اخبار البلد تعيد نشرمقال للزميل علي السنيد منشور في 18/1/2008 في موقع يافا نيوز يتنبأ بالربيع العربي وهو يحمل عنوان " سيناريو الشعوب ، والوجع الفلسطيني" والمقال يبدأ بالقول:
"قلاقل، واضطرابات، وخروج على النظام العام، واحراق مؤسسات، ومواجهات في الشوارع، مدن تنتفض، وقوات أمن تحاصرها، واعلان احكام طوارئ، ووزراء داخلية يهددون بالقضاء على التمرد، وحالة أمنية ستشعر الشعوب انها محتلة، محاكم أمن دولة تواصل الليل بالنهار للتعامل مع القضايا بالعشرات، وأجهزة امنية لا تنفك تقوم بمداهماتها ليلاً وفجراً وعندها تعليمات بالقتل والآف المعتقلين والمطاردين، ومنظمات حقوق انسان دولية تدين ما يحدث، وجهات دولية تفرض على الأمم المتحدة ضرورة اصدار قرارات ، ولجان تقصي حقائق تستخدم لتحقيق اغراض سياسية.
حالة عصيان مدني، وتأزم غير قابل للحل، ومشاهدات لممارسات امنية تذكر بالاحتلال الصهيوني تنقلها الفضائيات، وجنازات شعبية تطوف المدن بالضحايا، واشتعال المواجهات سيد الموقف، ومنشورات تملاْ الشوارع، وملصقات تهدد بالاغتيال.
شعب نزل الى الشوارع وقرر ان يأخذ حقه بيده بعد أن لم يعد يثق بالمسيرات والمظاهرات السلمية، وانظمة حكم غير قابلة للتنازل وتوصل المواجهة الى طريق مسدود، فيتقوض السلم الاجتماعي ، وينهار الاقتصاد، وتسود احوال المواجهات، وتوظف اجيال جديدة في الصراع، حتى يحدث الحل ، فتسقط الكراسي وتنهار الالقاب، والمؤسسات، وينبثق من خضم الصراع واقع جديد، ينشد انساناً آخراً خرج من رحم الشقاء، ومستقبلاً يشرق من بين اكوام الضحايا والدماء.
ذلك ليس تشاؤماً، ولكن يبدو ان هذا ما سيكون عليه الحال في قادم الأيام في المنطقة العربية، حيث تجمدت العملية السياسية، وتكلست الأنظمة التي لا تريد ان تصل الى حل وسط بين متطلبات بقاء النظم، ومطالب شعوب جردت من كل شيء فوق اوطانها، فلا امل بانتهاء الصراع، وتنقية الأجواء، وايقاف حالة التأزم ما دامت السلطة العربية لا تريد أن تنضج، و تتنكر لحقوق الشعوب، وما تزال تفضل التعامل مع الأزمات الناتجة عن الضغوط بالحلول الأمنية، التي هي اسرع اسباب هيجان الناس.
فالحالة العربية تجمدت ولم يبق سوى ان تفرض الشعوب الحل، لوضع حد للفساد السياسي الذي دمر الطبقات، وحول الانسان العربي الى الشقاء، لإرضاء حالات فردية.
الانسان العربي فقد حرياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية وصار غريباً على ترابه الوطني، ووضعه السياسيون على قائمة اكثر ابناء ادم معاناة وضيقاً وشدة عيش بلا ذنب اقترفه سوى كونه مسالما، ويعيش بمطالب بسيطة لا تتناقض مع فسق الحكام وبذخهم، وقد ورثت الانظمة الارض العربية والانسان فوقها لتمعن فيه استغلالاً وتعذيباً وصار مقموعاً مجوعاً مضيقاً عليه محروماً من حرية التعبير والتفكير، وتتوزع حقوق الملايين على نخبة ضيقة تجمعت بأيديها السلطات المغتصبة ، ثم اوجدوا مؤسسات صورية ليبقى الحال على حاله، مما اوقف العملية السياسية على سياق واحد تكون الشعوب هي الخاسر الدائم فيه، والانظمة تمارس عملية النهب والسلب العلنية ومراكز القرار توزع في حدود الاصدقاء والمحاسيب ويورثها البعض للبعض.
وفشلت كل الأصوات التي نادت بالاصلاح لتجنب المواجهة اعتمادا من الانظمة على قدراتها الأمنية التي هي عملياً تتشكل من ابناء الطبقة المضطهدة.
فليس تشاؤماً وانما في ظل هذه المعادلة حيث داخلياً شملت خسائر الشعوب حرياتها وحقوقها ، واستمر التلاعب بمصيرها، وتخسيرها كرامتها، وخارجياً يتم تأجيرها للأجنبي، فتوظف السياسة الخارجية في الحصول على المساعدات ، لم يكن الحل سيمر سوى بطريق واحد، فالشعوب قادمة بجراحها وقلاقلها واضطراباتها والحرائق."
