نفذتْ مجلة فوربس العالمية مسحًا استطلعت فيه آراء مدراء أكبر 500 شركة عالمية مدرجة في بورصة نيويورك حول التوقعات المستقبلية؛ وما هي فترة التعافي المتوقعة؟ وهل من الممكن أن تعود الأمور إلى طبيعتها التي كانت سائدة قبل انتشار فيروس كوفيد كورونا؟ وما هو الإطار الزمني المتوقع لذلك؟ وهل هناك تغييرات هيكلية حصلت في السوق؟
اللافت في الإجابات أن أكثر من نصف من تمّ استطلاع آرائهم توقعوا عودة النشاطات إلى مستواها ما قبل أن تضرب الجائحة في الربع الأول من العام 2022، كذلك لا يتوقع أن يعود عدد العمال إلى ما كان عليه قبل مرور عامين في الكثير من الأنشطة حيث توقع الكثير أن يكون عدد موظفيهم في الربع الأول من العام المقبل أقل من عددهم قبل الأزمة.
وكل هذا يعني أن العام المقبل لن يشهد على الأرجح الانفراجة المتوقعة، ومن الأسئلة المهمة والتي تعنينا محليا وترتبط بالقطاع السياحي هو سؤال ما إذا كانت حركة السفر ستعود لمستواها السابق قبل الأزمة، أجاب نحو 51 في المائة أنها لن تعود مطلقا إلى مستواها السابق، فيما أكدت نسبة كبيرة أن الاجتماعات الافتراضية ستصبح إحدى الوسائل التي يتم استخدامها بشكل دائم لتنفيذ الأعمال وعقد الصفقات. وهو ما يعني أن القطاع السياحي عليه أن يجترح مقاربات جديدة فيما يخص سياسة المؤتمرات والأعمال.
وحول الدول الأكثر جاذبية وقدرة على جذب الاستثمارات، تصدرت الولايات المتحدة قائمة تلك الدول تلتها الصين، مما يعني أن عناصر الجذب لم تشهد تغييرات عميقة كما يتوقع، وأن الاتفاقيات التجارية وحجم السوق والبيئة الاستثمارية ستبقى هي العناصر الرئيسية التي تتحكم بجذب الاستثمارات واستدامتها. وعلى صعيد القطاعات، فإن القطاعات الموظفة للتكنولوجيا هي التي تصدرت قائمة الأكثر جذبا، وخلافا لما ساد حول صعود قطاعات جديدة في مجال الزراعة وصناعات الأدوية، فإن كبار المستثمرين في العالم لا زالوا ينظرون إلى شركات مثل أمازون وميكروسوفت وتسلا كرواد في مجالاتهم، ولم تؤثر الجائحة على تلك التوجهات أو بروز قطاعات جديدة تتصدر المشهد مع أن الاستطلاع أشار إلى أن التركيز على الصناعات الوطنية سيزداد ولكن ذلك ضمن حدود معينة وستبقى المسائل المرتبطة بالتنافسية والكلف هي المحرك الرئيسي للكثير من الأنشطة الاقتصادية وتوجيه الاستثمارات.
ومهما يكن، من المفيد النظر إلى طبيعة التغيرات التي نمر بها خلال المرحلة الحالية، ومن الممكن أن تتغير إجابات المستطلعة آراؤهم مع مرور الوقت وظهور حقائق جديدة ترتبط بإيجاد لقاح، وكيف سيتغير ويستجيب سلوك المواطن العادي والمستثمرين، ولكن، وللأسف من الواضح أن الأزمة ستأخذ مدى زمنيا أطول من المتوقع وهذا يوجب التكيف والاستعداد وتعزيز وسائل المنعة الاقتصادية، من جهة ثانية فإن الحديث عن القطاعات الجديدة التي برز الحديث عنها خلال فترة كورونا وما بعدها يستوجب دراسة معمّقة تعتمد على أساسيات السوق، وليس بناء على رغباتنا التحليلية وما نريد الترويج له. ويبدو أن الأساسيات التي تحكم السوق والأوليات تشهد بعض التغيير ولكن ليس بالعمق الذي يصوره البعض.
كم تغيّر العالم بعد كورونا؟
أخبار البلد -