اخبار البلد _ تزدحم أمام رئيس الوزراء المكلف الدكتور عون الخصاونة ملفات مهمة وحساسة، سواء على الصعيد الداخلي، او الاقليمي، وحتى الدولي، بشكل كبير.
ولعل القراءة الاولية لواقع الحال تتوقف عند عدة ملفات على الصعيد الداخلي من أبرزها الانتخابات البلدية، والنيابية، التعديلات الدستورية، الوضع الاقتصادي، الفساد ومكافحته بحزم، علاقة الحكومة مع الاخوان المسلمين، التعامل مع الحراك الداخلي الرامي للاصلاح، علاقة الاردن بالدول العربية، النظرة للربيع العربي، وغيرها من الملفات التي لا يقل احدها عن الاخر أهمية.
ويحيط بكل هذه الملفات السؤال ذاته حول آلية تعامل الحكومة الجديدة معها. وعلى الرغم من أن الصورة لم تكتمل ملامحها بعد، فإن رئيس الوزراء المكلّف الدكتور عون الخصاونة، بدأ بوضع النقاط على حروف الكلمة الحكومية في مفاصل هامة، تستند بالاساس الى بناء بنية تشريعية قوية لمفاصل هامة في كل الملفات الحساسة، وانطلاقا منها -وفق الخصاونة- يكون القادم إيجابيا ومبنيا على أسس قوية ذات جدوى بكل الاتجاهات. رئيس الوزراء المكلف كشف في حديث لـ»الدستور» عن تفاصيل تتعلق بتشكيلة الحكومة الجديدة، وعلاقتها مع الاخوان المسلمين، والاتجاهات التي ستتبع في موضوع الانتخابات البلدية والاستعدادات للنيابية، وسبل مكافحة الفساد، وآلية تعامل الحكومة مع ملف الاعلام والحريات، وغيرها من التفاصيل.
لم يبت الدكتور الخصاونة في الكثير من القضايا التي طرحتها «الدستور» في أسئلتها، وترك القرار النهائي بشأنها للفريق الحكومي مجتمعا، لرؤيته بضرورة العمل الجماعي من جانب، وبأن حساسية عدد من القضايا تتطلب قرار فريق كامل وليس توجه شخص، وتحديدا في موضوع تأجيل الانتخابات البلدية، وإعادة النظر في التعديلات الدستورية.
ويؤكد الدكتور الخصاونة خلال الحوا أن الفريق الحكومي يجب أن يكون «تشكيلة»، بمعنى أن يكون متنوعا بكل الاطياف والاحزاب وحتى الاعمار.
الكثير من الملفات والقضايا كانت لها تفاصيل مهمة في حديث الدكتور الخصاونة الذي كشف عن توجهات الحكومة بشأنها في الحوار التالي:
تشكيلة متجانسة
الدستور: لنبدأ من حراككم في موضوع تشكيل الحكومة الجديدة الذي بدأ منذ أمس الاول، هل لنا ان نعرف ما هو توجهكم بهذا الشأن، في قراءة أولية للفريق الوزاري؟.
الخصاونة: الشكل النهائي للحكومة لم يتضح بعد، وهذا يعتمد على اللقاءات التي أجريها حاليا، في ظل وجود اشخاص يمكن ان يقبلوا بان يكونوا اعضاء في الحكومة واخرين لا يقبلون، لكن صورة التشكيلة ومن سيشارك بالفريق الوزاري لم تنته بعد.
وآمل هنا أن تكون «تشكيلة» بالمعنى الحقيقي للكلمة، بأن تكون فيها شخصيات حزبية إن أمكن، ومستقلة يكون لها ثقل في البلد وتحديدا في موضوع نزاهتها وخدماتها وخبرتها، وأيضا أن يكون بها شخصيات «تكنوقراط»، إضافة الى أن يكون بها تنوع في موضوع الفئات العمرية، وتجمع شبابا وكبارا بالسن. بالمحصلة أسعى الى أن تكون مزيج متجانس.
مشاركة الاخوان المسلمين
الدستور: ونحن نتحدث عن التشكيلة الحكومية، ماذا بشأن انضمام الاخوان المسلمين الى الفريق الحكومي، في ظل تصريحات صدرت امس عن رفضهم الانضمام لاي حكومة ليست برلمانية، وكأنهم يعلنون انسحابهم المبكر من الانضمام للحكومة؟.
الخصاونة: هذه مسألة لا يمكن ان تحدث الان، فمن الصعب ان تتشكل حكومة برلمانية الا اذا تم حل البرلمان الان، وإجراء انتخابات ستتم بموجب قانون الانتخاب القديم الذي يرفضه كثيرون، في ظل التعديلات الدستورية التي قيدت الحكومة بعدم سن أي قانون مؤقت، بمعنى أن الساري قانون «الدائرة الوهمية» والصوت الواحد، وهذا ليس من مصلحة أحد.
أسعى من خلال الاصلاحات التي أؤكد أني جاد بتطبيقها، في ظل ما تركته من منصب رفيع المستوى في محكمة العدل الدولية من أجلها، أن أضع لها أرضية بعيدا عن أي مصلحة شخصية، ومن ثم ستكون هناك حكومة برلمانية.