ايفرح الفلسطينيون؟؟؟؟
ايفرحون ام حرام على قلوبهم الفرح؟؟، وقد توزعوا بين قتيل وجريح، ومهجر ومحتل، ارضهم قسمت، وانفصل الثرى، وزيتونهم "خلع"، وابناؤهم تحولوا الى شظايا، وينتظرون اخبار الموت، أجسامهم تفتت من اجل الارض، وتتطاير ارواحهم كل يوم، يسارعون للموت ودفنوا خير شبابهم، عيون تظل باكية، ويحاصرون حتى على لقمة الخبز، ويجوعون، يعيشون مع الخوف والانفجارات، وبذائه جنود الاحتلال، سلموا للموت اغلى ابنائهم، واثبتوا لهذا العالم الظالم ان الارض تساوي الحياة، وان فلسطين اغلى، وعلمت ارواحهم على الشوارع، والبيارات، وغادروا الدنيا مواكب، ابطالاً سيظل التاريخ يذكرهم، وقد تناثر لحمهم في فضاء فلسطين، ويظل اكليل من الدم فوق هذه الارض المباركة، يلونها على مدى الجرح، وارواح تتطاير على اطرافها، والفلسطينيون يقبضون على جمرة الارض والهوية.
وحدهم الابطال في فلسطين، ولبنان والعراق يشرفون هذا الزمن العربي الرديء، واسماؤهم لا تنمحي من الوجدان، وذكرى اخر صورة لهم على الارض محروقة جثثهم "احمد ياسين"، أو ممزقة "الرنتيسي"، او يحفها الجلال "ياسر عرفات"، والآف الكرماء الذين وقعوا بدمائهم على سجل قضيتهم، ضحايا قضيتهم في الداخل، وفي الخارج علم المخيم بجلودهم، فهم شركاء في المحنة يجمعهم العذاب الآليم، ولا يغادرون حزنهم، والموت اقرب اليهم من حبل الوريد، الموت صديقهم الذي ادمن صحبتهم، وكل يوم يأخذ "زين الشباب" الى منصة الابطال، وتذهب اجسادهم الى العالم الآخر دامية، وفيها اثار حروق وشظايا حديدية، وكسور في العظام، وتهتك في حرمة الاجساد المباركة...
هل يفرحون وقد غربوا وشرقوا، وهدمت البيوت على ساكنيها، وقلعت اشجار الزيتون العتيقة امام اعين اصحابها، وجرفت ارضهم، ونقاط التفتيش تحاصرهم، وينجبون ابناءهم على المعابر، وقد حرموهم الخبز برغم المليارات، والنفط.
وحدهم الفلسطينيون علمتهم قضيتهم شرف الارض، و"غلاوتها" والاوسمة البشرية ترتفع كل يوم على هامة فلسطين، والجنائز التي لفت القرى، ومخيماتهم وشتاتهم عار في جبين هذا العالم الوحشي، وحدهم الفلسطينيون ظل التراب عندهم اغلى من ذهب الارواح، ايفرحون يوماً وذكرى الجثث الصغيرة المحترقة، وتقطع الاوصال تطارد ذاكرة الاباء، ايفرحون ام حرام على قلوبهم الفرح، ودمهم النازف منذ قرن امام اعين البشرية، وصرخاتهم التي ملأت الدنيا، ولا من مجيب، وآهات الامهات، والكواكب التي انارت سماء فلسطين، منذ قرن وهم ينزفون، ودمهم الحار يلون المشهد، واعينهم باكية والحزن يلف القرى، والمدن، والحصار لا ينفك ولياليهم مرعبة، لا يربون ابناءهم للحياة، ويتوزعون على اطراف الارض، فأب مزروع في فلسطين، وقليلون من ابنائه معه، واخرون في الاردن، والاعمام في سوريا، وفي العراق اقارب، وفي اطراف الدنيا بلغ شتاتهم، يحملون معهم وطناً لا يرحل من داخلهم، ولا يفرطون بشبر من ترابه الاغلى من الذهب، فهي فلسطين لم تغادر قلباً مؤمناً، ويحفظها ابناؤها عن ظهر قلب ذرة ذرة، ولن تضيع فالدم الطاهر المسفوك فيها قدسها، ومقدساتها ربانية، وظل اهلها يدفنون فلذات اكبادهم في ترابها الطاهر، ففي كل شبر شهيد، وغيمة من الدم تمطر بالشهادة فوق ارضها الخصيبة، هي فلسطين الحمراء، يحرسها الابطال الذين ما كلت نفوسهم عن الموت، وماتوا وهم يضحكون، وهم الذين فازوا برغم سيل دمائهم، وهم الذين فازوا وان كانوا حبيسي المخيم، وخسر القاعدون ظلاماً فوق الكراسي، وقاعدون مظلمون تحتها.
