أخبار البلد - أحمد الضامن
"الملك يؤكد ضرورة الاستفادة من الموقع الاستراتيجي لمحافظة المفرق .. الملك يؤكد أهمية ربط منطقة الملك الحسين بن طلال التنموية بطريقة تكاملية مع المنظومة الوطنية للتجارة ونقل البضائع.. الملك يؤكد ضرورة جذب الاستثمارات لمنطقة الملك الحسين بن طلال التنموية وبما يسهم في تشغيل الشباب".
بهذه العناوين تناقلتها كافة وسائل الإعلام المحلية من صحف وإذاعات ومواقع إخبارية ، عندما توجه جلالة الملك في زيارة لمنطقة الملك الحسين بن طلال التنموية قبل عدة أشهر، مؤكدا على ضرورة وضع خطة عمل وبرنامج زمني واضح لاستكمال مراحل تطوير المنطقة التنموية، التي أنشئت بهدف تنمية المحافظات المحيطة وتوزيع مكتسبات التنمية عليها وتوفير فرص عمل لأبناء تلك المحافظات.
كنا قد بدأنا الحديث عن المناطق التنموية بشكل عام وتحدثنا عن المشاكل والصعاب والتحديات التي تواجه تلك المناطق بسبب قرارات تُأخذ وأفعال يتم الحديث عنها لكنها لا تنفذ على أرض الواقع بالشكل الصحيح من قبل بعض المسؤولين "دون معرفة الأسباب" ، ولا نزال نرى بأن تلك المناطق كانت وما زالت ضحية لبيروقراطية القرارالإداري الاستثماري من جهات لربما ليس لها علاقة بمفهوم الاستثمار أو فهم آلية تطوير الاستثمار وتنفيذ الرؤى الملكية، فهم يعتقدون بأنه لا يوجد مشاكل، إلا أنه مجرد شراء وقت يراكم الخسائر.
البداية وبعد الحديث الأول عن المناطق التنموية، والشيء المحزن "للأسف" التي يواجه أبناء تلك المناطق والمستثمرين والصناعيين، دفعنا للتوجه إلى تلك المناطق والاقتراب أكثر من المشاكل والهموم، فكانت البداية مع مدينة الملك الحسين بن طلال التنموية في المفرق، والتي عندما تتنقل بين مساحاتها الشاسعة والتي نجد بين طيّاتها المصانع التي توجهت للاستثمار بها ، إلا أن العين لا ترى سوا المساحات الواسعة التي تتواجد داخل المناطق منذ سنوات كما هي، والمشاكل التي يتعرض لها أهل المدينة والتي يبدو أنها أصبحت تطفو، فالواقع يختلف تماما عن الكلام، فتلك المشاهد لم تزيد سوا التأكيد بأن هنالك مسؤولين يسعون في العلن إلى جذب الاستثمار وفي الباطن تمارس عكس ذلك.
لكل من لا يعلم بأمر منطقة الملك الحسين بن طلال التنموية في المفرق، فهنا نريد التذكير بأنها منطقة تمتد على مساحة 21 كيلو مترا مربعا،ومجهزة بالبنية التحتية المتكاملة ،والأهم من ذلك ترتبط بالقرب من مدينة المفرق والزرقاء والرمثا واربد والبادية الشمالية والوسطى وبنقطة ارتكاز لا تبعد عنهم،وتقع على شبكة من الطرق السريعة والحديثة التي تربط الأردن وسوريا والعراق والسعودية، وتم اختيار الموقع بشكل استراتيجي ليكون مركزا صناعيا وميناء وطني مع إنشاء مطار تجاري لخدمة أهداف المنطقة الاستثمارية، فموقعها الاستراتيجي الجاذب للاستثمار يعزز البيئة الاستثمارية وتوفير آلاف من فرص العمل،حيث أن المنطقة بامكانها أن تستوعب أكثر من 1000 مصنع، إلى جانب أنها تعتبر معبراً مركزياً للأسواق الإقليمية المجاورة والأسواق العالمية، حيث تمتلك كافة العوامل من حيث وسائل النقل المتعددة الجوية والبرية.
لكن وللأسف فإن تلك المناطق لم يشفع لها غايتها ولم تشفع لها أهدافها فكانت تعيش بين مرارة القرارات والتشريعات، وجاءت بعكس التوقعات والتوصيات والرؤى ، إلى جانب التخبط في التعامل مع هذه المناطق التنموية، وعدم تجاوب المسؤولين وابقاء الميزة الوطنية لتلك المناطق، فالاستثمارلا يقبل بأي شكل من الأشكال الفوضى، لأن الاستثمار هو مستقبل لمناطق نائية ومستقبل وطن آمن اجتماعيا واقتصادياً.
