تسعى الحكومات في شتى بقاع العالم الى الإرتقاء بالمستوى الحضاري لدولها, فتُسارع إلى إنشاء الجسور والطرق بغية جعل حياة المواطنين أسهل, وهذا ما قامت به الحكومة الأردنية وأمانة عمان الكبرى في عهد أمينها نضال الحديد بإنشاء جسر عبدون الذي اختصر المسافات والزمن بين عمان الشرقية والغربية, كما منح العاصمة عمان صورة جمالية بحيث يستمتع السائرون فوق الجسر بمشاهدة المناظر الجميلة لعاصمة جمعت بين التاريخ والحضارة.
لكن هذه المزايا أصبحت في خطر بعد أن تكررت حالات الانتحار في الأردن, وبالذات من فوق جسر عبدون الذي أطلق عليه البعض جسر الانتحار, فأصبح البعض يرتعب من السير عليه خوفاً من مشاهدة محاولة انتحار خلال عبوره الجسر, كما أصيب العديد من المواطنين بحالات من الذعر جراء مشاهدة جثث المنتحرين تحت الجسر وهي مهشمة, لنجد أن الصورة الجميلة التي كانت تحيط بجسر الأحلام تحولت إلى صورة كابوس مرعب.
كابوس الإنتحار
الوضع أصبح بحاجة إلى حلول جذرية للحد من حالات الإنتحار وإعادة صورة الألق لجسر الأحلام, وهو ما يضع الحكومة أمام واجبها الرئيسي الذي عليها تطبيقه, كون وظيفتها الأولى المحافظة على حياة المواطنين وتوفير الأمان لهم بفضل مشاريع نموذجية من طرق مميزة وذات أمان مرتفع ومن جسور تحظى بالأمان, والأخيرة تنقصها الأمان وتوفير الحماية للمواطن لذا نجد أن جسر عبدون قد أصبح قبلة الباحثين عن الموت والخلاص من الحياة.
حلول مقترحة
إن المطلوب من الحكومة وحتى تضمن حماية المواطنين تقليل مواطن الخطر, لذا فإن جسر عبدون بحاجة الى مشاريع خاصة بالحماية سواءً لمن فوق الجسر أو تحته, وهذا يعني إنشاء فاصل بين الطرفين يكون إما بجدار مرتفع وهذا أمر صعب ويقلل من نسبة جمالية الجسر, والأخرى بإنشاء شبكة أمان سواء برفعها من الجسر إلى الأعلى بحيث تمنع من يُفكر بالانتحار لصعوبة الصعود الى قمتها, أو أن تغطي الطبقة أسفل الجسر في المناطق المرتفعة, وبالتالي لن تؤثر على من يسيرون تحت الجسر وتوقف إصطدام أي جسم يقع من الجسر بمن هم أسفله, وبالتالي نوفر الحماية للجميع.
أسباب الإنتحار
وتختلف أسباب حالات الإنتحار من حالة إلى أخرى, فمنها ما هو عاطفي بسبب الحب ورفض الاهل للزواج, ومنها ما يكون كنتيجة لتعاطي المخدرات, وقد ينتحر البعض بسبب صعوبة الحياة وبالذات الإقتصادية إضافة الى بعض القضايا الخاصة, ومنها ما يكون كنتيجة للزواج القسري أو الإغتصاب, وهذه حالات يصعُب تتبعها قبل عملية الإنتحار, ورغم ذلك أوقفت الأجهزة الأمنية عدد من حالات الانتحار قبل حدوثها, لكن هناك حالات تمت ومات من قام بها, وبالتالي فإن على الحكومة أن تكون شريك كامل لأجهزة الأمن والمواطنين بحيث تساند الأمن في عمله من خلال جعل مهمة المُنتحر أكثر صعوبة مما يقلل من عمليات الإنتحار, وتمنح المقدم على الانتحار فرصة أطول للتفكير في عمله لعله يرتدع.
أعراض الإنتحار
يصعب تحديد صورة متشابهة للراغبين بالانتحار مما يجعل إنقاذهم غاية في الصعوبة, لكن هناك العديد من النقاط التي قد تُشير الى زيادة الرغبة في الإنتحار, ورغم ذلك فهي ليست دليل قطعي على محاولة الإنتحار, ومنها التلفظ بالكلمات الدالة على عدم الرغبة في الحياة والعزلة والمزاجية وتعاطي المخدرات وتناول المشروبات وامتلاك المواد المساعدة في عملية الإنتحار, لكن في قضية عبدون فإن أداة الإنتحار متوفرة ولا يوجد معوقات لوقف عملية قتل النفس.
المحصلة
المحصلة الرئيسة في الموضوع ترتكز على قيام الحكومة بتخفيض نسبة حالات الانتحار, وبما أنها غير قادرة على وقف الأسباب التي جعلت عدد ممن فقدوا الأمل في المستقبل يقدمون على الانتحار, وبالذات قدرة الحكومة على معالجة التراجع الإقتصادي أو معالجة قضايا الحب والغرام وانتشار المخدرات بين الشباب بسبب الوضع الإجتماعي الإقتصاي الصعب, فعليها على أقل تقدير أن تمنحهم بعض أسباب الحياة مثل الأمل والشعور بالأمان وجعل قضية الانتحار صعبة عليهم, كما عليها التركيز على المنابر القادرة على الوصول الى الشباب والشابات من أجل بث روح التفاؤل التي تجعل الكثيرين يتمسكون بالحياة على أمل غد أجمل