"قلاقل، واضطرابات، وخروج على النظام العام، واحراق مؤسسات، ومواجهات في الشوارع، مدن تنتفض، وقوات أمن تحاصرها، واعلان احكام طوارئ، ووزراء داخلية يهددون بالقضاء على التمرد، وحالة أمنية ستشعر الشعوب انها محتلة، محاكم أمن دولة تواصل الليل بالنهار للتعامل مع القضايا بالعشرات، وأجهزة امنية لا تنفك تقوم بمداهماتها ليلاً وفجراً وعندها تعليمات بالقتل والآف المعتقلين والمطاردين، ومنظمات حقوق انسان دولية تدين ما يحدث، وجهات دولية تفرض على الأمم المتحدة ضرورة اصدار قرارات ، ولجان تقصي حقائق تستخدم لتحقيق اغراض سياسية.
حالة عصيان مدني، وتأزم غير قابل للحل، ومشاهدات لممارسات امنية تذكر بالاحتلال الصهيوني تنقلها الفضائيات، وجنازات شعبية تطوف المدن بالضحايا، واشتعال المواجهات سيد الموقف، ومنشورات تملاْ الشوارع، وملصقات تهدد بالاغتيال.
شعب نزل الى الشوارع وقرر ان يأخذ حقه بيده بعد أن لم يعد يثق بالمسيرات والمظاهرات السلمية، وانظمة حكم غير قابلة للتنازل وتوصل المواجهة الى طريق مسدود، فيتقوض السلم الاجتماعي ، وينهار الاقتصاد، وتسود احوال المواجهات، وتوظف اجيال جديدة في الصراع، حتى يحدث الحل ، فتسقط الكراسي وتنهار الالقاب، والمؤسسات، وينبثق من خضم الصراع واقع جديد، ينشد انساناً آخراً خرج من رحم الشقاء، ومستقبلاً يشرق من بين اكوام الضحايا والدماء.
ذلك ليس تشاؤماً، ولكن يبدو ان هذا ما سيكون عليه الحال في قادم الأيام في المنطقة العربية، حيث تجمدت العملية السياسية، وتكلست الأنظمة التي لا تريد ان تصل الى حل وسط بين متطلبات بقاء النظم، ومطالب شعوب جردت من كل شيء فوق اوطانها، فلا امل بانتهاء الصراع، وتنقية الأجواء، وايقاف حالة التأزم ما دامت السلطة العربية لا تريد أن تنضج، و تتنكر لحقوق الشعوب، وما تزال تفضل التعامل مع الأزمات الناتجة عن الضغوط بالحلول الأمنية، التي هي اسرع اسباب هيجان الناس.
فالحالة العربية تجمدت ولم يبق سوى ان تفرض الشعوب الحل، لوضع حد للفساد السياسي الذي دمر الطبقات، وحول الانسان العربي الى الشقاء، لإرضاء حالات فردية.
الانسان العربي فقد حرياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية وصار غريباً على ترابه الوطني، ووضعه السياسيون على قائمة اكثر ابناء ادم معاناة وضيقاً وشدة عيش بلا ذنب اقترفه سوى كونه مسالما، ويعيش بمطالب بسيطة لا تتناقض مع فسق الحكام وبذخهم، وقد ورثت الانظمة الارض العربية والانسان فوقها لتمعن فيه استغلالاً وتعذيباً وصار مقموعاً مجوعاً مضيقاً عليه محروماً من حرية التعبير والتفكير، وتتوزع حقوق الملايين على نخبة ضيقة تجمعت بأيديها السلطات المغتصبة ، ثم اوجدوا مؤسسات صورية ليبقى الحال على حاله، مما اوقف العملية السياسية على سياق واحد تكون الشعوب هي الخاسر الدائم فيه، والانظمة تمارس عملية النهب والسلب العلنية ومراكز القرار توزع في حدود الاصدقاء والمحاسيب ويورثها البعض للبعض.
وفشلت كل الأصوات التي نادت بالاصلاح لتجنب المواجهة اعتمادا من الانظمة على قدراتها الأمنية التي هي عملياً تتشكل من ابناء الطبقة المضطهدة.
فليس تشاؤماً وانما في ظل هذه المعادلة حيث داخلياً شملت خسائر الشعوب حرياتها وحقوقها ، واستمر التلاعب بمصيرها، وتخسيرها كرامتها، وخارجياً يتم تأجيرها للأجنبي، فتوظف السياسة الخارجية في الحصول على المساعدات ، لم يكن الحل سيمر سوى بطريق واحد، فالشعوب قادمة بجراحها وقلاقلها واضطراباتها والحرائق."