ما يهمني هنا ألا يتم استبعاد الاخوان المسلمين، وان يكون لهم دور في الحكومة الجديدة.
الدستور: ما هي طبيعة الاتصالات بينكم وبين الاخوان المسلمين حتى الان، هل تمت لقاءات مع شخصيات منهم؟.
الخصاونة: حتى الان لم ألتق بأحد من الاخوان المسلمين، وقد بدأت اتصالاتي ولقاءاتي مع شخصيات مختلفة، لكن حتى الان لم التق بهم، حيث التقيت بالنواب والاعيان، وشخصيات لغايات الاستشارة، وهذا كله يتطلب وقتا.
في توجهي ان يكون لي لقاء معهم اليوم، الى جانب شخصيات اخرى من مختلف الاطياف السياسية.
ولا اريد ان ادخل معهم بسجال، لكن واجبي يقتضي ان ادعوهم واتمنى عليهم ان يكونوا في الموقف المشارك وليس الموقف المعارض.
تأجيل الانتخابات البلدية
الدستور: من أبرز الملفات التي تستعد للتعامل معها الحكومة، ملف الانتخابات البلدية، ما هي توجهاتكم تجاه هذا الملف، في ظل حديث عن تأجيلها لعدم اكتمال الاستعدادات اللازمة بشأنها؟.
الخصاونة: لا أريد الدخول بتفاصيل هذا الملف، والقرار بشأنه يجب ان يشارك به الفريق الوزاري بشكل عام.
ولا يجوز ومن غير الملائم أن أفرض رأيا في هذه المسألة، وأن أقرر بمفردي التأجيل او عدمه، لكن بشكل عام، لم يعد هناك وقت لاجراء الانتخابات في وقتها، ومع هذا أفضل ان يكون القرار النهائي للفريق الحكومي والوزراء المختصين. وأعتقد أن الحكومة يجب أن تكون عندها ولاية عامة ومسؤولية نحو هذه الامور ومن شروطها ألا يكون لديها مواقف مسبقة تجاه مثل هذه القضايا وأن تخضع للتشاور قبل اتخاذ أي قرار.
الأولوية لقانون الانتخاب
الدستور: ما هي توجهاتكم في ما يتعلق بقانوني الاحزاب والانتخاب؟.
الخصاونة: هذا الامر بحاجة الى دراسة قانونية اولا من لجان قانونية متخصصة، ومن ثم الحكومة.
والاولوية بالنسبة للحكومة الان هي قانون الانتخاب.
الدستور: الترتيبات التشريعية بصورة عامة إحدى أساسيات كتاب التكليف السامي للحكومة، ما هي أبرز توجهاتكم بهذا الخصوص؟.
الخصاونة: الاولوية الان ستكون لقانون الانتخاب، اضافة الى انه في حال أجلت الانتخابات البلدية، فسيكون هناك توجه لتعديل قانون البلديات، هذا الى جانب قانون الهيئة المشرفة على الانتخابات.
الدستور: في موضوع اللجنة المشرفة على الانتخابات، هل لنا ان نعرف تصوركم حيالها؟.
الخصاونة: ما من شك أن إنجاز قانون الهيئة المشرفة على الانتخابات النيابية سيكون اذا تمكنا من تحقيقه «الديمقراطية» بالمعنى الحقيقي، ذلك أنه دائما ما يؤخذ على الانتخابات التدخل فيها، لكن الان في حال وجود لجنة بها شخصيات قائمة عليها يعملون بنزاهة، فإن هذا سيكون هو المفتاح للديمقراطية بصورة عملية متكاملة.
التعديلات الدستورية.. ومكافحة الفساد
الدستور: هل نتوقع أن تعيد الحكومة الجديدة النظر في موضوع التعديلات الدستورية أيضا، في ظل حديث يدور عن توجه لإجراء مزيد من هذه التعديلات؟.
الخصاونة: الدستور ليس من السهل ولا من المصلحة إعادة فتحه، لكن بنفس الوقت، فهو ايضا ليس منقوشا بحجر.
الدستور: ما هو الجديد الذي تحمله أجندة الحكومة الجديدة في موضوع مكافحة الفساد، وأنتم رجل القانون، ولا بد أن يكون لكم توجهات حازمة بهذا الخصوص؟.
الخصاونة: نحن الان في اتجاه فتح ملفات الفساد، والمهم ان يكون هذا التوجه في إطار أن يحفظ للمتهمين ومن يحوم حولهم شبهات فساد أن لهم الحقوق كافة التي يجب أن تتوفر في محاكمة عادلة وأدلة دامغة، وألا تسيس هذه القضايا. وهذا هو المهم في هذه المسألة.
الإعلام والحريات
الدستور: ما هي توجهاتكم في ملف الاعلام وموضوع الحريات، لا سيما أن هذا الجانب حظي باهتمام واسع من قبل جلالة الملك في كافة المناسبات، وفي كتاب التكليف السامي لحكومتكم؟.
