حتى كتابة هذا المقال لم يتم الإفراج عن محطات جولة وزير الخارجية الأمريكي بومبيو إلى المنطقة المزمع القيام بها بدءا من زيارة الكيان الصهيوني " ما لم تحدث مفاجأة " آلتي تأتي في خضم مرحلة إنشغال العالم بغالبيته بمواجهة وباء كورونا وتداعياته المستقبلية على كافة الأصعدة السياسية " وما يرافقها من إمكانية تبلور كتل واحلاف ومحاور جديدة " والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
توقيت الزيارة :
تأتي زيارة بومبيو للمنطقة والتي تتزامن مع مرور 72 عاما على إغتصاب فلسطين وصناعة كيان إرهابي يسمى " إسرائيل " في ظل توقيت عصيب للرئيس ترامب وإدارته من حيث :
● تهاوي الإقتصاد الأمريكي نتيجة جائحة كورونا وإرتداد الإقتصاد الأمريكي من حال قمة النماء والإزدهار إلى مرحلة الركود العميق وما المؤشرات الرئيسية للإقتصاد الأمريكي وإرتفاع نسبة البطالة إلى مستويات عالية والتي قد تتعمق خلال الأسابيع والأشهر القليلة القادمة مما تهدد فرص نجاح تجديد رئاسة ترامب لدورة ثانية مع حسن إستثمار الأخطاء القاتلة لإدارة ترامب من قبل الحزب الديمقراطي المعارض .
● فشل إدارة ترامب بحماية صناعة النفط التي كانت تعد من أكبر داعمي حملته الانتخابية وما حملته الهستيرية على المملكة العربية السعودية أولا وروسيا ثانيا إلا للتهرب من تحمل المسؤولية عن تخبط وتناقض قرارات فريقه الذي راهن على نجاح لغة التهديد والوعيد بأشكال فجة .
● فشل الرئيس ترامب وإدارته بتحقيق أي إنجاز على صعيد ملفات السياسة الخارجية على مدار فترة ولايته " اللهم إلا إذا إعتبر طرح صفقة القرن المناقضة للقانونين الدولي والإنساني التي لم تجد في العالم من يقبل بها او يدعمها إنجازا مهما " وما إنعزال الموقف الأمريكي في القرارات الصادرة عن المؤسسات الدولية إلا أبلغ دليل على عقم سياسته الخارجية المعزولة عن الاجماع الدولي خاصة فيما يتعلق بملف القضية الفلسطينية وعلى رأسها ما يسمى صفقة القرن .
● تراجع النفوذ الأمريكي على الساحة العالمية نتيجة لسياسة التعامل العنجهية التي إنتهجتها إدارة ترامب مع العالم بشكل عام ومع الحلفاء التاريخيين بشكل خاص وما دعوة دول أوربية نافذة لانتهاج سياسة أمنية خاصة إلا عنوان لذلك وما يشكله من بداية الانفكاك عن المظلة الأمريكية وهذا ما قاد ويقود إلى تعاظم دور النفوذ الصيني والروسي وانحسار واضح للدور الأمريكي بقيادة العالم شبه المنفردة لسنوات طويلة .
أهداف زيارة بومبيو :
من حيث الأهداف فهي تختلف بإختلاف المكان ولكنها بالتأكيد تلتقي عند نقطة تمكنه من إمكانية تجاوز التحديات الواردة أعلاه تحت عنوان ظروف توقيت الزيارة والتي يمكن تلخيص اهمها في النقاط التالية :
أولا : دعم برنامج حكومة عصابات مجرمي الحرب نتنياهو وغانتس التوسعية وتحديها للنظام الدولي القائم على مبادئ الامم المتحدة وأهدافها بترسيخ الأمن والسلم الدوليين وحظر الإحتلال والتوسع بهدف شرعنة وإدامة الإحتلال الإستعماري الإحلالي وتقويض حق الشعب الفلسطيني بالتحرر والتمتع بالحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس تنفيذا للقرارات الدولية ذات الصلة .
ثانيا : التمهيد لقرار تخفيف العقوبات على إيران وتبديد المخاوف الإسرائيلية وفقا لتقارير صحفية وما التصريح الأمريكي بأن إيران لم تعد تشكل خطرا على المصالح الاستراتيجية الأمريكية إلا مقدمة لذلك .
ثالثا : ممارسة ضغوط على دول عربية لبناء علاقات متقدمة مع الكيان الصهيوني في حال تعذر إقامة علاقات دبلوماسية علنية علها تساعد بتعزيز فرص تقدم ترامب إنتخابيا .
رابعا : ممارسة ضغوط على الدول الثرية والفقيرة لإرغامها على عقد صفقات عسكرية وتجارية ومالية في محاولة لإنقاذ بعض القطاعات الاقتصادية الامريكية التي تهاوت تحت طائلة التهديد وفرض عقوبات .
ما تقدم لا يمثل إلا فيضا من غيض للأهداف الأمريكية بعهد الرئيس ترامب التي استغلت مرحلة الضعف والخلافات البينية العربية السائدة وما يعتريها من نزاعات مسلحة وعدم إستقرار وغياب الديمقراطية ودولة المواطنة إضافة إلى ما تتعرض له دول تحتل مكانة استراتيجية لتهديدات دول إقليمية مما يستدعي وجوب الرد على سياسة ترامب التي عنت وتعني :
• للمجتمع الدولي إنقلابا على ميثاق الأمم المتحدة وعلى الشرعة الدولية
• كما تعني للدول العربية بغالبيتها ترسيخا لسلب سيادتها والسعي لابتزاز مواردها وثرواتها بوقاحة وعنجهية لم تعتد عليها بعض الدول في التعامل مع إدارات امريكية سابقة .
في حال التردد أو التقاعس عن مواجهة خطط ترامب وإدارته بتحالفه غير المسبوق مع الكيان الصهيوني وقياداته المتطرفة فإن النتيجة ستؤول حتما إلى بسط وتنصيب الكيان الصهيوني قائدا وزعيما وشرطيا للمنطقة بأسرها .
الرد المتوقع بأبسط أشكاله يتمثل في :
▪الإعتذار عن إستقبال الوزير بومبيو في أي دولة عربية سواء كانت زيارته مبرمجة أو غير مبرمجة فالإعتذار يعني إنتصار لفلسطين وللأمن العربي .
▪تنظيم فعاليات إحتجاجية مناهضة للزيارة وأهدافها التآمرية على الوطن العربي وقلبه فلسطين .
▪تجميد كافة العقود المبرمة مع امريكا من قطاعات وصناعات عسكرية وإقتصادية وإستثمارات مباشرة وغير مباشرة عقابا على المواقف العدوانية لإدارة ترامب بحق الحقوق العربية وعنوانها الحقوق الفلسطينية التي أجمعت القيادات العربية وشعوبها على مركزيتها .
▪قطع كافة أشكال العلاقات مع الكيان الصهيوني الذي أثبتت الأحداث خطورته على أمن وإستقرار ووحدة الوطن العربي الكبير بأقطاره وما حنثه باتفاقياته المبرمة مع الأردن وفلسطين ومصر إلا مؤشر هام على طبيعته العدوانية وعنصريته والإنقلاب على عهوده عند أول إنعطافة تلوح له. ....
هل من أمل. .. للاعتذار ...فلتكن نقطة تحول نحو التضامن الفاعل. ...؟ !