الاردني عبدالله الثاني ليس متطرفا ولا اقليميا بل معاديا لاسرائيل

الاردني عبدالله الثاني ليس متطرفا ولا اقليميا بل معاديا لاسرائيل
د.ياسر عبد العزيز
أخبار البلد -  

لنقرأ تصريحات الملك لصحيفة واشنطن بوست فهي التصريحات التي مثلت تحولا استراتيجيا في تفكير مؤسسة العرش حيال اسرائيل.. : " اتهم الملك نتنياهو " بسعيه إلى إسقاط المملكة الأردنية الهاشمية، وتحويلها لوطن بديل للفلسطينيين كونه لا يؤمن بحل الدولتين ، مضيفا : "إنه من الواضح أن هذه الحكومة تسعى لإجهاض عملية السلام فى المنطقة، ويوجد لدى العديد من المسئولين فى المملكة تخوفات من أن هذه الحكومة تسعى لكى يكون الأردن الوطن البديل للشعب الفلسطينى".
وقال الملك : إنه من الممكن أن تقدم مصر على إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل فى الوقت القريب العاجل، مضيفا أنه يجب النظر بعمق إلى الأحداث التى جرت فى العاصمة المصرية القاهرة ضد السفارة الإسرائيلية" .
لو ان ما قاله الملك عبد الله الثاني قاله شخص اردني اخر لقيل فيه ما لم يقله ملك في الخمر لكن الملك هو من قال، ولمن لصحيفة الواشنطن بوست الصحيفة ذات الاثر العميق على صانع القرارالاميركي.
وقبل كل شيء فان ما قاله الملك يعبر عني كمواطن عربي اردني تماما بل ويمثل ضميري كانسان عربي في المقام الاول لي اراض محتلة من قبل كيان لا يعترف بشعب شقيق، كما ويعبر عني كاردني استشعر التآمر الصهيوني على بلدي الاردن ونوايا هذا الكيان في نقل الكرة الملتهبة من فلسطين التاريخية ارض الصراع الى الاردن عبر فكرة الوطن البديل.
في هذا الاطار لا يستبعد الملك ضمنا اعادة النظر في معاهدة السلام مع اسرائيل وهو مطلي شعبي اردني.
في هذا السياق الملك عبدالله اردني يعبر عن قلق اردني بوجدان اردني ، فلا هو بالمتطرف حين يتهم اسرائيل بانها معادية للسلام ولا هو بالاقليمي حين يحذر من مؤامرة الوطن البديل، ولانه الملك الذي يخشى ان يسلب من امام ناظريه البلد برمته وليس العرش فقط ان بدأت الخطوات نحو تطبيق الفكرة التآمرية المتمثلة في الوطن البديل فقد قال ما قال.
ولندخل في العمق اكثر ونقول: الاردن ككيان ليس ملفا اسرائيليا وهو وان كان تحالفه مع الامريكان بلغ ذروته خلال حكم الجمهوريين في الاعوام 2000 – 2008 الا ان هذا التحالف ليس ابديا من جهة، وكذلك لم يتغلغل في النسيج السياسي الاردني، وان كان هناك فريق تسيد المشهد المحلي في تلك الاعوام وفسد بتأثير سيطرة الجمهوريين على مقاليد العالم فان الملك ليس جزء من هذا الفريق، بل ان الملك قد يستبدل كل ادواته القديمة ان ثبت بانها لم تعد ملائمة لما استجد من مهام.
الان بان الخيط الابيض من الخيط الاسود والتحالف الديمقراطي الاميركي مع اليمين الاسرائيلي قد ياخذ في طريقه الحلف الهش بين عمان وواشنطن وبالتالي لا دفء لمن يحكم الاردن دون دفء الاردنيين، فهم طوق النجاة واللباس الساتر بل والدرع الواقي ازاء ما قد تتمخض عنه سياقات حل سياسي قد يدفع ثمنه الاردن كنظام وكيان ودولة.
