ربما يخالفني كثيرون في رأيي، الا أن من أهم ايجابيات إدارة أزمة كورونا - من وجهة نظري - ذلك التجانس والتفاهم والسرعة والابتعاد عن الروتين في اتخاذ القرارات، وهذا ما سهّل علينا كثيرا من الأمور وأدى في كثير من الأحيان لسرعة ودقة القرارات، نتيجة لتجاوز الروتين والحاجة لموافقات روتينية كانت تتم في مرحلة ما قبل كورونا فتعطل الانجاز بدلا من تسهيل المعاملات، والجواب دائما : ( هكذا هو الروتين، أو نظام العمل، او ما يطلق عليه تندرا ( السيستم ) !
إعلان قانون الدفاع تم توظيفه لخدمة الوطن والمواطنين وفقا لتوجيهات جلالة الملك، فقطفنا ايجابياته، ولم تكن هناك سلبيات لأنه لم يتم الاقتراب من حرية الرأي، بل على العكس حدّت القرارات وقمعت بشدة ترويج الإشاعات، ولم يتم الحد من الحريات الخاصة الا بما يحفظ صحة المواطنين فكان الحظر لساعات، والحظر الشامل لعدد من الأيام، وغير ذلك.
أنا هنا لا أدعو للاستمرار بتطبيق قانون الدفاع بالتأكيد، ولكن أدعو للاستفادة من التجربة في إدارة الأزمة لمرحلة ما بعد انتهاء العمل بأوامر الدفاع، وحتى لا نعود للروتين وللبيروقراطية في القرارات وتنفيذها بسرعة ودقة وعدالة وشفافية، نريد أن يبقى التجانس والتنسيق من قبل كافة أجهزة الدولة الحكومية والقوات المسلحة وأجهزة الأمن العام المختلفة والقطاع الخاص والإعلام والمواطنين كما هي في إدارة الأزمة، والتي تكللت بالنجاح كنموذج لما يجب ان يكون عليه العمل، فشكل ذلك أملا لدى كثيرين بإمكانية الوصول الى إصلاح إداري بأسرع وقت ممكن شريطة تجاوز تراكم الروتين والبيروقراطية في اتخاذ القرارات مما يعطل مسيرة النجاح والانجاز.
على مدى الشهرين أو الثلاثة الماضية اتخذت قرارات - لولا الإدارة العرفية مع العقلية الديمقراطية - لما تمّت ولربما احتاجت لوقت طويل سيضيع علينا فرص الانجاز ويغرقنا لا سمح الله في ما لا تحمد عقباه.
هناك أخطاء ربما وقعت في هذه المرحلة ولكن سرعة تداركها قلّل من أثرها وعجّل في التصويب. لذلك من المهم أن يتم الآن وسريعا اتخاذ قرارات في هذه المرحلة التي تمزج بين ايجابيات كل من « الديمقراطية» و» العرفية»، وتبتعد عن سلبيات كلا النهجين، لإتمام مسيرة « التعافي والمنعة»، ووضع خارطة طريق لمرحلة ما بعد كورونا للبناء على نجاحات القطاع الطبي، والاستمرار في تطويره ودعمه، ولتطوير آليات العمل والتعليم عن بعد وتجاوز الأخطاء ووضع منظومة تسرع من تطويره، ولوضع قوانين وتشريعات سريعة للنهوض بقطاع الزراعة،لم تحسن كل القوانين السابقة برفع سويته، والنهوض بالصناعة..وغيرها من القطاعات.
التجانس والإرادة وسرعة اتخاذ القرار بعد دراسته والاقتناع به وتنفيذه ساهم بأن تدور عجلة التصدير الى الخارج سريعا للقطاعين الطبي والزراعي،وستساهم بسرعة تعافي القطاع السياحي وغيره بصورة أو بأخرى.
ما دمنا نرفع شعار « تحويل التحديات الى فرص»، علينا أن ننتهز الفرصة لنحول تحديات الفساد الاداري والترهل والبيروقراطية الى فرص لإعادة الإصلاح والتنظيم وتوظيف الطاقات لرفع معدلات الإنتاج، وهذا ما نحتاجه بشدّة في هذه المرحلة.