قابلنا العديد من أصحاب المصانع في مدينة الحسين التنموية ، الذين أشاروا إلى كمية الوجع الذي يمتلكهم بسبب العواصف الرملية التي تحيط بهم من جانب تخبط القرارات ، إلا أنهم قرروا الصمود والمحاربة إلى الرمق الأخير.
الصناعي الدكتور عيد أبو دلبوح صاحب مصنع رتاج للأدوية المتواجد في مدينة الحسين أشار إلى أن هنالك الكثير من الايجابيات في المنطقة ،إلا أن تخبط التشريعات أثرت عليها من حيث استمرار مفهوم المناطق التنموية، ناتجة عن عبث هواة الاقتصاد دون منهجية أو أسس عمل صادقة تجاه تلك المناطق.
وبين أبو دلبوح أن المناطق التنموية يعمل الكُثر من المسؤولين على حرمانها من امتيازاتها التي وضعت من أجل تنمية المحافظات والمناطق النائية، فكان المسمار الأخير الذي وضع أمام المستثمرين داخل تلك المناطق عدم شمولهم في حوافز التصدير بسبب ادعاء أن صادرات المناطق بالمليارات، والادعاء بذلك دون التوجه لقيام دراسة منهيجة ودقيقة لتوضيح ماهية تلك الأرقام وحقيقتها بعكس ما يروج له، متسائلا هل أصبح الهدف الواضح حاليا عدم تشجيع المستثمرين للذهاب إلى المحافظات والاستثمار بها،خاصة وأن الوضع الضريبي الآن أصبح أعلى في المناطق التنموية بالمحافظات منه في عمان، وما هو السبب للاصرار على افقار المحافظات اقتصاديا والاصرار على عدم توفير فرص العمل لأبنائها في القطاع الخاص وفي أماكن سكناهم، لافتا بأن هنال من يحاول افشال المناطق التنموية وافقار المناطق البعيدة وهناك من يعمل لمصلحتهم ومصلحة صناعتهم على حساب مصلحة الوطن.
صاحبة مصنع معين للورق الصحي نيفين الشوابكة والتي اتجهت للعمل في المناطق التنموية منذ عام 2017 ،أشارت بأنه لا يجوز أن يعاقب المستثمر داخل المناطق التنموية من أجل ارضاء من هم خارج المناطق التنموية، منوهةً بأنه يجب على الحكومة العمل على إعادة الأمور إلى نصابها، بحيث تكون المناطق التنموية ، هي المناطق والغاية التي أسست من أجلها ، لا أن تنحرف عن البوصلة والأهداف، مؤكدة بأن المناطق التنموية تحمل أهمية مطلقة في تشغيل أبناء المحافظات ،ورفد القطاع الصناعي وكافة القطاعات بالعمالة الأردنية الماهرة، والأهم تحريك عجلة الاقتصاد نحو التطور والازدهار.
وأكدت الشوابكة أن المناطق التنموية تتعرض لتمييز لا يصب في مصلحتها ،بل على العكس يؤثر عليها بشكل سلبي نتيجة قرارات سابقة اتخذت بشكل غير مدروس، والتي من أهمها إقرار نظام حرمان المناطق التنموية من الدعم النقدي للصادرات، والضريبة التي تؤرق صناعيي المناطق التنموية على أرض الواقع.
المستثمرين في المناطق التنموية يواجهون الكثير من الصعاب والعقبات التي توضع أمامهم بشكل غير مفهوم ومبهم الأسباب ، فبدلا من الترحيب بالمستثمر وتشجيعه على الاستثمار لتحريك عجلة الاقتصاد ، يواجه الكثير من الأمور المتفاقمة والتي أصبحت تحتاج لفك طلاسمها المعقدة والشائكة، ولو نظرنا لواقع الكلف في المناطق التنموية ، نجد أن هنالك كلف إضافية غير محسوسة في المناطق الصناعية المعتادة "بحسب قولهم" للمستثمرين في المناطق التنموية ، إلا أن هنالك أملا بتوجه الجهات المسؤولة وإصدار قرار اعفاء شامل لهؤلاء لأجل أن يكونوا نواة المساندة للمناطق التنموية وايجاد فرص العمل في المحافظات بشكل أكبر.
الحديث لا ينتهي والحقائق وكما أشرنا تحتاج للكثير من التركيز وذكرها بالتفصيل الكامل، إلا أن الأمر يحتاج إلى تدخل من صنّاع القرار قبل فوات الآوان وذهاب الأفكار والأحلام التي بُنيت على هذه المناطق في مهب الريح...