في ظني ان الملك التقط الحلقة المركزية في المشهد الاقليمي وقرأ وربما اطلع على سيناريوهات محتملة لحل سياسي فيه رابحون وخاسرون ورأى رؤيا اليعين اننا الخاسرون فيما لو نجح المخطط، ولم يقبل بذلك فكان ان ارسل رسالته الى الاسرائيليين والامريكان على السواء عبر مقابلته في واشنطن بوست، لكن رسالة الملك على اهميتها الاستثنائية في هذه المرحلة الا انها لا تزال تحتاج الى زخم شعبي اردني يتمثل في بناء منظومة من المبادئ السياسية مجمع عليها بين جميع الالوان السياسية في الاردن رأسها الملك وقاعدتها كل منابت واصول الشعب الاردني بحيث تكون هذه المبادئ خارج النقاش العام وجزء من الثقافة السياسية للاردنيين معارضة وموالاة.
وسافرد ما يناسب لملامح هذه المنظومة من المبادئ السياسية في سياق هذا المقال.
لنعد الى سياق تصريحات الملك ونقول:
هل تحولت اسرائيل من حليف ضمني للنظام السياسي الى مصدر تهديد؟
هل انتهت المهمة التاريخية للنظام الاردني من وجهة نظر الحركة الصهيونية وبدأت اولى حلقات استحقاقات ما بعد الهاشمية ؟
هل كانت السفارة الامريكية في عمان تسرب الوثائق عن عمد بالتزامن مع تصريحات اسرائيلية بحيث تفضي في مجملها الى اضعاف النظام السياسي الاردني؟
هل سياق حركة السفير الاميركي بعمان والتقائه مع "شرق اردنيين" معارضين وتشجيعه لهم يصب في اطار تعميق الازمة بين الاردنيين ومؤسسة العرش؟
هذه الاسئلة لا يجاب عليها بنعم او لا، ولا هي بالاسئلة التي تستدعي علامات، اي ان لها اجابات محددة، بل هي اسئلة لا يجاب عليها الا في سياق رؤية سياسية واضحة، فاما تنفيها وتسد بوابات الشهوة في انتاجها او تاخذ مفاعيلها مع المدى لتصنع على انقاض الاردن دويلة هجينة وظيفتها امتصاص مخرجات المشروع الصهيوني وتمكينه لقرن قادم.
في هذا الاطار فان اولى مهمات الاردنيين هي استعادة قوة مؤسسة العرش واعادة التحالف التاريخي معها على اسس من الوضوح الذي قدم اشارات عليه الملك في سياف تصريحاته للواشنطن بوست.
اما اعادة اللحمة بين الاردنيين ومؤسسة العرش فلا بد وان يؤسس لها عبر اجلاء بعض الغموض الذي تراكم في العشرة اعوام الماضية سواء عبر السياسات الاقتصادية المعادية للاردنيين او عبر نفي ما اشيع عن النية لاستبدال القاعدة الشعبية للحكم.
من يتظر الى الاردن خلال القرن الفائت يلحظ ان ثلاث قوى تنازعت قراره:
1- الحليف الاقليمي او الدولي ( بريطانيا في البدء ، ثم اسرائيل والولايات المتحدة)
2- الارداة الشعبية عبر الحركات المعارضة والمؤتمرات الشعبية والقوى الاجتماعية الاردنية.
3- مؤسسة العرش التي تقيم التوازن الدقيق بين التزاماتها الاقليمية والدولية من جهة والاطار الشعبي الاردني من جهة ثانية.
هذه الاقانيم الثلاثة بتفاعلها يتحدد الخيار الاستراتيجي الاردني في كل المحطات التي واجه فيها الاردن تحديات، ففي الوقت الذي قويت فيه مؤسسة العرش وبدأت طموحاتها تتجاوز الجغرافيا الاردنية تدخل الاطار الدولي (بريطانيا) لانهاء حياة الملك المؤسس عبد الله الاول عام 1951 ، وحين تعرض العرش لاخطار صنعتها مليشيات المنظمة كان للاطار الشعبي الاردني القول الفصل في انهاء التمرد لصالح مؤسسة العرش فاكانت الكلمة العليا للاطار الشعبي،
وفي العام 1990 كانت مؤسسة العرش قريبة جدا من طموحات الاطار الشعبي فقاوم الاردن ضغوطات العامل الدولي ونجح العرش في تجاوز الازمة متسلحا بالتفاف شعبي، وفي العام 1993 انتصر الاطار الدولي بالتحالف مع مؤسسة العرش في فرض معاهدة سلام مع اسرائيل بلا رغبة من الاطار الشعبي الاردني .. اذن وجهة التفاعل بين هذه العناصر الثلاثة تحدد طبيعة القرار الاستراتيجي الاردني.