الخصاونة: لا يوجد إعلام منفلت، أو أن تترك الامور دون مسؤولية بالطعن في الاشخاص واغتيال شخصياتهم، فالاعلام في العالم كله يسير ضمن معادلة من جانب يتمثل بالحرية، وجانب آخر بالمسؤولية والمهنية، ونحن هنا لا نعيد اختراع العجلة، فالمسألة واضحة بضرورة تحقيق هذه المعادلة.
الدستور: وماذا عن توجهات حكومية سابقة لدمج مؤسسات إعلامية مع بعضها البعض او فصل اخرى عن بعضها؟.
الخصاونة: نهضة الامم تتحقق باستقرار التشريعات والمؤسسات. السؤال الحقيقي هنا هو: ما فائدة الدمج على المواطن، وهل زادت فعالية ما تم دمجه او فصله، وما دامت لا توجد حاجة فانا مع إبقاء الوضع على ما هو عليه.
«إعادة الهيكلة».
الدستور: في الشأن ذاته، ما مصير التوجه الحكومي السابق باعادة هيكلة القطاع العام، وبرنامج اعادة هيكلة الرواتب لموظفي القطاع العام، وهل نتوقع ان تكون للمواطن وتحسين دخله مساحة واسعة في خططكم؟.
الخصاونة: المفروض ان تكون الحكومة وبرامجها كاملة في خدمة المواطن، وليس في مساحة محددة. وفي موضوع إعادة الهيكلة كثيرا ما سمعنا عن هذه الخطط، وكأنه في كل يوم ثلاثاء هناك ثورة إعادة هيكلة، وأؤكد أنه ما دامت لا توجد حاجة لمثل هذه الاجراءات فأنا مع إبقاء الوضع على ما هو عليه.
اقتصاد مفتوح
وعدالة اجتماعية
الدستور: تتسلمون مهامكم وسط ظروف استثنائية، ليس فقط محليا، بل أيضا إقليميا وعالميا، كيف تقرؤون ما يحدث من حراك نحو الاصلاح يرى فيه كثيرون أنه تغيير لخريطة العالم؟.
الخصاونة: ما يحدث في العالم وأن ألف مدينة تشهد مظاهرات، دليل على أن الرأسمالية المتوحشة سقطت، وأن فكرة أن قوى السوق هي التي تعيد توازن العالم وتؤدي الى العدالة لم تعد موجودة.
ولا شك ان الدولة يجب ان تعود الى عملها التقليدي لان ترك كل شيء للاعمال والمال يتلف الدنيا، ذلك ان اساس الحكم هو العدل، واساس العمل الاقتصادي هو الربح، والعدل والربح لا يسيران معا، ولا يتفقان.
وبالتالي فالدولة عندما تتخلى عن مهامها، فان المقاييس تختلف وتغيب العدالة الاجتماعية، وأنا هنا لا أدعو للتسيير الكامل على طريقة الشيوعية والاشتراكية، ففي الاردن علينا ألا ننسى أن القطاع العام هو باني البنية التحتية ويجب أن يكون هناك مزيج ونظرة للعدالة الاجتماعية، وبالتالي تتحقق معادلة «اقتصاد مفتوح مع عدالة اجتماعية».
متفائل بالربيع العربي.. وحزين على ضحاياه.
الدستور: وكيف تنظرون الى ما يسمى «الربيع العربي»؟.
الخصاونة: انا متفائل بكل ما يقع من احداث، لكني حزين على كل من يسقط من قتلى نتيجة للاحداث العربية.
ويأتي تفاؤلي انطلاقا من ان العالم كان يرى ان العالم العربي أمة ميتة. الان في الكثير من دول العالم في سيدني او طوكيو او باريس على سبيل المثال، عندما تخرج مظاهرات يقال: نحن تعلمنا الشجاعة من الدول العربية والعرب، وهذا امر مهم.. لكن، ليست كل ثورة تنتهي نهاية سعيدة، فالكثير من الثورات تنتهي بمآس وخسائر.
الدستور: وماذا عن الحراك الذي يشهده الشارع المحلي في موضوع الاصلاح؟.
الخصاونة: اذا استطاع المواطنون في الاردن ان يحققوا اصلاحات وان يفعلوا ذلك دون ان يضحوا بالبلد ويخاطروا بالسلم العام به، ومكتسباته التي بنيت بتعب وجهد المواطنين، اذا استطاع الناس المحافظة على هذه المكتسبات وايضا تحقيق الاصلاح، فالوضع إيجابي.
السياسة الخارجية.
الدستور: هل نتوقع تغييرا في سياسات الاردن الخارجية؟.
الخصاونة: أتمنى أن يكون هناك تقارب أكثر مع الدول العربية والاسلامية، وان يكون تعاملنا مع دول العالم الثاني مبنيا على أساس ميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي.
الدستور: ماذا بشأن ملف انضمام الاردن لمجلس التعاون الخليجي؟.
الخصاونة: أي معلومات سأتحدث عنها بهذا الاطار ستكون مجرد «حدس» أكثر من كونها معلومة، لكن حتما، لن تتغير الخطوات المتبعة بهذا الاطار، وسنستمر بذات النهج والترتيبات.