اخبار البلد - یسعدنا، ولا یفاجئنا، اھتمام إدارة بایدن بالأزمة الیمنیة، ووضعھا في صدارة اھتماماتھا، وتعیین موفد خاص، لتولي مھمة البحث عن حل لھذه الأزمة...لكن
.یؤسفنا، ولا یفاجئنا كذلك، أن المسألة الفلسطینیة لم تحظ باھتمام مماثل، ولم تُدرجھا الإدارة الجدیدة في مقدمة سلم اھتماماتھا
الیمن، كارثة، أحلت بشعبھ والأمة برمتھا، عمرھا ست سنوات، إن أردنا التأریخ لھا منذ إعلان التحالف العربي «عاصفة الحزم»...فلسطین نكبة قدیمة، مستمرة،
عمرھا 73 عاماً إن أردنا التأریخ لھا منذ الحرب العربیة الإسرائیلیة الأولى، وأزید من مئة عام، إن عدنا بالتاریخ إلى الوراء، إلى الزمن الذي أصبحت فلسطین
.فیھ ھدفاً للھجرات والاستیطان، ووطناً قومیاً لمن لا یستحق، منحھ لھم، من لا یملك
الكارثة الیمنیة في بعدھا الإنساني، أشد ھولاً مما یعانیھ الفلسطینیون من مصاعب وتحدیات ناجمة عن الاحتلال والاستیطان والحصار والتمییز العنصري، فمرور
أزید من سبعة عقود على النكبة، جعل الفلسطینیین یجتازون كثیراً من متاعبھا الإنسانیة، لتبقى أبعادھا الوطنیة عمیقة راسخة في ضمائرھم وعقولھم...صحیح أن
«الكارثة» تطارد التجمعات الفلسطینیة على نحو متعاقب، فیعیش فلسطینیو العراق بعض فصولھا المرة، قتلاً وتشریداً إلى أقاصي الأرض، وسبقھم إلى ھذا
.المصیر فلسطینیو لبنان (نكبتھم ما زالت مستمر)، قبل أن یلتحق بھم فلسطینیو سوریا، الذین لا نعرف أین انتھوا وما ھي مصائر غالبیتھم
في الیمن، بید واشنطن أن توقف الحرب، وأن تشرع في وقف إطلاق النار وتسلیك الممرات الإنسانیة، وربما في جمع الأطراف حول مائدة تفاوض، والوصول
إلى حل سیاسي متوازن...ومن أجل تحقیق ھذه الأھداف، سیكون بمقدورھا ممارسة ضغط على الأطراف وداعمیھم الإقلیمیین، وھي بدأت ھذا المسار مبكراً على
.أیة حال، إن من خلال وقف دعمھا لحرب التحالف في الیمن، أو تجمید صفقات سلاح
واشنطن لا تمتلك ھذا «الترف» في فلسطین، فھي لا ترغب في ممارسة ضغط على إسرائیل، وربما لا تمتلك خیار استخدام مثل ھذه الأدوات، فلدیھا من جھة،
في الیمن، نجح الحوثي في أن یجعل من نفسھ لاعباً أساسیاً، مناطق سیطرتھ یقیم علیھا أكثر من 80 بالمئة من الشعب الیمني، وھو على ما یبدو مستعد لخوض .جماعات ضغط یھودیة - صھیونیة تترصدھا في الداخل، ولدیھا من جھة ثانیة، شبكة مصالح في إسرائیل، تجعلھا لا ترى إلا بعیون قادتھا
القتال لسنوات عدیدة قادمة، ومرور الزمن، یزیده خبرة وجرأة في میادین القتال...في فلسطین، لیس لدى الشعب الفلسطیني سوى سلطة شائخة، تآكلت شرعیتھا
منذ زمن، وانقسام مقیم بین حركة وطنیة في الھزیع الأخیر من عمرھا، و»مقاومة إسلامیة»، تظھر نھماً للسلطة والبقاء على عرشھا إلى ما شاء الله...لست أزكي
الحوثي، لا على السلطة ولا على حماس، ولست من المعجبین بمرجعیاتھم وأدائھم وسلوكھم فیما یتعلق بالداخل، ولكن القوة والتماسك والثبات، تصنع «فرقاً»، بل
وتملي على ألد الأعداء وأقواھم، الجنوح لخیار التفاوض...قبل الحوثیین، كانت طالبان على سوءاتھا، تنجح في إرغام زلماي خلیل زادة، على الجلوس لأیام
.وأشھر، بانتظار استكمال اتفاقھا مع واشنطن، حرفاً بحرف وكلمة كلمة
لم نكن نعني شیئاً آخر، ونحن نقول بوجوب رفع كلفة الاحتلال كشرط لأي تفاوض أو خیار...ولم نكن «نھذي» ونحن نستحث الحركتین الوطنیة والإسلامیة في
فلسطین، على إسالة المزید من «الأدرینالین» في عروق الاحتلال وشرایینھ، فالعالم لا یصغي إلا للأقویاء، والقوة لھا مفھوم أوسع من مجرد صاروخ أو طائرة
.مسیّرة، وعلینا أن نعترف، بأننا بدننا الكثیر من أوراق قوتنا على مذبح الانتظار ومطاردة خیوط الدخان