وفق هذا الفهم يمكن تحليل المشهد الحالي:
1- اطار دولي (اسرائيل والولايات المتحدة) معنيتان بانهاء الصراع في فلسطين على حساب الاردن او على الاقل اضحى هذا الخيار مطروحا لدى الطرفين
2- اطار شعبي اردني منقسم على نفسه بين : أ : الحركة الاسلامية وحلفائها التي تطالب بالانتقاص من صلاحيات الملك عبر المطالبة بحكومة منتخبة ولا تعترف بقرار فك الارتباط وبالتالي لا ترى في التوطين خطرا بل مطلبا في بعض الاحيان وهي تسعى جاهدة للتفاهم مع واشنطن في هذا الاطار.
ب : حراك اردني غاضب من سياسات القصر الاقتصادية التي همشت خلال العشرة اعوام المحافظات الاردنية اضافة الى ضرورة انهاء ملف الفساد في القضايا الكبرى.
ج : اغلبية صامته لكنها قلقة على مصير الدولة وهي اغلبية لن تقف الى جانب الاسلاميين وحلفائهم لكنها قلقة من سياسات القصر ولم تحسم خياراتها بعد.
3- مؤسسة العرش التي تشعر بانها فقدت الكثير من التواصل مع القاعدة الشعبية الاردنية بسبب الاخطاء في انتقاء الادوات (الحكومات) واخطاء في انتهاج سياسات اقتصادية ، وبالتالي تتنازعها الاولويات بين ارضاء للحلفاء في الاطار الدولي الذي اضحت كلفة التحالف معه مضنية وبين الاقبال على القاعدة الشعبية التي تعيش ازمة ثقة مع النظام.
وازاء ذلك فان خيارات مؤسسة العرش لا تتجاوز الاثنتين:
الخيار الاول - التفاهم مع الاسلاميين على تقاسم السلطة ( اعادة النظر في صلاحيات الملك في الدستور) والقبول في شراكة على مضض مقابل الصمت عن فتح ملفات الخصخصة والهدر المالي خلال العقد الماضي والتعاطي مع القضية الفلسطينية وفق فهم ما قبل قرار الرباط وفك الارتباط، اللذين يعنيان سياسيا القبول بالوطن البديل
الخيار الثاني - استعادة الحلف التاريخي مع الاردنيين عبر التفاهم مع حراكهم وتبني برنامج حراكهم الذي يركز على اعادة توزيع الثروة وليس السلطة، بمعنى الاستجابة اليهم تنمويا وكشف الهدر والفساد الماليين الذي تراكم خلال العقد الماضي واعادة التاكيد على هوية الدولة بوصفها دولة اردنية بهوية واحدة وتبني الموقف التالي:

الشعب الأردني، بكل مكوناته الوطنية، هو شعب واحد موحد ينتظم في هوية واحدة هي الهوية الأردنية العربية، لا مكان فيها للثنائية السياسية.
المواطنة الأردنية هي التي تحدد، وفقا للدستور، واجبات المواطن وحقوقه، في إطار المساواة القانونية والسياسية.
العدالة الاجتماعية هي أساس الوحدة الوطنية.
قضية التقدم الأردني في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، هي قضية جميع الأردنيين، بغض النظر عن اصولهم.
القضية الفلسطينية، قضية التحرير والدولة والعودة، هي مهمة جميع الأردنيين بغض النظر عن أصولهم.
الحقوق السياسية للمواطنين الأردنيين من أصل فلسطيني هي حقوق فردية ثابتة، بينما حقوقهم الجماعية فهي في فلسطين، ويتقدمها حق العودة غير القابل للمساومة.
