عن الطاعون الذي ضرب أوروبا في العصور الوسطى

عن الطاعون الذي ضرب أوروبا في العصور الوسطى
أخبار البلد -   اخبار البلد-
 

حدثت الأوبئة طيلة التاريخ وما تزال، أكبرها وأخطرها المسجّل بما سمي «الموت الأسود» الذي فتك بأوروبا وجوارها في القرن الرابع عشر قادما من الصين حيث بدأ (1344) فحسب المصادر التاريخية الأوروبية والطبية، دخلت سفينة ميناء جنوا الإيطالية (1347 م) لمدينة كفا في شبه جزيرة القرم، حاملة على ظهرها شحنة قاتلة من الطاعون الدبيلي/ اللمفاوي إلى اوروبا، وهو مرض معدٍ وأعراضه كثيرة منها الحمى المرتفعة، أو البرودة الشديدة، أو الخور، وتورم العقد اللمفاوية، ونزيف يميل إلى السواد ما جعل الناس يسمون هذا الطاعون بالموت الأسود(Black Death). الذي يشتد فتكه إذا غزا الرئتين، فعندئذ يتسبب بالموت للمصاب به.
وصل الطاعون أوروبا وبلدان البحر الأبيض عبر التجارة والطرق التجارية البرية والبحرية من الصين وأواسط آسيا حيث كان منتشرا ولكنه ما إن وصل (1347) إلى القرم والقسطنطينية حتى انتشر بسرعة، وضرب جنوا وصقلية ومرسيليا، ثم اسبانيا، والبرتغال، وانجلترا ، والمانيا، واسكندنافيا، وبعض بلدان ما يسمى اليوم بالشرق الأوسط.
واختلف الناس في اسباب المرض أو الوباء، فمنهم من نسبه إلى غضب الله عليهم لسوء أخلاقهم. ومنهم من نسبه إلى اضطرابات في الكواكب. ومنهم من نسبه إلى هزات أرضية، أو إلى أبخرة سيئة. وكثير منهم نسبوه إلى اليهود
(صالبي المسيح) الذين اتُهموا بتسميم الآبار فهاجموهم وقتلوا كثيرا منهم.
ألقى الطاعون بظلاله على الاتجاهات الاجتماعية السائدة آنذاك، فالأرض من حول الناس صارت تعج بالمقابر، والقرى مهجورة، والإحساس عند الناس أن الله تخلى عنهم، فزادت جرائم القتل. وقد حاولت الكنيسة التكفير عن الذنوب، فقام «إخوان الصليب» بالتجوال في الأرياف المنكوبة وهم يجلدون أنفسهم ويربطون أجسامهم بالحبال. وصار الأغنياء الناجون يتبرعون بالفتات إلى المؤسسات الخيرية، وبخاصة إلى المستشفيات، زكاة عن نجاتهم من الطاعون. أما الفن كالرسم فقد صار قائما وصارت رقصة الموت ترسم على جدران الأديرة. والكل يتحدث ان الحياة قصيرة ومأساوية.
لم يكن في تلك الفترة علاج لهذا الوباء، واقتصر الأمر على نصائح وقائية، مثل الدعوة إلى تقليل الأكل للأغذية الصعبة الهضم، أو إلى استخدام الأعشاب العطرية لتنقية الهواء، أو إلى الابتعاد عن الناس، أو إلى التمسك بأوهام وخرافات دينية.
استمر الطاعون نحو عشرين سنة في اوروبا وبلدان الشرق الأوسط. وقد فتك في اثنائها بثلث السكان (مائة مليون) حسب رواية، وبثلاثة أرباع السكان حسب رواية أخرى. ففي مصر – مثلاً – فتك بأربعين في المائة من السكان. وقد احتاجت أوروبا إلى ثلاثة قرون لاستعادة صحتها السكانية.
وبتضاؤل عدد السكان في اوروبا، صار كثير من الأملاك بلا ملاّك، وقرى بلا قرويين، وبانخفاض عدد الأيدي العاملة زادت قوتها في التفاوض مع أصحاب العمل، فطالبوا برفع أجورهم في انجلترا بمقدار خمسة أضعاف عما كان عليه الأمر قبل الوباء. صار الفلاحون يستأجرون الأرض من الإقطاعيين بالفلوس وليس مقابل العمل القسري. وحين حاولت الحكومات تخفيض الأجور أو تحديدها هب الفلاحون متمردين في فرنسا (1358) وفي انجلترا (1781).
ومع تلاشي الطاعون وتأدية (رسالته) كان قد قضى على نسبة كبيرة من رجال الدين ودفع نسبة كبيرة منهم إلى هجر عمله الكنسي. ونتيجة لذلك ضعفت سلطة الكنيسة وسلطة النبلاء. وأرخى الطاعون البنية الاجتماعية التي كانت متزمتة، مخلفا مجتمعات أكثر حرية وانفتاحا في مواجهة التحديات فيما بعد، أي التي جاءت بها النهضة والمطبعة والإصلاح الديني والتوسع الإقتصادي.
والآن فكر في الفرق بين عالم العصور الوسطى الجاهل المتخلف الذي فتك فيه الطاعون وهو عاجز أو مستسلم، وبين العالم العلمي والمتقدم اليوم الذي يتصدى للكورونا فيحصرها في أضيق النطاق، فعدد الموتى به يكاد يكون صفرا مقارنة بعدد السكان.
غير أنه يجب علينا بين طاعون الأمس «وطاعون» اليوم أن نتذكر أن الطبيعة لا ترحم من يخرج على قوانينها، وأنها لا تفرق بين أحد وأحد في السن أو في الجنس أو في اللون. نعم، إنها صبورة ولكنها سرعان ما ترد إذا استُفزت بتجاوز قوانينها كما في التلوث، وفي تدمير البيئة.


 

شريط الأخبار الأرصاد تنشر تفاصيل الحالة الجوية من السبت إلى الثلاثاء وفيات الأردن اليوم السبت 13/12/2025 مدرب النشامى يشيد بمساندة الأميرين علي وهاشم “الهجرة الدولية”: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم أول تشخيص لإصابة يزن النعيمات النشامى يتفوقون ويهزمون العراق .. إلى نصف نهائي كأس العرب الكرك والسلط الأعلى هطولًا .. المنخفض الجوي يرفع الأداء المطري فتح باب التقديم للدورة الأولى من جائزة زياد المناصير للبحث العلمي والابتكار 14.39 مليار دينار قيمة حركات الدفع عبر "إي فواتيركم" خلال 11 شهرا من العام الحالي ولي العهد : كلنا مع النشامى انخفاض قيمة الشيكات المرتجعة 17% حتى نهاية تشرين الثاني خلال أقل من 24 ساعة .. 9 وفيات بحادثي اختناق منفصلين بغاز التدفئة في الهاشمية - الزرقاء تجارة الأردن: ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية يؤكد قوة الاقتصاد الوطني جمهور النشامى .. مين بعرف شو احتفالية يزن نعيمات اليوم رح تكون ؟ نفوق سلحفاة كبيرة على شاطئ الغندور في العقبة -صور الأرصاد توضح تفاصيل حالة الطقس لـ3 أيام مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين ينعى الزميل الأستاذ بسام علي الياسين رغم الرسوم الأميركية .. صادرات الأردن تحافظ على زخم قوي في 2025 إخلاء منزل تعرض لانهيار جزئي في الشونة الشمالية الكشف عن بديل توني بلير لرئاسة مجلس السلام في غزة