أخبار البلد - زهير العزه
يدرك الاردن ان موضوع ما يسمى"صفقة القرن" هو تهديد لامنه الوطني اضافة الى انه اصلا يرفض تذويب الشعب الفلسطيني وانهاء قضيته ، ولذلك هو اشد المعارضين لهذا الطرح الامريكي بالرغم من الارتباط والعلاقات الوثيقة والاستراتيجية مع الولايات المتحدة وبالرغم من ادراكه حماية واشنطن لاسرائيل ، والدعم الامريكي للاردن وخاصة اقتصاديا ، وحاجة الاردن للاستقرار في ظل هذه الكثبان الرملية التي يسبح فيها العرب فانه لا يمكنه القبول بفرض الواقع الاسرائيلي على شعب فلسطين ما يهدد الامن الداخلي الاردني ،ولذلك بأعتقادي جاء حديث جلالةالملك عبد الله الثاني الى مجلة ديرش بيغل الالمانية ليؤكد المؤكد اردنيا لجهة رفض ما يعرف بصفقة القرن ، التي من بنودها ضم ارض من الضفة الغربية وضم الاغوار، ولا يمكن التفريط بها حتى وان اعتبرته بعض الدول رفعا للسقف الاردني وتحديا للسياسات الصهيونية الممارسة ضد الشعب الفلسطين وانعكاسها على الامن الوطني الاردني .
والملك الذي حاول جاهدا اقناع الادارة الامريكية في اكثر من مناسبة بضرورة اتخاذ موقف غير منحاز لمشروع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي دمر كل اتفاقيات السلام مع الدول العربية "مصر الاردن وفلسطين" والذي تبنته ادارة ترامب بأعتباره " صفقة القرن" الا انه لم يستطع بسبب الانحياز المطلق الذي ابداه ويبديه الرئيس الامريكي دونالد ترامب ومستشاريه لنتنياهو ،ولذلك بأعتقادي اختار الملك مجلة ديرش بيغل الالمانية ليوجه من خلالها رسالة الى الدول الاوروبية التي تستعد لاتخاذ احراءات عقابية ضد الكيان الصهيوني في حال اقدم نتنياهو على ضم الضفة الغربية والاغوار الى اراضي فلسطين المحتلة عام 48 مفادها ان المنطقة ستعيش اياما صعبة في حال اقدم نتنياهو على مخططه هذا ، وان اوروبا بحكم موقعها ستتضرر من الفوضى التي ستشهدها المنطقة لان الرافضين لاي صلح مع اسرائيل كثر وسيجدون مبررات عديدة لرفع درجة المطالبة بالكفاح المسلح او استخدام العنف من قبل جماعات التطرف الموجودة في المنطقة وهو ما لاتريده اوروبا المنهكه من حالات اللجوء ومما تعيشه الان تحت وطاءت مواجهة جائحة كورونا .
والملك الذي يدرك ان هذا المخطط الذي تسعى له حكومة نتنياهو سيضع الاردن امام خيارين : الاول، ان يقبل الاردن بالامر الواقع الذي سيفرضه نتنياهو ما يؤدي الى تهديد الامن الوطني الاردني وهذا مستحيل ولا يمكن القبول به، والثاني المواجهة مع الكيان الصهيوني واتخاذ اجراءات قوية ضد اسرائيل تبداء من تجميد العمل بالمعاهدة وسحب السفراء اووقف العمل باتفاقية السلام وهذا الخيار اقل كلفة على الاردن من كلفة القبول بالمشروع الصهيوني ، لذلك اعلن الملك انه في حال اقدمت حكومة نتنياهو على ضم اجزاء من الضفة الغربية والاغوار فانه سيصدم مع الاردن ، والصدام ليس بالضرورة عسكريا .
كما ان التحذير الذي وجهه الملك والمتعلق بالسلطة الوطنية الفلسطينية يكشف القلق من التداعيات الخطيرة التي قد تشهدها الساحة الفلسطينية والمنطقة في حال اقدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس على الغاء اتفاقية السلام مع الكيان الصهيوني وحل السلطة الفلسطينية ردا على خطوات نتنياهو بحق الفلسطينين ، وهذا التحذير باعتقادي موجه للادارة الامريكية ،حيث ستعود الامور الى ما قبل العام 1994، وستنفجر المنطقة مرة اخرى بوجه الجميع ، وستتاثر المصالح الامريكية التي تعصف بها العديد من المشاكل من كابل الى بغداد الى العراق ولبنان واليمن والخليج العربي وليبيا وحتى امريكا الجنوبية .
ان تحذير الملك للمجتمع الدولي بضرورة اتخاذ اجراءات رادعة بحق الكيان الصهيوني سيحمي المنطقة والعالم من مخاطر عديدة ، لكن في حال ادار المجتمع الدولي ظهره لهذه التحذيرات سيؤدي حتما الى تفجير المنطقة ،ولن تنفع العلاقات المتميزه بين الاردن وامريكا ولا علاقات امريكا مع الحلفاء من العرب، فالوضع لم يعد يحتمل والغطرسة التي يمارسها رئيس كيان العدو الاسرائيلي نتنياهو تحتاج الى اكثر من كلام يتحدث عن اهمية الاستقرار اوالعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية ، اواستقرار الدول وفقا لحسابات المشاكل في الاقليم ،فالتهديد الداخلي للاردن ولدول المنطقة اكبر من كل ذلك وستتأثر به اوروبا ايضا ،ولن تكون المصالح الامريكية بمنأى عن خطر الانفجار، ومن هنا اعتقد جازما ان الملك كان يقول في حديثه لمجلة دير شبيغل قد اعذر من انذر .