ليس من دولة في العالم لا تواجه أزمة كورونا وتداعياتها الصحيّة والاقتصاديّة، كل حسب ظروفها وإمكاناتها وقدراتها، ولم تنجح ولو واحدة منها في تجنب تأثيرات الجائحة كلياً، فأي نجاح، حتى في أقواها، كان نسبياً.
بالطبع، هذا لا ينتقص من جهد الدول في تجاوز أزمات الجائحة، فهي أقوى منها، وأي تعافٍ لتلك الدول سيكون محدوداً حتماً، ما لم تتعافَ جميعها أو أغلبها، إذ ليس أيُّ منها جزيرة معزولة مكتفية بذاتها عن سواها.
الإقرار بهذه الحقيقة؛ بواقعيتها ومنطقيتها، مدخل موضوعي لفهم الظروف التي قَدُمت فيها حكومة الدكتور بشر الخصاونة، لماذا جاءت؟ وما الذي تستطيع عمله؟ وكيف ستنجح في إدارة ملفاتها؟
حكومة جاءت في سياق ظرف استثنائي؛ صعوبات وتعقيدات متشابكة، صحيّاً واقتصاديّاً، بتأثيرات اجتماعيّة وسياسيّة، وهي اليوم ملزمة بأن تشتبك معها كلها؛ تفككها وتعيد ترسيمها لتخفيف تداعيات الجائحة وتأثيراتها.
هذا يعني أن الرئيس سيسير على خيط رفيع يوازن فيه بين متطلبات صحيّة، من إجراءات وقائية وقدرات طبية مناسبة، واحتياجات اقتصادية يعالج فيها مأزق مالية الدولة، ومالية مواطنين أصابهم الإنهاك.
خلق توازن دقيق من هذا النوع، لا بد وأن يكون في ذهن الخصاونة، ولا بد أيضاً، وهو يختار فريقه أن يكون إلى جانب اعتبارات عامة، قد بحث عن خبرات وقدرات للتعامل مع الظروف الاستثنائية.
فلا خيار أمام الرئيس وفريقه غير الاشتباك مع إفرازات الظروف، اشتباك يقوم على حل الأزمات، لا إدارتها، وعلى نحو يسهم في وقف تناسل المشاكل والتحديات، والسعي لتسطيح الأزمات كما السعي لتسطيح المنحنى الوبائي.
الحكومة ورئيسها لديهم القدرة على تحقيق ذلك، هم فقط يحتاجون أولاً، إلى وقت كاف (فترة سماح)، وثانياً، روح الفريق الواحد، وثالثا، تفهم الأردنيين لظروف الوطن وحاجة الحكومة لدعم يمكنها من إنجازات ذات فائدة وجدوى.
ماذا يعني ذلك؟
ذلك يعني أن الحكومة مطالبة بمكاشفة الناس ومصارحتهم بواقع الحال، بما فيها التأكيد لهم أن الحكومة تعي وتدرك الصعوبات التي يواجهونها، والظروف القاسية التي يمرون بها، وتضع بين أيديهم خطتها للمرحلة المقبلة مشفوعة بمبررات واضحة وكافية.
وعلى الأردنيين أن يمنحوا الحكومة الفرصة والغطاء الضروريين للقيام بمهامها، وأن يكون الحكم على العمل والنتائج لا على الأشخاص والاعتبارات الشخصية.. هذه مسألة مفصلية في وقت مفصلي، والنجاح يتطلب شراكة الجميع، حكومة وشعباً، يتفهم كل منهما ظروف الآخر ويسعيان معاً لتجاوز المرحلة الصعبة.
لدينا فرصة، وعلينا الإمساك بأسباب النجاة..