لعل من أهم الآثار المترتبه على انتشار فايروس كورونا عالميا، ان هذا الوباء قد اثبت ان معادلة العولمه ومقاييسها والتي تعتمد على السباق العالمي الاقتصادي والعسكري على حساب الإنسان وصحته هي معادلة مغلوطة، وأن العولمه الجديده ما بعد كورونا تحتاج إلى صياغة جديده ومرتكزات تاخذ في اولوياتها احترام كرامة الإنسان وصحته وسلامته،بعيدا عن الراسماليه المادية البحته القائمه على السيطره على مقدرات الشعوب بأية وسيلة كانت ولو تمثلت بالابادة الجماعيه لبعض الشعوب،
فلم تجدي المادة نفعا في مواجهة وباء كورونا، ولم يثمر السباق العسكري والاقتصادي عن اية فاعلية في الحد من انتشار هذا الوباء، فهاهي أضخم البوارج والسفن وحاملات الطائرات تقف مرعوبة في أعالي البحار خوفا من وصول الوباء إلى طواقمها، وها هي أقوى دولة في العالم اقتصاديا وعسكريا تنهار صحيا واجتماعيا وسياسيا وتقف عاجزة عن مواجهة هذا الوباء، بل وتسجل المرتبة الأولى عالميا في عدد الاصابات والوفيات، وهاهي الدول الاوروبيه العظمى والتي اوجدت لنفسها كيانا واتحادا يمثل قوة اقتصاديه وعسكريه على الخارطة الدوليه قد باتت هي الأخرى تشهد حصادا يوميا في حياة شعوبها وفشلت انضمتها الصحيه في مواجهة هذه الجائحه، ولن يقتصر الأمر عند هذا الحد بل امتدت آثار هذا الوباء لتؤثر على نظامها الايديولوجي وعلى عملتها وجواز سفرها والتي تتعامل بهما جميع اقطارها،
ستفرز لنا الايام القادمه وبعد زوال هذا الوباء ظهور أزمات دوليه، فقد يتمخض عن هذا الوباء تفتت الاتحاد الأوروبي وظهور أوروبا الشرقيه وأوروبا الغربيه وقد يختفي اليورو ولربما تزول الشنغن ويصبح التنقل ما بين دول الاتحاد محكوم بشروط وقيود،
ولربما نشهد شرخا سياسيا داخل الولايات المتحده يتجلى في ظهور فجوة كبيره بين الفدراليه والكونفدراليه، وذلك بعد أن أظهر الرئيس الأمريكي تخبطا غير مسبوق في إدارة الازمه وتفرد حكام الولايات باتخاذ القرارات الكونفدرالية بعيدا عن قرارات البيت الأبيض،
وقد نشهد أيضا صراعات اقتصاديه وسياسيه ولربما عسكريه بين أمريكا والصين وولادة جديده لنموذج دول الحلفاء ودول المحور في قالب جديد،
، كل هذه التداعيات اعتقد انها تصب في مصلحة الأردن، فقبل كورونا كان الأردن يعاني من أزمة اقتصاديه وأزمة الخنق السياسي بسبب موقفه من أزمة صفقة القرن، ولكن ما بعد ظهور هذا الوباء وانتشاره عالميا فقد اثبت الأردن للعالم ولكافة المنظمات الدوليه بأنه البلد الأكثر نجاحا في التخطيط َو إدارة الازمات ايا كان نوعها، فقد سجل الأردن حرفية متميزه ومهنية عاليه في مواجهة هذا الوباء سوآءا في مجالات عدد الاصابات او ساليب الوقايه والتقصي الوبائي او العلاجي، وقد اثبت الأردن ان لديه نظام صحي لم تصل اليه اكثر دول العالم تطورا في هذا المجال
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل اثبت الأردن انه من افضل الشعوب في التكافل الاجتماعي وفي تعزيز سيادة القانون وترسيخ مفاهيم الدولة المدنيه وتجسيد مفاهيم المصلحة الوطنيه، كل ذلك حدث بفضل قيادة حكيمه أشرفت بنفسها على خلية إدارة الازمه لايمانها المطلق بأن الإنسان أغلى ما نملك،
لقد احتلت الأردن مركزا مرموقا في مواجهة هذا الوباء، فاحتلت بذلك مركز الصداره عربيا وعالميا في مواجهة هذا الوباء، واصبحت التجربه الاردنيه انموذجا عالميا تحاول الدول جاهدة في الاستفادة منه، فها هي محطات التلفزيون العالميه تتسابق فيما بينها لإجراء لقاءات مع جلالة الملك ومع فريق إدارة الازمه،
نجاح الأردن لغاية هذه اللحظه في إدارة الازمه والتي نسأل الله أن تستمر فيتعافى الوطن من هذا الوباء سيكون له شان كبير ينعكس ايجابا على الاردن اقتصاديا وسياسيا ومهنيا ودوليا،
الأردن ينطلق من انسانيته وسوف نرى في القريب ان شاء الله مستشفيات أردنيه ميدانيه في العديد من الدول العربية والدول الصديقه، وسنرى أيضا المستلزمات الطبيه والادويه الاردنيه تصل مجانا إلى دول أخرى متضرره،
كل ذلك سيتم ان شاء الله لأننا في الأردن. قيادة وحكومة وشعبا نؤمن إيمانا مطلقا بانسانية الإنسان وكرامته أينما وجد وحيثما حل، فعلينا ان نعظم إنجازاتنا و ان نعتز بقيادتنا ومؤسساتنا واجهزتنا العسكريه والصحيه.
حمى الله الأردن، وحمى الإنسانية جمعا.