إن هذه المباديء التي تؤمن بها أغلبية الأردنيين من كل المكونات، يستلزم تعزيزها تبني الإجراءات التالية:
قوننة فك الإرتباط مع الضفة الغربية التي اصبحت اليوم جزءا من أراضي دولة فلسطين الشقيقة. ويكون ذلك من خلال، أولا، تضمين تعليمات فك الارتباط لسنة 1988 في قانون الجنسية الأردني، ووقف كل اشكال التجنيس وسحب الجنسيات خلافا للقانون،
المباشرة في الحوار مع الجانب الفلسطيني لحل جميع المسائل العالقة بين الضفتين، بما في ذلك تنظيم إقامة المقيمين من التابعية الفلسطينية.
قوننة المساواة من خلال قانون يجرّم التمييز في القطاعين العام والخاص على أساس الأصل أو الإثنية أو الدين،
قوننة العدالة الاجتماعية من خلال قانونين، قانون الضريبة التصاعدية على الدخل، وقانون تنمية المحافظات التي ينبغي توجيه الموارد اللازمة لانتشالها من وهدة الفقر والتهميش.
وفي البعد الخارجي، مراجعة معاهدة وادي عربة ، وخصوصا المادة 8 التي تنص على التوطين، ومواجهة إسرائيل بمتطلبات السلام مع الأردن القائمة على الانسحاب وقيام الدولة الحرة وعودة اللاجئين والنازحين. (تقرأ هذه النقطة في سياق تصريحات الملك عن معاهدة كامب دافيد وامكانية الغائها)
إعادة العمل بقانون خدمة العلم. فالعسكرية تدمج الأجيال الشابة وتصهرها.
إصدار نظام انتخابي يسمح بالتنافس على اساس فكري وسياسي، ويكفل التمثيل وفقا للمعايير الجغرافية والاجتماعية والتنموية والسكانية في الوقت نفسه.
التوافق الوطني على التمييز الإيجابي لصالح المحافظات الأكثر فقرا وتهميشا.
جملة القول ان الاردنيين بحاجة الى مؤسسة عرش قوية، كما ان مؤسسة العرش بحاجة الى الاردنيين اكثر من اي وقت مضى فهل ينعقد التلاحم؟

 

شريط الأخبار إسرائيل تقصف 100 موقع بلبنان في ثاني موجة ضربات خلال ساعات تفاصيل جديدة حول جريمة قتل شاب والدته وشقيقته في الأردن جمعية البنوك توضح حول انعكاس تخفيض أسعار الفائدة على قروض الأردنيين منتدى الاستراتيجيات يدعو لإعادة النظر في الضريبة الخاصة على المركبات الكهربائية الأردن: إرسال من 120 إلى 140 شاحنة مساعدات أسبوعيا لغزة وسعي لرفع العدد هيئة الطيران المدني: لا تغيير على حركة الطيران بين عمّان وبيروت وزير الشباب الشديفات يلتقي الوزير الأسبق النابلسي البقاعي رئيسا لمجلس إدارة شركة مصفاة البترول الأردنية وزارة "الاقتصاد الرقمي" حائرة بين 079 و077: من الهناندة إلى السميرات! مقال محير يعيد ظهور الباشا حسين الحواتمة الى المشهد.. ما القصة البنك المركزي الأردني يقرر تخفيض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس وصول طواقم المستشفى الميداني الأردني نابلس/4 استقاله علاء البطاينة من مجلس أدارة البنك العربي طقس بارد نسبياً ليلاً وفي الصباح الباكر مع ظهور السحب المنخفضة في عطلة نهاية الأسبوع التعليم العالي: نتائج القبول الموحد نهاية الشهر الحالي الحكومة تطفي ديونا بقيمة 2.425 مليار دينار منذ بداية العام الملخص اليومي لحجم تداول الاسهم في بورصة عمان لجلسة اليوم الخميس ما قصة حركات بيع وشراء اسهم الاردنية لانتاج الادوية بين اعضاء مجلس الادارة ؟! الوزير خالد البكار.. "تقدم" نحو لقب "معالي" هل باع محمد المومني ميثاق من أجل لقب "معالي"؟!