد بعض زعماء المظاهرات والمسيرات ممن لم يضبطوا بيوتهم بشكل اولي ولم يستطيعوا ان يتحكموا في حياتهم الخاصة يعتبر باطل وليس في الشرع ، وإنما في الشرع أن الوسائل لها أحكام المقاصد بشرط كون الوسيلة مباحة أما إذا كانت الوسيلة محرمة كمن يشرب الخمر للتداوي فإنه ولوكان فيه الشفاء ، فإنه يحرم فليس كل وسيلة توصل إلى المقصود لها حكم المقصود بل بشرط أن تكون الوسيلة مباحة وليست كل وسيلة يظنها العبد ناجحة بالفعل يجوز فعلها مثال ذلك المظاهرات إذا أتى جهة او عشيرة كبيرة وقالوا إذا نظمنا مظاهرة فإن هذا يسبب الضغط على الوالي وبالتالي يصلح وإصلاحه مطلوب.
والوسيلة تبرر الغاية نقول هذا باطل ايضا ، لأن الوسيلة في أصلها محرمة فهذه الوسيلة وإن صلحت وإصلاحها مطلوب لكنها في أصلها محرمة كالتداوي بالمحرم ليوصل إلى الشفاء فثم وسائل كثيرة يمكن أن تخترعها العقول لاحصر لها مبررة للغايات وهذا ليس بجيد ، بل هذا باطل بل يشترط أن تكون الوسيلة مأذوناً بها أصلاً ثم يحكم عليها بالحكم على الغاية إن كانت الغاية مستحبة صارت الوسيلة مستحبة وإن كانت الغاية واجبة صارت الوسيلة واجبة .
و الاكثرية ترى أنَّ المظاهرات من أسباب الفِتن، ومِن أسباب الشَّرِّ، ومِن أسباب ظلم بعضِ النَّاس، والتعدِّي على بعض النَّاس بغير حقٍّ وهذا ماحدث في بلدنا حيث كثرت الاعتداءات على رجال الامن والدرك وكما قيل (استوطوا حيطهم ) واصبح قذف الشرطي بماء النار او المولوتوف المخترع جديدا سهلا واصبحت زيارة زعماء المظاهرات وغيرهم لمراكز الامن لتكفيل المجرمين سهلة وكأن رجال الامن ليسوا من ابناء الوطن بل مستوردين من الخارج .
ولكن الأسباب الشَّرعيَّة البديلة للمظاهرات والمسيرات والاعتصامات التي تعطل الاعمال وتنفر الناس من بعضهم البعض وتلحق بالبلد الخسائر تتمثل في المكاتبة، والنَّصيحة، والدَّعوة إلى الخيرِ بالطُّرق السليمة، الطُّرق التي سلكها أهلُ العلم، وسلكها أصحابُ النَّبي -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- وأتباعُهم بإحسان؛ بالمُكاتبة والمشافهة مع الملك والرئيس والامير والاتِّصال بهم، ومُناصحتهم، والمكاتبة لهم، دون التَّشهير في المنابِر وغيرها بأنَّ فلان فعل كذا وصدر عنهو منه كذا.
والأسلوب السيئ العنيف الذي تتضمنه بعض المظاهرات مِن أخطر الوسائل في ردِّ الحقِّ، وعدم قبوله، أو إثارة القلاقل، والظُّلم، والعدوان، والمضارَبات,ويلحق بهذا الباب ما يفعلُه بعضُ النَّاس من المظاهَرات التي تُسبِّب شرًّا عظيمًا على الدُّعاة ,فالمسيرات في الشَّوارع، والهتافات ليست هي الطَّريق الصَّحيح للإصلاح والدَّعوة
فالطَّريق الصَّحيح كما سبق وقلت بالزِّيارات والمُكاتَبات واللقاءات المنفتحة والتحدث بالتي هي أحسن وهذا دليل على ان ديننا ليس دين فوضى كما يفعل من يعتبرون المسيرات والمظاهرات قانونية وشرعية وديننا دين انضباط وهدؤ وسكينة والمُظاهَرات ليست من أعمال المسلمين، وما كان المسلمون يَعرِفونها ,والحقوق يُتوصَّل إليها المسلم وغير المسلم بالمُطالَبة الشَّرعيَّة، والطُّرق الشَّرعيَّة؛ والمظاهَرات تُحدِث سفك دماء، وتُحدِث تخريبَ وخسائر أموال وفتن بين ابناء البلد الواحد فلا تجوزُ هذه الأموروالمظاهرات كونها من البدع، فلو كان ذلك خيراً لسبقنا إليه الصّحابة رضي الله عنهم بل هذه المظاهرات إنما هي من أعمالُ جاهليةٍ وما أنزل الله بها من سلطان.
إن المظاهرات لا عَقلَ لها، يَحصُلُ بها تدميرٌ وإفساد، وجر الناس الى الفتنه التي لعن الله من يوقظها و رُبما جَرّت إلى القمعَ مِن الجهاتِ الأخرى وإذلال ، وَرُبّما إلى سفكِ دماءٍ وإنتهاكِ حُرُمات وهكذا كل طريقةٍ تُسلك لم تكن مِمّا سَنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاءُ الراشدون، وخير الهدي ما سرت عليه الامة، ولن يصلح آخر الأمة إلى ما أصلح أولها.
اذن على زعماء المظاهرات والمسيرات وقفها لاننا لسنا بحاجة لها فقد مللناها كونها حققت في بداياتها الكثيرولمسناه ومع ذلك فالطريق الصحيح للمطالبة باي امر كان هو اللقاءات والمباحثات والمكاتبات وليس الشارع الذي اصبح كل يوم جمعة عادة وتقليد حتى اصبحنا نسمع اسماء لكل يوم جمعه تقليدا للاخرين الذين تسفك دمائهم وتبتلى بلادهم بانظمة قمعية تقوم على القتل وسفك الدماء دون رحمة .
نعم ان بلدنا بالف خير وبلدنا لم تسفك فيه الدماء وان نزفت الدماء فهي دماء من يحموننا ودماء من يسهرون على راحتنا ولكن صبرهم وجلدهم جعلهم يتحملون وسيتحملون الكثير من اتهامات كاذبة وعنفوان ضدهم .
نعم على المظاهرات والمسيرات ان تتوقف وان ننظر حولنا ومايجري من قتل وتدمير ونهب وسرقات وهتك للاعراض تلك الامور التي يجمع ابناء الشعب الاردني على محاربتها وعدم الوقوع فيها .. فهل من اذان صاغية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