سؤال كبير لايمكن الإجابة عليه الآن، ولكن هناك مؤشرات على الاجابة مرتبطة بمعايير التدقيق، والفترة المحددة له، وكذلك طبيعة الشركة التي ستكلف بهذه المهمة.
ولكن الأهم في هذا السياق، ألا يكون الهدف من تكليف شركة محايدة للتدقيق على فواتير الكهرباء امتصاص غضب المواطنين، وتهدئتهم بعد أن تعالت الأصوات احتجاجا على قيمة الفواتير المرتفعة، وآلية احتسابها والتي تتضمن بنودا تثير استفزاز الأردنيين كبند فرق أسعار الوقود وفلس الريف ودينار التلفزيون ورسم النفايات.
كما أن توجه الحكومة لتكليف شركة محايدة، يمثل إقرارا حكوميا، بعدم قدرة الشركة على التعامل مع الشكاوى، وعدم قدرتها على إقناع المواطنين بصحة موقفها حتى بعد أن أكدت استعدادها لمراجعة وتدقيق فواتير المشتكين.
ولكن يجب أن تحذر الحكومة، عند تكليف الشركة بالتحقيق، أن المزاج الشعبي، بات لا يثق في شركة الكهرباء، ولا يثق أيضا بالحكومة، حيث يخشى أن تكليف الشركة «المحايدة» بالتحقيق سيؤدي إلى تبرئة «الكهرباء» من ارتفاع الفواتير، وتحميل هذا الارتفاع في الفواتير إلى الاستهلاك الزائد كما حاولت الشركة تبريره من خلال القول إن الاجواء الباردة هي السبب بزيادة الاستهلاك.
لذلك، اذا كانت الخطوة هدفها تخفيف الضغط الشعبي على شركة الكهرباء، وامتصاص غضب الناس، فإن ذلك سينعكس سلبيا على الحكومة والشركة في آن واحد، ولن تحقق الغاية منها، بل ستزيد من احتجاج المواطنين ورفضهم.
إذا أرادت الحكومة أن تخط طريقا جديدا في علاقتها مع المواطنين، فإنها بحاجة إلى اسلوب جديد في معالجة الشكاوى التي يقدمونها، وخصوصا في هذه المرحلة شكاوى فواتير الكهرباء حيث هناك اعتقاد لدى فئات واسعة من المواطنين، أن الشركة «غير صادقة» في التعامل معهم، وأن فواتيرها مبالغ فيها، وأن احتسابها يتم من خلال تحميلهم أعباء كثيرة.
لا يمكن ومن غير المعقول أن تكون الشكاوى العديدة التي ظهرت بخصوص فواتير الكهرباء كيدية، أو مبالغا فيها، أو هدفها تشويه شركة الكهرباء.. فالشكاوى حقيقية بعد أن لمس الكثيرون ارتفاعا كبيرا بالفواتير مع عدم وجود أي مبرر لهذا الارتفاع. لهذا من غير المقبول، أن تكون نتيجة التحقيق رافضة لكل الشكاوى، وتؤكد صحة فواتير الشركة.
كما يجب، ألا تطول عملية التحقيق والتدقيق، فأي إطالة سيفهم منها مماطلة بهدف إخفاء الحقيقة.