"لدي حلم بأنه في يوم ما سيعيش أطفالي الأربعة بين أمة لا يُحكم فيها على الفرد من لون بشرته، إنما على ما تحويه شخصيته"، "لدي حُلم بأنه في يوم ما ستنهض هذه الأمة وتعيش المعنى الحقيقي لعقيدتها الوطنية بأن كل الناس خُلقوا سواسية"، هذا هو الحلم الذي نادى به لوثر مارتن كينج قبل ستين عاما عند نُصب لنكولن في واشنطن خلال مسيرة الحرية، وقبله قال لنيكولن " كل البشر سواسية"، وهذا هو الحلم الأمريكي بالخلاص من العبودية التي نادي لها أسياد الرئيس الحالي دونالد ترامب، هذا هو الحلم الذي أضاعه ترامب بصناعة الوحدة الوطنية لأنه يحلم بالعنصرية ويفتقد للإيمان الحقيقي بالحلم الأمريكي، فلوثر كينج الحلم سقط قتيلاً حين كان ترامب يعبث في حياته ويطارد النساء، ليكتفي بدور الشاهد على قتل صاحب الحلم واليوم قام بقتل الحلم ذاته.
الحلم الأمريكي تم تعليمه للطلبة في المدارس وهي مرحلة تخطاها ترامب، لذا فقد عاش الواقع ولم يستمع للمدرسين أصحاب البشرة البيضاء وهم يتحدثون لطلبتهم بفخر عن أهمية الحلم بوطن واحد دون عنصرية، ولم يشاهد صورة مارتن لوثر كينج وهي تُزين ساحات المهرجانات، لذا فإن ترامب غاب عن الدرس الأبرز في تاريخ الولايات المتحدة، ولم تعلمه لغة الشارع إلا كيف يكون عنصرياً بعد إنضمامه عند إغتيال كينج لشركات والده، تاركاً التعليم والمعرفة والوطنية حيث إرتمى في أحضان الفنادق والكازينوهات وملاعب الجولف، لذا فقد أضاع سنوات المعرفة بالضياع والبحث عن المال، وربما شكل هذا الأمر عقدة مستقبلية عند ترامب الذي وجد ان العالم أجمع يتحدث بفخر وكرامة عن لوثر كينج الذي قُتل برصاص الغدر والجهل والحقد على الحلم، فيما يعيش على هامش الحياة رغم ثرائه المبكر.
ترامب ضل الطريق الأمريكية ولم يدرك إلى أين المسير، لنجد أنه كغيره من مجرمي العصور يلجأ إلى السلاح الذي يعتقدون أنه الأقوى والذي يسمح لهم بالقتل دون حساب، فتخطى الشارع الفاصل بين البيت الأبيض وكنيسة يوحنا الأسقفية في ألف من رجال الأمن، حتى يحمل الإنجيل ويلتقط صورة، ليذكرنا بمن قتلتهم القوات الأمريكية من قاعدة وداعش الذين كانوا يختبئون خلف القران الكريم، وقبلهم الصهاينة الذين يقتلون باسم التوراة، وسبقهم جميعاً قادة عصر الآلهة الإغريقية حين كانوا يقتلون بإسم آلهتهم، لنجد أن ترامب وبعد أن أغلقت أمامه طريق الأرض حاول اللجوء إلى السماء لعله يجد الخلاص، لكنه لم يعلم بأن الطريق للسماء تبدأ بالعدل في الأرض.
لقد اضاع ترامب الإرث الأمريكي بالحلم، بل لقد حوله إلى كابوس، فكلمات مارتن لوثر كينج ضاعت بين أفعال ترامب وذهبت أدراج الرياح، مما يعني أن الولايات المتحدة بحاجة إلى مارتن جديد يُعيد إليها حلمها القديم، أو بناء حُلم جديد يقوم على نبذ التطرف والعنصرية وغرس المساواة في نفوس الأطفال، بعد أن نشر اليمين المتطرف فلسفته بوطن اللون الواحد، معارضين بذلك نشيدهم الوطني الذي وصف الولايات المتحدة ب" أرض الأحرار وموطن الشجعان" ليقدم الحرية على الشجاعة كون الحرية هي سنام الحضارات والمجتمعات، لكن في هذا اليوم لم يكن ترامب إلا شاهداً على القتل ولم يدر في خلده أنه يوم البناء.