ايفرح الفلسطينيون؟؟؟؟
ايفرحون ام حرام على قلوبهم الفرح؟؟، وقد توزعوا بين قتيل وجريح، ومهجر ومحتل، ارضهم قسمت، وانفصل الثرى، وزيتونهم "خلع"، وابناؤهم تحولوا الى شظايا، وينتظرون اخبار الموت، أجسامهم تفتت من اجل الارض، وتتطاير ارواحهم كل يوم، يسارعون للموت ودفنوا خير شبابهم، عيون تظل باكية، ويحاصرون حتى على لقمة الخبز، ويجوعون، يعيشون مع الخوف والانفجارات، وبذائه جنود الاحتلال، سلموا للموت اغلى ابنائهم، واثبتوا لهذا العالم الظالم ان الارض تساوي الحياة، وان فلسطين اغلى، وعلمت ارواحهم على الشوارع، والبيارات، وغادروا الدنيا مواكب، ابطالاً سيظل التاريخ يذكرهم، وقد تناثر لحمهم في فضاء فلسطين، ويظل اكليل من الدم فوق هذه الارض المباركة، يلونها على مدى الجرح، وارواح تتطاير على اطرافها، والفلسطينيون يقبضون على جمرة الارض والهوية.
وحدهم الابطال في فلسطين، ولبنان والعراق يشرفون هذا الزمن العربي الرديء، واسماؤهم لا تنمحي من الوجدان، وذكرى اخر صورة لهم على الارض محروقة جثثهم "احمد ياسين"، أو ممزقة "الرنتيسي"، او يحفها الجلال "ياسر عرفات"، والآف الكرماء الذين وقعوا بدمائهم على سجل قضيتهم، ضحايا قضيتهم في الداخل، وفي الخارج علم المخيم بجلودهم، فهم شركاء في المحنة يجمعهم العذاب الآليم، ولا يغادرون حزنهم، والموت اقرب اليهم من حبل الوريد، الموت صديقهم الذي ادمن صحبتهم، وكل يوم يأخذ "زين الشباب" الى منصة الابطال، وتذهب اجسادهم الى العالم الآخر دامية، وفيها اثار حروق وشظايا حديدية، وكسور في العظام، وتهتك في حرمة الاجساد المباركة...
هل يفرحون وقد غربوا وشرقوا، وهدمت البيوت على ساكنيها، وقلعت اشجار الزيتون العتيقة امام اعين اصحابها، وجرفت ارضهم، ونقاط التفتيش تحاصرهم، وينجبون ابناءهم على المعابر، وقد حرموهم الخبز برغم المليارات، والنفط.
وحدهم الفلسطينيون علمتهم قضيتهم شرف الارض، و"غلاوتها" والاوسمة البشرية ترتفع كل يوم على هامة فلسطين، والجنائز التي لفت القرى، ومخيماتهم وشتاتهم عار في جبين هذا العالم الوحشي، وحدهم الفلسطينيون ظل التراب عندهم اغلى من ذهب الارواح، ايفرحون يوماً وذكرى الجثث الصغيرة المحترقة، وتقطع الاوصال تطارد ذاكرة الاباء، ايفرحون ام حرام على قلوبهم الفرح، ودمهم النازف منذ قرن امام اعين البشرية، وصرخاتهم التي ملأت الدنيا، ولا من مجيب، وآهات الامهات، والكواكب التي انارت سماء فلسطين، منذ قرن وهم ينزفون، ودمهم الحار يلون المشهد، واعينهم باكية والحزن يلف القرى، والمدن، والحصار لا ينفك ولياليهم مرعبة، لا يربون ابناءهم للحياة، ويتوزعون على اطراف الارض، فأب مزروع في فلسطين، وقليلون من ابنائه معه، واخرون في الاردن، والاعمام في سوريا، وفي العراق اقارب، وفي اطراف الدنيا بلغ شتاتهم، يحملون معهم وطناً لا يرحل من داخلهم، ولا يفرطون بشبر من ترابه الاغلى من الذهب، فهي فلسطين لم تغادر قلباً مؤمناً، ويحفظها ابناؤها عن ظهر قلب ذرة ذرة، ولن تضيع فالدم الطاهر المسفوك فيها قدسها، ومقدساتها ربانية، وظل اهلها يدفنون فلذات اكبادهم في ترابها الطاهر، ففي كل شبر شهيد، وغيمة من الدم تمطر بالشهادة فوق ارضها الخصيبة، هي فلسطين الحمراء، يحرسها الابطال الذين ما كلت نفوسهم عن الموت، وماتوا وهم يضحكون، وهم الذين فازوا برغم سيل دمائهم، وهم الذين فازوا وان كانوا حبيسي المخيم، وخسر القاعدون ظلاماً فوق الكراسي، وقاعدون مظلمون تحتها.